قدَّر اقتصاديون قيمة الدعم الحكومي لمختلف أنواع السلع في المملكة بما يراوح بين 300 و350 بليون ريال سنوياً، مطالبين الجهات المعنية بإيضاح حجم الدعم السنوي، ونصيب الفرد منه، مشيرين إلى أن هذا الدعم يذهب للمواطنين والمقيمين على حد سواء، والذي يصل إلى 12500 ريال سنوياً للفرد، تشكل حصة الأجانب منه نحو 100 بليون ريال. وأشار نائب رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة في مجلس الشورى الدكتور فهد بن جمعة إلى أن الرقم المجمل للدعم الحكومي لمختلف السلع «غير موجود»، مضيفاً: «أن الدعم يعتمد على السعر الأصلي للسلع المستوردة، والأرقام موجودة لدى وزارة الاقتصاد، إلا أنها غير معلنة». وأوضح ابن جمعة في حديثه إلى «الحياة»، أن المعلومات التي نشرها حول النفط كان مصدرها الوكالة الدولية للطاقة، وقام بتقويمها، مضيفاً أن الأرقام المتوقعة لحجم الدعم في قطاع النفط (بنزين وكهرباء) تصل هذا العام إلى 300 بليون ريال، مبيناً أن هذا الرقم لا يدخل فيه دعم الغاز، لأن سعره في المملكة 74 سنتاً، بينما يباع في الأسواق العالمية بـ3.56 دولار، ومنه يتضح حجم الدعم. وقال إن هذا الدعم لا يدخل في موازنة الدولة المحددة ببنود أربعة لا تتغيّر، إذ يعتبر الدعم بنداً خارجياً، مضيفاً أن دعم النفط لا يُنشر، وإنما تعطى الأرقام العالمية والأرقام المحلية، ومنها يتم استخراج الأرقام، منبهاً إلى أن استهلاك الفرد في السعودية للنفط وفقاً للوكالة الدولية للطاقة يبلغ 35 برميلاً سنوياً، بما يعادل 3500 دولار (13125 ريالاً)، وهو رقم كبير جداً. وبين أن هناك خطوات اتخذت في اتجاه تصحيح هذه الأسعار، ومن بينها البطاقة الاستهلاكية للوقود، التي تنظرها الجهات المعنية، مشيراً إلى أن قسماً من الدعم يأتي عن طريق الجمارك، من خلال تخفيضات جمركية. ولفت إلى أن الفرد في السعودية (المواطن والمقيم) يستهلك مبالغ طائلة تصرف من موازنة الدولة، مؤكداً صعوبة الوصول إلى حجم تأثير تقلص العمالة في الدعم، ولن يتضح إلا في نهاية العام المقبل، وهو رقم قابل للتغير في صورة كبيرة جداً، لأن حركة الاستقدام متفاوتة، ومن المتوقع أن تتم زيادة الاستقدام خلال العام الحالي لتعويض النقص. من جانبه، أشار الاقتصادي نظير العبدالله إلى أن التوفير في الموازنة من خلال تقلص الدعم للسلع، لا يتضح من خلال الأعداد المغادرة فقط، إذ إنه يحتاج إلى معرفة الأعداد القادمة أيضاً، يضاف إليهم التعداد السكاني للبلاد عموماً وقال: «تسجل سنوياً زيادة في السكان، يزداد عدد المواطنين والمقيمين، لذلك من الصعب الوقوف على تقديرات حجم الدعم السنوي الذي يقدم لمختلف السلع ما لم يتم إعلان ذلك رسمياً، وبعدها يتم بناء أرقام اقتصادية عليها». وأكد أن الأرقام التي يتم تداولها فيها الكثير من التفاوت «بعض الأرقام تشير إلى 300 بليون ريال لمجمل السلع، بينما أرقام أخرى تتحدث عن 350 بليون ريال بسبب حجم الدعم المقدم لقطاع الطاقة». وأضاف: «الكثير من الدعم لا يتم حسابه لأنه يتم من خلال ما تقدمه الدولة عبر المواد الخام لمختلف أنواع الصناعات في المملكة، وهذه قائمة مهمة تبدأ بالنفط ومشتقاته والغاز، مروراً بالكهرباء وتحلية المياه والبتروكيماويات والمعادن وصناعات الأسمنت، إذ تباع الخامات بأسعار زهيدة إذا ما قورنت بالأسعار العالمية». وقال: «لدينا قائمة كبيرة من الدعم يصعب الوقوف عليها من دون دراسة متخصصة لكامل الأرقام، ومن المفترض أن تقوم بها وزارة الاقتصاد». وأوضح أن إعلان الحكومة عن حجم الدعم الذي تقدمه إلى السلع من شأنه أن يزيد من توعية المواطنين بضرورة ترشيد الاستهلاك، وأن هذا الدعم مهم جداً في الوقت الجاري، على رغم أنه يستقطع من مشاريع التنمية الوطنية، كما أن دعم الحكومة للسلع وبعض الخدمات ليس بالأمر الجديد، وإنما هو سياسة عالمية تلجأ إليها جميع دول العالم، مشيراً إلى أن المملكة تقوم بدعم عشرات السلع، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وكان آخرها التخفيضات الجمركية لكثير من السلع. وقال: «هذا لا يعني المطالبة برفع الدعم، إذ إنه من الخطأ الانجرار خلف المطالبين برفع الدعم الحكومي عن السلع الرئيسة والخدمات، بحجة أن هذا الدعم يؤثر سلباً في موازنات الدولة، أو أنه يعد نوعاً من أنواع التدخل في الاقتصاد الحر المبني على قوى العرض والطلب، أو ترفضه منظمات دولية، خصوصاً صندوق النقد الدولي، والحقيقة أنه لا يمكن لأية دولة في العالم أن تتخلى عن مختلف أنواع الدعم لحاجات المواطنين، وهذا جزء من مسؤوليتها، خصوصاً للفئات المحتاجة، كما أنه في بعض الدول يعتبر جزءاً من تحقيق الرفاهية للمواطنين».