ترتبط ذاكرة منطقة جازان بالكثير من العادات والتقاليد الشعبية القديمة في العديد من المناسبات الاجتماعية والدينية. وتتلازم بعض الأكلات الشعبية بأوقات ومناسبات معينة، تحرص أغلب الأسر على تناولها، حيث تزخر منطقة جازان بالموروثات الشعبية في الأعياد، التي تتناقلها الأجيال جيلا بعد جيل. وتستقبل جازان حجاجها العائدين من أداء الفريضة برمزية، خاصة وهي أكلات مخصصة لمثل هذه المناسبات، حيث ازدانت موائد الأهالي في جازان مع حلول عيد الأضحى المبارك بالعديد من الأكلات الشعبية المنتشرة التي لا يكاد يخلو بيت من إعداد تلك الوجبات الموسمية التي تحرص ربات البيوت على إعدادها والتفنن في إتقانها واستقبال الحجاج بها. ولعل أهم هذه الأكلات "المحشوش" و"الخزين"، ووفقاً لأم محمد التي تحرص على إعداد هذه الأكلات في منزلها برفقة عدد من جيرانها فإنها ترى أن إعداد هذه الأكلات مختصر على عيد الأضحى دون غيره من أيام. وتصف أم ناصر طريقة إعداد هذا "المحشوش" بقولها: يتم تقطيع جزء من الأضاحي بشكل صغير اللحم والشحم على حدة، ثم يوضع الشحم في القدر حتى يذوب جزء منه ويخلط عليه اللحم ويتم تحريكه باستمرار حتى ينضج ثم تضاف عليه البهارات ويتم حفظه في إناء وفي مكان جاف ويؤخذ منه وقت الحاجة. تحرص النساء في جازان على إعداد المحشوش والتفنن في طهيه. أما "الخزين" فيتم خلطه بكميات كبيرة من الملح ثم يوضع في مكان مكشوف حتى يجف ويتم تخزينه في مكان آمن وعند استخدامه يتم طبخه مع الرز بالطريقة المتعارف عليها. وتتلخص طريقة إعداد هذه الوجبة عندما تذبح الأضحية وتتولى كبيرات السن مساعدة الرجال في تقطيع اللحم بعد فصله عن الشحم والعظم إلى قطع صغيرة، فضلاً عن تقطيع الشحم إلى قطع متوسطة أكبر من قطع اللحم، وبعد ذلك يغسل حتى ينظف، ثم يترك في الهواء حتى يجف. بعد ذلك تحفر حفرة وتوضع فيها ثلاثة أحجار متقاربة الأحجام، ثم تركب القدر فوقها، ليتم إشعال النار في مرحلة يعقبها وضع الشحم فوق اللحم، ثم البهارات، مع الإبقاء على القدر فوق النار، إلى أن تستوي الوجبة الدسمة ويتم استقبال الحجاج بها حتى ينالوا حصتهم من هذه الأكلات التي اعتادت المجتمعات على تناولها وتوارثها من قديم الأزل وتدوم صلاحية "المحشوش" لفترة طويلة، وإذا أراد الشخص استخدامه فما عليه إلا وضعه على النار حتى يستوي، ليتم تقديمه مع خبز التنور. وفي ظل تزاحم الأطعمة من مختلف المجتمعات وما تتطلبه من جهد، وما يطرأ عليها من إضافات بغية الحفاظ على جودة المذاق، إلا أن جازان والشريط الجنوبي ما زال محافظا على ثقافته الخاصة فيما يتعلق بالأكلات الشعبية، التي يتنافس عليها الزوار من داخل وخارج المنطقة.