وصف الشيخ عبد الله عمر البكري السحر، بأنه "خطر عظيم؛ لأنه كفر" مستشهدًا بالآية الكريمة. "(وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ"، وأوضح في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بجامع حمد بن خالد، أن السحر في اللغة: ما خفي ولطف سببه، فيقال لما في تأثيره غموض وخفاء، سحر. وهو في الشرع أنواع: فمنه ما هو عقد ورقى - قراءات وطلاسم- يتوصل بها الساحر إلى استخدام الشياطين فيما يريد، من التأثير في بدن المسحور أو عقله أو بصره. فهو إذًا مزاولة نفوس خبيثة لأفعال وأحوال يترتب عليها أمور خارقة للعادة. ومن السحر ما يكون تأثيرًا على المسحور بالتخييل والتمويه والخداع. وأكد أن السحر كفر، وهو حقيقة، بيّنها القرآن الكريم بقول الله تعالى: "وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ"، وقال في سحر التخييل: "فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ". السبع الموبقات وشدّد على أن أمر السحر، وكونه كفر، وأنه من السبع الموبقات، وكون الساحر كافر حده القتل، كل هذه أمور واضحة لا تلتبس على مسلم له عناية بأحكام دينه. وأشار إلى أن الجديد في السحر هو الألعاب السحرية أو ألعاب خفة اليد، وقال إنها خداع مبناها على الخفة والسرعة والتخييل والخداع البصري وهذا هو أخف أحوالها، فبعضها له تفسير، إما أن يكون بالخداع وإما أن يكون باستخدام بعض المواد أو الوسائل المعِينة التي تخفى على المشاهد. ومن الأنواع الشائعة في هذا الباب إظهار شيء مخفي، أو إخفاء شيء موجود، كإخراج أرنب أو طائر من قبعة فارغة، أو إخراج قطع نقدية من جيب فارغ وغيرها. والإخفاء، مثل إخفاء حمامة أو طير بمجرد التصفيق أو اختفاء الساحر نفسه. ومنها ما يكون باستخدام أوراق اللعب. بعض الخدع وأشار إلى أن بعض الخدع له تفسير، وبعضها لا يمكن تفسيره إلا بأن الشياطين تعين الساحر في مخادعة الناس وسحر أبصارهم، ومن صور الخداع أن يأتي الساحر بحمامة مثلًا، فيخنقها أمام المشاهدين ثم يضربها بيده فتقوم وتطير!، والحقيقة: أنه كان في يده بنج! فيشممها إياه ويوهم مشاهديه أنه خنقها فماتت، ثم لما ضربها أحياها، وهي إنما أفاقت من البنج! بل أكثر من ذلك قد يأتي الساحر بشخص ويوهم أنه قطعه إلى قطع ثم يوهم بإحيائه مرة أخرى، وهناك مقاطع لبعض الأعمال السحرية ومعها بيان طريقة الخدعة، وكشف طريقتها من قبل الساحر أو من غيره. وأوضح البكري أن خطورة الألعاب السحرية أو ما يسمى بألعاب خفة اليد أنها توحي بأن شيئًا مستحيلاً قد حدث، علمًا بأن التغيير كان مصدره مهارة وخفة يد، أو استخدام وسائل غير مرئية للمشاهد. هذا في الخدع التي لا يستخدم فيها الرقى والتعاويذ والاستعانة بالجن. استخدام الجن واستعرض البكري أقوال العلماء في تعريف السحر وبيان أنواعه، مشيرًا إلى أنهم أدخلوا الألعاب السحرية المعروفة اليوم بألعاب خفة اليد في مسمى السحر فهي من السحر لغة وشرعًا، وبناء عليه لا يجوز ممارسة هذه الألعاب ولا مشاهدتها ولا إقرارها، فالسحر أنواع، ومنها سحر التخييل والخداع. وهذه الألعاب السحرية داخلة في مسمى الشعوذة. قال الفيروز آبادي في القاموس المحيط (1/427): "الشَّعْوَذَةُ: خِفَّةٌ في اليَدِ وأُخَذٌ كالسّحْرِ يُرى الشيءُ بغيرِ ما عليه أصْلُهُ في رأيِ العَيْنِ". فهذه الأعمال أعمال سحرية، سواء كانت بالحيل والخداع البصري، أو كانت باستخدام الجن، وهؤلاء السحرة لا يستطيعون تفسير جميع أعمالهم بما يكشف الخدعة بل هم يفسّرون بعضها فقط، وهذا دليل على إعانة الشياطين لهم في بعضها، كما هو واضح في بعض الأمور التي يصعب تفسيرها، (واقعة طلب الساحر إخراج اثنين). تحريم السحر وأكد خطيب جامع حمد بن خالد أن الإسلام حرّم السحر بكل أنواعه كما حرّم الخديعة في الأمور كلها، ولو لم يكن فيها استعانة بالشياطين ولا كفر واضح، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "المكر والخديعة والخيانة في النار" رواه الحاكم وغيره، وهذه الألعاب أساسها المخادعة والتلاعب بالمشاهدين. وقد يظن البعض أن ما يسمى بالألعاب السحرية من محدثات العصر، والحقيقة أنه أمر معروف منذ القدم، وقد تقدّم معنا سِحر سَحَرة فرعون الذين استعان بهم لرد الحق وتكذيب نبي الله موسى. وأوضح أن الشريعة حرّمت السحر بجميع أنواعه، بما فيه ما يسمى اليوم ألعاب خفة اليد لأنه في أقل أحواله خداع وعبث بالعقول، وادعاء لخوارق تشوش على ضعاف الإيمان إيمانهم، وتلبيس للسحر المحض بالمخادعة المتفق على حرمتها، حتى أن الفاصل بينهما لا يكاد يُذكر، ثم إن إشغال عقول الناس بمثل هذه الألعاب له أثر سيئ على العقيدة، لذا نص العلماء على تحريمه وهذا معلوم في المذاهب كلها، وشاهد ذلك أن من وضع ماءً حلالًا في قارورة خمر مكتوب عليها اسم الخمر، وروّج لذلك بين الناس فاختلط عليهم الأمر واضطرب الإنكار، وفشت الخمر بسبب الالتباس، كل ذلك من باب التسلية والمخادعة، فهل يقول عاقل بجواز هذا، لأن ما في القارورة ليس خمرًا في الحقيقة.