لا شك أن إسرائيل تستغل الاقتتال الدائر في العراق وسوريا لتفعل سياساتها الاستيطانية في فلسطين ولا سيما تهويد القدس. وهذا ليس غريبا على اسرائيل التي تغتنم أية فرصة أو أي حدث يشغل المجتمع الدولي للتنكيل بالفلسطينيين. وليس بالصدفة أنه غداة هجمات 11 سبتمبر قام شارون بإحدى أكثر العمليات العسكرية عنفا ضد الفلسطينيين. وبالرغم أن الهجمات على الاقصى تمثل فاجعة للفلسطينيين وللعرب وللمسلمين فإنها بشكل أو بآخر تمثل فرصة على العرب اقتناصها: فرب ضارة نافعة. فالأقصى يمثل قضية تهم الجميع وخاصة الجاليات العربية والمسلمة في الولايات المتحدة وبشقيها المسيحي والمسلم. ومن المفيد جدا ان تتواصل الجاليات مع المنظمات العربية في امريكا والتنسيق معها للتأثير على الرأي العام الامريكي وعلى صناع القرار في الادارة الامريكية بضرورة الاهتمام بقضية الاقصى. وهنا تستطيع المنظمات العربية تنشيط الجاليات للعمل على تسليط الضوء على اجرام الدولة العبرية وعلى السياسة الاقصائية التى تتبعها مع الفلسطينيين. وعمل الجاليات العربية داخل أمريكا ذو أهمية قصوى. فدولة مثل إسرائيل تعتمد بشكل كبير على الدعم الدولي الذي تؤمنه لها الولايات المتحدة وأكبر مثل لذلك هو الغطاء الجوي الذي أمنته امريكا لإسرائيل عام 73 والذي لولاه لما استطاعت الدولة العبرية النهوض. لذلك فاستقطاب الرأي الامريكي ذو اهمية عالية لدى صناع القرار الاسرائليين. والافعال والتصريحات التي تصدر عن الحكومة الاسرائيلية لا تنشأ بشكل تلقائي ولكن هي نتيجة بحث معمق لما يمكن أن تكون ردة الفعل عليها، فهناك مؤسسات ومنها مشروع اسرائيل، الذي يقوم بمسح دوري للرأي العام الأمريكي وبناء عليه يصدر توجيهات لكل من الحكومة العبرية واللوبي الاسرائيلي في امريكا حتى يعمل الجميع بشكل متناسق. وذلك يساعد الحكومة الاسرائيلية على اتخاذ القرارات المتناغمة مع الجو العام في أمريكا والقيام بتصريحات التي يمكن أن تلاقي قبولا لدى المجتمع الامريكي. كما أن التعدي على الأقصى يمثل نقطة جوهرية لبدء العلاقة مع الجاليات العربية والتنسيق معها فالمشكلة في السابق بالتنسيق مع الجالية العربية كانت تتمثل بتفاوت الاهتمامات. لذلك لم تنشط الجالية العربية لمسائل قد تكون هامة لدولة عربية أو أخرى ولكن المسجد الاقصى وما يمثله من قيمة معنوية لكل العرب والمسلمين يمكن أن يوحد الجاليات العربية على مختلف أطيافها كما يمكن أن يشكل نقطة تلاق مع الدول العربية. وهنا على العرب اللعب بذكاء واستعمال سردية يستسيغها المجتمع الامريكي. فاسرائيل دائما تطرح نفسها لامريكا انها مستضعفة وأنها محاطة بدول معادية وأنها دوما تواجه خطرا وجوديا. لذلك اسرائيل ستستغل اطلاق رصاصة واحدة حتى تقوم بقمع الفلسطينيين وما انتفاضة عام 2000 إلا دليل على ذلك. لذلك فالعصيان المدني والمظاهرات السلمية هي افصل سلاح لمحاربة التطرف الاسرائيلي. فالاعلام الامريكي والرأي العام ركع أمام الطفل الفلسطيني الذي يرمي الحجارة ورأى في هذا الطفل المقاوم الحقيقي مما أجبر اسرائيل على التفاوض مع الفلسطينيين والذهاب الى أوسلو. كما أن إسرائيل تلعب على سردية «الحرية الدينية» المزعومة ولذلك على الفلسطينيين اللعب على هذه الفكرة واستعمالها لصالحهم. ويجب تسليط الضوء على ردة فعل المتطرفين اليهود مما سيظهر الطبيعة الاقصائية والعنصرية للدولة اليهودية. ويتم كل ذلك بالتنسيق مع الجاليات العربية في أمريكا. فهم مواطنون امريكيون يصوتون في الانتخابات ولهم الحق بالمشاركة في صنع القرار السياسي فيستطيعون الضغط على ممثليهم في الكونغرس والتأثير على وسائل الإعلام. وهم سيكونون أكثر فعالية في التأثير على الرأي العام والقرار السياسي في أمريكا. * أخصائية في العلاقات الخليجية الأمريكية.