تعليقا على ما كتبه الدكتور سعيد السريحي قبل أيام عن تعميم جامعة الملك عبدالعزيز بالتحذير من عقد اجتماعات مختلطة بين المسؤولين والمسؤولات في الجامعة، علقت الدكتورة بدرية البشر في برنامجها (بدرية) عبر إم بي سي، بأن هذا المصطلح، نتيجة للتفرد بالرأي والفتوى، أصبح سيئ السمعة. وقد ننقذ سمعته باستبداله ووصف التقاء الرجال والنساء في أماكن العمل، كما هي الحال في الأسواق والأماكن العامة، بالحياة المشتركة. فات الدكتورة الفاضلة أن من أقفل سمعه وبصره عن الرأي الآخر لا تعوزه الاختراعات لتكسير أي مصطلح وتهشيم منطقه ودلالاته. غدا، لو اعتمدنا مصطلح الحياة المشتركة، سيأتي من يحور العبارة ويصوغها على طريقته الخاصة فيقول مثلا: (حياة الشر المشتركة)، أو (حياة الليبراليين العفنة) أو (حياة بدرية ومن لف لفها). هكذا، ببساطة ودون أدنى نقاش أو تمحيص أوتعقل، تنسف المصطلحات ودلالاتها لحساب من يسورون المرأة، حتى لو كان هناك فسحة من رأي أو فتوى شرعية، بأسوار متشددة أعلاها ألا تخرج من بيتها وأدناها أن تخاطب زميلها في القسم الجامعي من وراء جدران مغلظة، أو من خلال تعاميم تزايد، حتى في الأوساط الأكاديمية، على بعضها وجماهيريتها. ليست المشكلة إذن في المصطلح وما يعبر عنه بقدر ما هي في النظر إليه من زاوية شخصية تخص صاحب النظرة نفسها أو تخص تخريجاته الشرعية. ومن الطبيعي ألا تفرض هذه الزاوية على الآخرين الذين، أيضا، لديهم زواياهم الخاصة وتخريجاتهم الشرعية الأخرى. أي أن يترك ما فيه سعة خلاف على سعته دون أن تجر المصطلحات من أعناقها لتقام عليها حدود الرأي الفردي أو الفئوي. وهذا، بالمناسبة، مطلوب من طرفي الاختلاف وليس من طرف واحد فقط. الآن المرأة تعمل في كل مكان، جامعات ومراكز أبحاث وشركات وأسواق إلى آخره. والزمن تجاوز أولئك الذين يريدون أن يحشروها ويحشرونا في زوايا آرائهم الخاصة وعسفهم للمصطلحات، إما لتوافق هذه الآراء أو ليحكم عليها بالويل والثبور والمروق. لم تعد المرأة، فيما يبدو لي من تقدمها وحماسها في التعليم والعمل، معنية، كما حصل في السابق، في خلاف وجدل المصطلحات. ما تفعله هو ممارسة طبيعية لحقها في الحياة والفعل الوطني والمجتمعي العام ضمن حدود شرعية مرعية ومعروفة. وما عدا ذلك هو زبد يذيبه الوقت ويشتته التعقل الذي أصبنا جزءا كبيرا منه في السنوات الأخيرة.