قبل أن يحين موعد صلاة الفجر بنصف ساعة أو أكثر، تبدأ في المسجد الحرام عمليات إخراج النساء من الصحن والرواقات المحيطة به، من أجل إخلاء المكان للرجال لتأدية الصلاة. وقفت أتأمل المشهد.. والموظفون المسؤولون عن إجلاء النساء يمارسون مهمتهم اليومية في إخراج المصليات من الصحن والساحات القريبة منه الممتدة والمطلة عليه، كانت بعض النساء قد انتهين للتو من الطواف ويرغبن في أداء ركعتي الطواف قبل أن يغادرن، وأخريات يردن إتمام صلاة دخلن فيها، وبعضهن قد دفن وجوههن في الأرض ساجدات يناجين ربهن، لكن أصوات الإجلاء التي تلاحقهن تهدر فوق رؤوسهن، كانت تفسد عليهن طمأنينتهن وخشوعهن، فتطوي الواحدة منهن سجادتها وتمضي تبحث عن بقعة أخرى لعلها تكون أكثر سلاما وطمأنينة، لكن ما إن تمد السجادة لتقف عليها حتى تعثر قدمها بالصرخات تتبعها تحثها على المغادرة والجلاء، فتشعر كما لو أنها من الطفيليات الدخيلة، لابد من المبادرة إلى اجتثاثها والتخلص منها بعيدا. بدت النساء المصليات في تلك البقعة المقدسة، وهن يتجادلن مع الموظفين والموظفات المكلفين بإخلاء المكان منهن لتمكين الرجال من الصلاة في كامل المساحة، بدت النساء كما لو أنهن يقترفن إثما بوقوفهن في صحن المسجد أمام الكعبة أو قريبا منها لأداء الصلاة!! يتوغل طرد المصليات من صحن المسجد ووسط الحرم حتى يبلغ بهن مناطق قصية حجزت لهن بأسوار حديدية مغلقة من جوانب ثلاثة كأنها قفص كبير حين تدخل النساء إليه تحجب الرؤية عنهن فلا يعدن يشعرن إن كن في الحرم أو في مكان غيره، في داخل تلك الأقفاص لا يمكن رؤية الكعبة ولا استشعار الروحانية التي تجيء المصليات إلى المسجد الحرام يحلمن باستشعارها. وغني عن القول إن إجلاء النساء إلى المناطق القصية في آخر المسجد أوقات الصلاة، يحدث استنادا إلى أن مكان النساء في الصلاة هو الصفوف الخلفية وراء الرجال، فكان أن شغل الحرم بأكمله بالرجال وتركت للنساء مساحات صغيرة خلفية، وهي على صغرها نائية لا تمكن المصليات من رؤية الكعبة ولا حتى وسط الحرم. ولعل البعض يرى في هذا حقا باعتبار أن الصلاة في المسجد واجبة على الرجال أما على النساء فهي ليست كذلك، لكن هذا القول إن انطبق على المساجد عامة هو لا ينطبق على المسجد الحرام الذي تكون الصلاة فيه بمائة ألف صلاة كما أخبرنا الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم، وتأتي النساء إليه من مختلف بقاع العالم على أمل أداء الفريضة فيه ونيل الأجر المضاعف من الله. وما تراه كثير من النساء، أنه ليس من العدل أن يتاح للرجال الصلاة في كامل الصحن ووسط الحرم والتمتع برؤية الكعبة، بينما هن يحرمن من كل ذلك، فمن الحق أن تخصص للنساء الصفوف الأخيرة في الصحن وفي وسط المسجد، وأن لا يستأثر الرجال بذلك كاملا أوقات الصلاة. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 738303 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة