نجحت السعودية في الحفاظ على الاحتياطي العام دون سحب للشهر الرابع على التوالي، ليبلغ 659.5 مليار ريال بنهاية شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وهي نفس مستوياته خلال أشهر تموز (يوليو) وآب (أغسطس) وأيلول (سبتمبر) من نفس العام. ووفقا لتحليل وحدة التقارير الاقتصادية في صحيفة "الاقتصادية"، فقد جاء استقرار الاحتياطي العام نتيجة لتوجه الدولة إلى خيار تمويل آخر بعيدا عن السحب من الاحتياطي، وهي سندات التنمية الحكومية لمواجهة الإنفاق الضخم في البلاد، وسد العجز في الميزانية الناتج عن تراجع أسعار النفط. ونتيجة لاستمرارها في الإنفاق الحكومي الضخم في ظل تراجع أسعار النفط، لجأت السعودية إلى سحب 245.1 مليار ريال من الاحتياطي العام خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، ليصل إلى 659.3 مليار ريال بنهاية حزيران (يونيو) الماضي، مقارنة بـ 904.6 مليار ريال نهاية 2014، بنسبة تراجع 20 في المائة. وأوقفت السعودية السحب من الاحتياطي العام اعتبارا من شهر تموز (يوليو) الماضي، بعد أن بدأت في إصدار سندات تنمية حكومية بقيمة 15 مليار ريال في شهر حزيران (يونيو) 2015، وهي المرة الأولى التي تعود فيها السعودية إلى سوق السندات منذ عام 2007. ومنذ حزيران (يونيو) 2015 تستمر الدولة في إصدار السندات، مقابل وقفها للسحب من الاحتياطي حتى نهاية شهر أكتوبر الماضي، في إشارة إلى السيطرة على العجز المتوقع في الميزانية من خلال السندات وبعيدا عن السحب من الاحتياطي. وفي شهر تموز (يوليو) من العام الجاري ارتفع الاحتياطي العام عن مستوياته في حزيران (يونيو) من نفس العام بشكل طفيف، ليبلغ 659.5 مليار ريال، واستقر عندها حتى نهاية أكتوبر الماضي. وتراجعت أسعار النفط "خام برنت" بنحو 60 في المائة منذ منتصف حزيران (يونيو) الماضي، لتصل إلى 45 دولارا للبرميل "عقود شهر يناير 2016"، مقارنة بمستوى 115 دولارا 15 حزيران (يونيو) 2014. والاحتياطي العام للدولة هو حساب يتم تحويل الفائض من إيرادات الميزانية إليه، ولا يجوز السحب منه إلا بمرسوم ملكي في حالات الضرورة. و"الاحتياطي العام" هو أحد بنود ما يسمى بودائع واحتياطي الحكومة، الذي يشمل "الاحتياطي العام، وجاري الحكومة، ومخصصات المشاريع الملتزم بها". وبند "ودائع واحتياطي الحكومة" هو جزء من جانب الخصوم في قائمة المركز المالي لمؤسسة النقد البالغة 2.57 تريليون ريال، التي تعادل الموجودات لدى "ساما" بنفس القيمة. وتشمل الموجودات كلا من استثمارات في أوراق مالية، وودائع لدى المصارف في الخارج، ونقد في الصندوق، ونقد أجنبي وذهب، إضافة إلى موجودات أخرى متنوعة. وعلى أساس سنوي، تراجع الاحتياطي العام للسعودية، بنسبة 27 في المائة، وقيمة 245.1 مليار ريال، حيث كان 904.6 مليار ريال في أكتوبر 2014، فيما استقر على أساس شهري. أما عن بقية بنود "ودائع واحتياطي الحكومة"، فقد تراجع "جاري الحكومة"، بنسبة 8 في المائة، وبقيمة 6.2 مليار ريال، على أساس سنوي، ليبلغ 67.6 مليار ريال في أكتوبر الماضي فيما كان 73.8 مليار ريال في أكتوبر 2014. بينما ارتفع بنسبة 46 في المائة، وهو ما يعادل 21.2 مليار ريال، على أساس شهري، حيث كان 46.4 مليار ريال في أيلول (سبتمبر) 2015. وتراجعت مخصصات المشاريع، على أساس سنوي، بنسبة 29 في المائة، وقيمة 150.2 مليار ريال، لتبلغ 363.6 مليار ريال في أكتوبر 2015، بينما كانت 513.8 مليار ريال في أكتوبر 2014. كما تراجعت، بنسبة 1 في المائة، وقيمة 3.8 مليار ريال، على أساس شهري، حيث كان 367.4 مليار ريال في أيلول (سبتمبر) 2015. وكانت السعودية قد كونت احتياطيات ضخمة مستفيدة من أسعار النفط المرتفعة السنوات الماضية لتستخدمها عند تراجع أسعار الخام كما هو الحال حاليا. وكان الاحتياطي العام للحكومة السعودية قد قفز بنحو 53.2 مليار ريال خلال العام الماضي 2014، مسجلا مستوى تاريخيا هو الأعلى على الإطلاق، عند 904.6 مليار ريال، مقابل 851.4 مليار ريال عام 2013، مرتفعا بنسبة 6 في المائة في عام. وقال الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية، بالتزامن مع إعلان موازنة العام الجاري، "إن السعودية ستواصل تنفيذ مشاريع التنمية في المدى المتوسط (ثلاث إلى خمس سنوات)، وإنها قادرة على تحمل انخفاض أسعار النفط خلال تلك الفترة". ورفعت السعودية الإنفاق الحكومي إلى مستوى قياسي في ميزانية 2015، وقالت "إنها ستمول عجزاً متوقعاً قدره 145 مليار ريال، من احتياطياتها المالية الضخمة وهو ما يبدد المخاوف بشان تأثر اقتصاد أكبر مصدر للنفط في العالم بهبوط أسعار الخام". وبحسب الموازنة التي أعلنتها وزارة المالية السعودية ديسمبر الماضي، فإنه من المتوقع أن تبلغ النفقات العامة 860 مليار ريال، وأن تبلغ الإيرادات 715 ملياراً في 2015 وهو ما يعني أن السعودية ستسجل عجزاً في الموازنة للمرة الأولى منذ الأزمة المالية العالمية في 2009. وأصدرت وزارة المالية السعودية في آب (أغسطس) الماضي، سندات تنمية حكومية بقيمة 20 مليار ريال، جرى تخصيصها لعدد من المؤسسات العامة والمصارف التجارية المحلية، وراوحت آجال السندات بين خمس سنوات بعائد 1.92 في المائة، وسبع سنوات بعائد 2.34 في المائة، وعشر سنوات بعائد 2.65 في المائة. وكانت وزارة المالية قد أصدرت سندات تنمية حكومية بقيمة 15 مليار ريال في إصدار خاص للمؤسسات العامة، وذلك في شهر حزيران (يونيو) 2015، وتعد هذه المرة الأولى التي تعود السعودية إلى سوق السندات منذ عام 2007. وبحسب مراقبين، أصدرت السعودية سندات بقيمة 95 مليار ريال خلال العام الجاري إجمالا. كما تعتزم السعودية إصدار سندات شهريا حتى نهاية العام بقيمة تراوح بين 15 و20 مليار ريال لتغطية العجز المتوقع في الميزانية نتيجة تراجع أسعار النفط، وفي ظل استمرار الإنفاق الحكومي الضخم. *وحدة التقارير الاقتصادية