وفق الأخبار المتداولة، فإنه بات من المنتظر أن يحسم مجلس الشورى نقاشه الدائر حول تعديل نص المادة (55) من نظام العمل، حيث سيصوت أعضاء المجلس في جلسته القادمة (نهاية شهر شوال) على التوصية النهائية وفي حالة إقرار تعديل هذه المادة (لا قدر الله) فإن ذلك سيشكل تهديدا حقيقيا لمستقبل مئات الآلاف من العاملين السعوديين بالقطاع الخاص، وسيتحول مصدر رزقهم إلى ما يشبه المشاركة ببرامج المسابقات الغنائية مهما اعتنى المتسابق بمظهره ومهما طور من أسلوبه ومهما تفنن في أدائه يظل مهددا بالوقوف في (دائرة الخطر ) ينتظر والخوف يتملكه إعلان اسمه من بين المتسابقين (المغادرين) لحصوله على أقل نسبة تصويت !!. هذه المادة ليست نصا تكميليا أو ثانويا، حتى يمكن العبث به، بل هي نص يمثل حجر زاوية في بناء نظام العمل، ومحاولة نقله أو زحزحته أو حتى ترميمه قد يكلف الشيء الكثير، فقد ينقض الجدار بأكمله فيقع على رؤوس من كانوا يستظلون به ليحميهم من هجير الظلم والظلمة، ولتبيان الضرر الكبير والمتوقع من تعديل هذه المادة لابد من إيضاح أنها قبل التعديل (أي بوضعها الحالي) تسمح لتجديد عقد العمل المحدد المدة لثلاث سنوات وإذا استمر الطرفان بعد ذلك بتنفيذ العقد تحول إلى عقد غير محدد المدة (لا يمكن فسخه إلا بسبب مشروع)، أما التعديل فيمنح صاحب العمل تجديد العقد بمزاجه كل سنة أو يقول للعامل (ورنا عرض اكتافك) !. مع تقديري للجهود الجبارة التي تبذلها وزارة العمل لتوطين الوظائف وإحلال العمالة السعودية مكان الأجنبية إلا أنني أستغرب كثيرا إقدامها على طلب تعديل هذه المادة تحديدا، فإذا كان القصد من وراء تقليص ساعات العمل الأسبوعية من 48 إلى 40 ساعة (ومنح إجازة يومين بالأسبوع) هو منع التسرب الوظيفي وتشجيع الشباب المتطلعين للالتحاق بالوظائف الأهلية، وإذا كان القصد من رفع سقف الغياب المتقطع (دون عذر مقبول) من 20 إلى 40 يوما بالسنة الواحدة هو إضفاء حماية أكبر للعامل حتى لا تنهى خدماته فإن تعديل المادة (55) يتناقض مع كل هذه الجهود بل وينسف الأمان الوظيفي لدى العامل السعودي !؟. الرفع بتعديل هذه المادة يعد خطأ جسيما وقعت فيه وزارة العمل، وكان الأجدر بها أن توضح للمستثمرين (والغرفة التجاريـة) بأنهم دأبوا مع كل تعديل بناء تقترحه الوزارة على إبداء انزعاجهم وتبريـر امتعاضهم بأنه ليس حسدا في العامل السعودي وإنما لأن التعديل سيشمل العمالة الوافدة ويمنحهم حقوقا أكثر مما هو متفق عليها فإذا كان هذا مبدؤهم، فلماذا يتمسكون بتعديل هذه المادة ؟!. في حين أن العامل الوافد خصص له نظام العمل مادة مستقلة تقضي بوجوب أن يكون عقد عمله محدد المدة ويمكن للمستثمر إنهاء خدماته بنهاية مدة العقد أو مدة رخصة العمل وفي حالة الرغبة في توقيع عقد جديد يمكن تحديد الأجر بالقدر الذي يرعى مصالح الطرفين. كان على الوزارة أن تقول لهؤلاء المستثمرين الجشعين كفاكم استغلالا (وقطع الأعناق ولا قطع الأرزاق ). ajib2013@yahoo.com