.. في محكم التنزيل يقول رب العزة والجلال : (قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم)، وفي سورة آل عمران يقول عز من قائل : (كل نفس ذائقة الموت) وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي وقال : كن في الدنيا كعابر سبيل . وقال ابن عمر : إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا نتتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك . ومع ذلك فإنه إذا حلت مصيبة الموت بكائن من كان ، كان من طبيعة النفس البشرية أن تطلق البكاء ليس إنكارا لحلول الموت ، وإنما لأن الفراق صعب ، كما أن المشاعر بفقدان من أدركه الموت لها أكثر من سبب. فقد روي أنه كان بالبصرة عابد حضرته الوفاة، فجلس أهله يبكون حوله ! فقال لهم أجلسوني : فأجلسوه فأقبل عليهـم وقال لأبيه : يا أبت ما الذي أبكاك ؟ قال : يا بنى ذكرت فقدك وانفرادي بعدك. فالتفت إلى أمه وقال : يا أماه ما الذي أبكاك ؟ قالت : لتجرعي مرارة ثكلك. فالتفت إلى الزوجة، وقال : ما الذي أبكاك ؟ قالت : لفقد برك وحاجتي لغيرك. فالتفت إلى أولاده، وقال : ما الذي أبكاكم ؟ قالوا : لذل اليتم والهوان من بعدك، فعند ذلك نظر إليهم وبكى . فقالوا له : ما يبكيك أنت !!؟ قال : أبكي لأني رأيت كلا منكم يبكى لنفسه لا لي. أما فيكم من بكى لطول سفري ؟ أما فيكم من بكى لقلة زادي ؟ أما فيكم من بكى لمضجعي في التراب ؟ أما فيكم من بكى لما ألقاه من سوء الحساب ؟ أما فيكم من بكى لموقفي بين يدي رب الأرباب ؟ ثم سقط على وجهه فحركوه، فإذا هو ميت. سفري بعيــد وزادي لن يبلغنـي وقوتي ضعفت والمـوت يطلبنـي ولي بقايــا ذنوب لست أعلمهــا الله يعلمهــا في السِـر والعلـنِ. السطـر الأخـير : إذا كانت رائحة العطور تسعد الجميـع فكيف برائحة الجنة.. (جعلنا الله وإياكم من أهلها) ؟.