أعادت اتهامات للشرطة المصرية بقتل مواطنين داخل قسمي شرطة في محافظتي الإسماعيلية المُطلة على قناة السويس والأقصر في صعيد مصر، الحديث عن انتهاكات الشرطة إلى الواجهة، وسط تعهدات رسمية بالتحقيق في الواقعتين ومحاسبة من يثبت تورطه فيهما. وأقرت وزارة الداخلية ضمناً بـ «تجاوزات»، لكنها وصفتها بأنها «فردية». وقالت في بيان إنها «لن تتهاون مع أي تجاوزات فردية تقع من بعض رجال الشرطة ولا تعبر بأي حال من الأحوال عن طبيعة العمل الوطني الذي يقوم به رجال الشرطة، وأن العقيدة الراسخة في وجدانهم هي التضحية بالغالي والنفيس دفاعاً عن أمن الوطن والمواطنين والالتزام باحترام نصوص وروح القانون في المهام الموكلة إليهم كافة والمحافظة على الكرامة الإنسانية واحترام القيم الديموقراطية وحقوق الإنسان وفقاً للدستور والقانون». وأضافت أنها «لن تسمح لبعض التصرفات والأفعال الفردية بأن تنال من التاريخ العريض للشرطة المصرية في العمل الوطني وتضحيات رجالها الأبطال في مواجهة الإرهاب، وستظل محافظة على ثقة الشعب في شرطته، وستحافظ عليها». وأكدت أن «الوقائع كافة المنسوبة إلى بعض رجال الشرطة هي محل تحقيقات في الوزارة والنيابة العامة وستعلن نتائجها بشفافية على الرأي العام»، مشددة على «التزامها تنفيذ القانون وتطبيق القرارات والأحكام القضائية على الجميع من دون استثناء حرصاً من الوزارة على مبدأ سيادة القانون». وتوفي رجل يُدعى طلعت شبيب (45 سنة) بعد ساعات من توقيفه الثلثاء الماضي في منطقة العوامية في الأقصر (جنوب مصر) بتهمة «حيازة أقراص مُخدرة». وبحسب شهود عيان، حدث «شد وجذب بين قوة الأمن وأهالي وأصدقاء شبيب في محاولة لمنع توقيفه، انتهت بتدخل أحد كبار عائلات المنطقة الذي طلب من الرجل مرافقة الأمن إلى قسم الشرطة، وبعدها بساعات، أُبلغت الأسرة بأن ابنها نُقل إلى المستشفى متوفياً». وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة قال متداولوها إنها لجثمان شبيب وقد بدا عليها آثار كدمات وسحجات واضحة. واتهموا قوات قسم الشرطة بتعذيبه حتى الموت. وبعد الواقعة توجه مئات الأهالي إلى قسم الشرطة في مسيرة شهدت تحطيماً لآليات أمنية، فردت الشرطة بقنابل الغاز المسيل للدموع. وأصيب في المواجهات شاب بطلق ناري، وجُرح أفراد في الشرطة. وتصاعدت الأحداث بعد أن نظم الأهالي مسيرة كبيرة حاصروا خلالها قسم الشرطة، وتوجهوا إلى مقر مديرية أمن الأقصر، واحتشدوا أمامها، ما أعاد إلى الأذهان مشاهد الاحتجاجات الكبيرة التي شهدتها مصر في السنوات الماضية، وتوارت منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي الحُكم وفرضه قانوناً مشدداً للتظاهر. وقالت وزارة الداخلية رداً على تصاعد الاحتجاجات إن «الواقعة قيد التحقيق في النيابة العامة»، لافتة إلى إحالة 4 ضباط إلى التحقيق، فيما تنتظر النيابة العامة تقرير مصلحة الطب الشرعي عن أسباب وفاة شبيب. ونشرت مديرية أمن الأقصر لافتة كبيرة في منطقة العوامية للعزاء في وفاة شبيب حملت توقيع قيادات الأمن في المحافظة. وزار مساعد أول وزير الداخلية لقطاع جنوب الصعيد اللواء حمدي عبدالعظيم أسرة القتيل، وطلب منها «منح التحقيقات فرصة»، متعهداً «عدم إفلات أي متورط في تلك الواقعة من العقاب». ودشنت حركات شبابية صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي باسم «كلنا طلعت شبيب»، في استلهام لتجربة صفحة «كلنا خالد سعيد» التي انطلقت منها الشرارة الأولى للثورة بعد مقتل الشاب خالد سعيد جراء التعذيب في قسم شرطة في الإسكندرية (شمال مصر). لكن قوى سياسية وأهلية في الأقصر ترى تباطؤاً في التحقيقات الخاصة بوفاة شبيب. وقالت الأمانة العامة لحزب «الشعب الجمهوري» واللجنة العامة لحزب «الوفد» في الأقصر و «اللجنة الشعبية لدعم ومناصرة القضايا الوطنية» في المحافظة في بيان مشترك: «لماذا لم تحسم الأمور واقعة مقتل طلعت شبيب ويطبق القانون، ويحاسب من أخطأ وبسرعة؟ لماذا لا يتم استعجال تقرير الطب الشرعي ومراعاة حساسية الموقف وخطورته في الأقصر؟ ولماذا ندع الاحتقان يزداد ونترك الشباب غاضباً؟». وحذرت من «وجود أيادٍ خفية تحاول تسييس الواقعة»، مطالبة أجهزة الدولة بسرعة إعلان نتائج التحقيقات فيها. وحذر البيان «حركة شباب 6 أبريل وعناصر جماعة الإخوان المسلمين المحظورة من اللعب بالنار، ومحاولة تسييس الواقعة، واستخدامها ذريعة للقيام بأعمال شغب». وشهدت مدينة الإسماعيلية المُطلة على قناة السويس واقعة مماثلة، إذ اتهمت أسرة طبيب بيطري ضابطاً في الشرطة بالاعتداء عليه بعد توقيفه، ما تسبب في وفاته. وأصدر مدير أمن الإسماعيلية اللواء علي العزازي قراراً بوقف الضابط إلى حين انتهاء التحقيقات في الاتهام الموجه إليه، بمعرفة إدارة التفتيش في وزارة الداخلية. وشُيع الطبيب أول من أمس وسط هتافات ضد الشرطة. لكن مديرية أمن الإسماعيلية سعت إلى تبرئة ساحتها في تلك الواقعة. وزعمت أن «الضابط تلقى بلاغاً ببيع مواد مُخدرة أمام صيدلية تمتلكها زوجة الطبيب، ولما توجهت قوة الأمن صوبها فر شخصان كانا يقفان مع الطبيب الذي دخل إلى الصيدلية، فقامت قوات الأمن بطلب اصطحابه إلى قسم الشرطة، وطلبت أيضاً التحفظ على سيارة زوجته، ولما وصلت الزوجة إلى قسم الشرطة، سقط الطبيب مغشياً عليه، وقالت زوجته إنه يعاني من أمراض في القلب، فتم نقله إلى المستشفى وتوفي فيها». وأكدت مديرية الأمن أن «الواقعة حدثت أمام 3 متهمين في قضايا أخرى، أفادوا جميعاً بعدم قيام أي أفراد أو ضباط بالتعدي على الطبيب». لكن مقاطع مصورة تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي قال متداولوها إنها لواقعة توقيف الطبيب في صيدلية زوجته، تُظهر أشخاصاً بزي مدني، يتحدثون إلى الرجل، وقد بدا واحد منهم يتعامل بعنف ملحوظ مع الطبيب أثناء تفتيش الصيدلية. وأظهر تقرير مبدئي للطب الشرعي أن «ثمة علامة تُظهر أن الطبيب تعرض إلى ضربة في خلفية العنق». وتعهدت نقابة الصيادلة اتخاذ إجراءات قانونية ضد قوة الشرطة، كون تفتيش الصيدليات يخضع لإجراءات قانونية مُحددة. من جهة أخرى، أفادت مصادر أمنية وشهود عيان في مدينة العريش في شمال سيناء بأن قوات الأمن أعادت فتح وتشغيل الطريق الدولي الساحلي أمام فندق «سويس إن» الذي شهد الأسبوع الماضي تفجيراً انتحارياً وهجوماً أديا إلى مقتل قاضيين وأفراد في الشرطة ومدني. وأشارت مصادر طبية وشهود عيان إلى أن «صبياً من مدينة الشيخ زويد أصيب (أمس) بطلق ناري مجهول المصدر، أثناء وقوفه أمام منزله في المدينة، وجُرح شاب آخر بطلق ناري مجهول المصدر أيضاً أثناء سيره في حي المساعيد جنوب مدينة العريش». وأصيب جندي في الشرطة بشظايا في الفخذ الأيسر نتيجة انفجار عبوة ناسفة في الشيخ زويد.