اسقاط المقاتلة الروسية بواسطة وسائل الدفاع التركية له أكثر من دلالة تضع أموراً كثيرة تحت الاختبار. أولها تفعيل مصداقية حلف النيتو الذي لم يلتحم مع سلاح الجو الروسي منذ الخمسينيات من القرن الماضي. والثاني تعزيز مفهوم السيادة الذي أصبح مهدداً بالاضمحلال بعد تفكك الاتحاد السوفيتي في بداية التسعينيات من القرن المنصرم بعد هيمنة القطب الواحد من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. وثالثها اثبات بالدليل القاطع بان الصراع على سوريا قد يجر العالم لحرب كونية ثالثة لأن نقاط التماس بين عدد من الدول في الأجواء السورية تتعرض للخطر. من هذه العوامل الثلاثة يتضح أن العالم بكل ما هو متوفر من اسلحة الدمار الشامل لدى أمريكا وحلفائها من جانب ، وروسيا من جانب آخر والذي ثبتت فعاليته خلال الحرب الباردة كسلاح ردع ناجح وبعد تلك المرحلة المكلفة في مجال التسليح استعداداً لحرب افتراضية لم تحصل ،توصل القطبان امريكا وحلفاؤها وروسيا/الاتحاد السوفيتي قبل تفككه الى نتيجة تخفيض المخزون من اسلحة الدمار الشامل وإبرام اتفاقية منع انتشار الاسلحة NPT النووية التي تعاني من عدد من الاختراقات من قبل إسرائيل بحماية أمريكية والهند والباكستان وكوريا الشمالية وايران ودول اخرى مرشحة للدخول في سباق امتلاك السلاح النووي كل ذلك بسبب عجزمجلس الامن من التحكم في ادارة الصراعات الدولية بقدر من الحكمة والعدل وتجنب الكيل بمكيالين في الشؤون الدولية. من المتوقع ان يستمر التصعيد الإعلامي بين تركيا المسنودة من حلف النيتو وبين روسيا ولكنه من المستبعد أيضاً أن تقدم روسيا على مغامرة عسكرية ضد تركيا تضطر حلف النيتو للتدخل بموجب نصوص الحلف القاضية بان أي اعتداء على أي من اعضاء الحلف يعد اعتداء على الحلف بكامله. أما مفهوم السيادة فهو حق مشروع لكل دولة عضو في الأمم المتحدة والتعدي على سيادة الدول يحرمه القانون الدولي وقد استندت عليه تركيا في الإقدام على اسقاط المقاتلة الروسية عندما اخترقت اجواءها بدون اذن مسبق ولم تذعن للانذار كما يقول الأتراك. ومن الواضح غياب الجانب العربي في هذه الاحداث ولا يوجد أي دليل على فعل ايجابي سوى ما تتلقاه المعارضة السورية من دعم مادي ومعنوي والمتمثل في الاصرار على رحيل الاسد كشرط لانهاء الحرب الأهلية في سوريا. من التصريحات الاعلامية المتبادلة بين تركيا وروسيا لم يتضح بعد عما اذا كانت تركيا تعمدت إسقاط المقاتلة الروسية لاختبار مصداقية حلف النيتو أم انها مجرد ممارسة طبيعية لسيادتها. والمؤكد أن خطورة الوضع تعيد للاذهان ما حصل في عهد الرئيس جون كندي والرئيس الروسي نكيتا خورشوف خلال محاولة الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت نشر صواريخ نووية في كوبا أوصلت العالم الى حافة حرب نووية وتم تجنبها بحكمة الوسائل الدبلوماسية من قبل الطرفين. الوضع الحالي سيختبر حنكة القيادتين الروسية والامريكية في تجنب مواجهة عسكرية بين الطرفين في منطقة الشرق الأوسط وتظل سوريا والأمن العربي كبش الفداء. Salfarha2@gmail.com