اتفق الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والفرنسي فرنسوا هولاند، أمس، على «ضمان اتصالات وتنسيق وثيقين بصورة أكبر بين المؤسستين العسكريتين وأجهزة الاستخبارات في البلدين، خلال العمليات التي تنفذها كل من روسيا وفرنسا في سوريا ضد البُنى الإرهابية». في الوقت الذي أعلن فيه رئيس الأركان الروسي، أن القوات الجوية الروسية نفذت نحو 2300 طلعة في سوريا خلال 48 يوما الماضية. ونشر الكرملين بيانا على موقعه الرسمي جاء فيه: «على خلفية الأعمال الوحشية التي نجم عنها تحطم الطائرة الروسية في مصر والأحداث المأساوية في فرنسا، ركز الرئيسان خلال محادثة هاتفية على تعزيز التعاون الثنائي والمتعدد في التصدي للإرهاب الدولي». وأشار الكرملين إلى أن بوتين وهولاند سيواصلان بحث هذه المسائل خلال الزيارة المرتقبة التي سيجريها الرئيس الفرنسي إلى روسيا يوم 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. ويبدو أن ما عجزت عنه السياسة طيلة الأشهر الماضية، جاء «الغضب الدولي» على خلفية الهجمات المتتالية التي شنها إرهابيو «داعش» ليخلق ظروفًا مناسبة للتعاون في الحرب على الإرهاب في سوريا بين دول ما زالت تختلف في وجهات النظر بشأن الحل السياسي للأزمة السورية. وأولى بوادر هذا التعاون التعليمات التي أصدرها بوتين بعد المكالمة الهاتفية مع هولاند لقائد الطراد «موسكوفا» الذي ينفذ مهام في البحر الأبيض المتوسط، وقال له بوتين: «قريبا ستصل إلى منطقة عملياتكم مجموعة سفن فرنسية على رأسها حاملة طائرات. لا بد من إقامة اتصالات مباشرة مع الفرنسيين والعمل معهم كحلفاء في البحر وفي الجو، وقد أصدرت تعليمات بهذا الصدد لوزير الدفاع وقائد الأركان». وكان واضحا أن بوتين شدد على كلمة «حلفاء». وخلال اجتماع يوم أمس لكبار ضباط الجيش في مقر غرفة عمليات الدفاع ترأسه بوتين ترأسه بوتين، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إن القوات الروسية ضاعفت ضرباتها الجوية ضد مواقع «داعش» في سوريا، مضيفًا أن «القاذفات الاستراتيجية وبعيدة المدى حاملات الصواريخ من طراز (تو - 16) المعروفة باسم (البجعة البيضاء) و(تو - 95 إم إس) و(تو - 22 إم 3)، شاركت في قصف مواقع «داعش» إلى جانب المقاتلات التي انطلقت من مطار حميميم». وأضاف أن 12 طائرة «تو - 22» قامت بإطلاق 34 صاروخًا مجنحا محمولة ضد مقرات «داعش». وحسب قول وزير الدفاع الروسي، نفذت الطائرات الروسية 127 طلعة جوية استهدفت 206 مواقع للجماعات الإرهابية في إدلب والرقة ودير الزور وريف اللاذقية وريف دمشق وحمص، موضحا أن الطائرات ستتابع قصف الأهداف وفق الخطة المعتمدة والتي تتضمن إشراك 25 طائرة بعيدة المدى و4 قاذفات من طراز «سو - 34» ومقاتلات «سو - 27إم»، لتقوم بتنفيذ مهام في سوريا انطلاقا من الأراضي الروسية، ودعما للقوة الجوية في مطار حميميم. وكانت روسيا قد كثفت عملياتها في سوريا خلال اليومين الساعات الماضية، وذلك بعد أن أكد مدير هيئة الأمن الفيدرالي في اجتماع صباحي، فور عودة بوتين من أنطاليا، أن التحقيقات في حادثة سقوط الطائرة الروسية في سيناء تؤكد مسؤولية الإرهابيين عن الكارثة. هذه الأحداث شكلت ظرفًا مناسبا بالنسبة لروسيا كي تعود وتذكر من جديد بأهمية التعاون الدولي في التصدي للإرهاب. وهو ما فعله بوتين خلال قمة العشرين في أنطاليا، وكان يؤكد عليه بصورة مستمرة طيلة الفترة الماضية. إذ لا تخفي روسيا رغبتها ببناء ائتلاف دولي ضد الإرهاب يكون خاضعا بممارساته وصلاحياته لمجلس الأمن، ويحل بديلا عن، أو يكون، إلى جانب التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة. ومع انطلاق عمليتها العسكرية في سوريا دعت روسيا الولايات المتحدة إلى تعاون شامل هناك، إلا أن نتائج المحادثات بين وزارتي الدفاع الروسية والأميركية لم تثمر سوى عن اتفاق على التنسيق لتفادي حوادث في الأجواء السورية. إلا أن مسؤولاً دفاعيًا أميركيا قال لوكالة رويترز، إن «الولايات المتحدة لا تنسق مع روسيا»، وإن موسكو أبلغت واشنطن بضرباتها لسوريا باستخدام صواريخ كروز قبل تنفيذها. وإذا كانت هذه التصريحات تدل على المستوى المتدني من التنسيق بين البلدين في العمليات العسكرية في سوريا، فإن الظروف الراهنة قد تؤثر نوعيا وتدفع نحو تعاون بصيغة جديدة، بقيادة الثلاثي «روسيا - فرنسا - الولايات المتحدة»، وربما يعلن عنه فرنسوا هولاند الذي سيزور كل من واشنطن وموسكو الأسبوع القادم لبحث جهود التصدي للإرهاب.