يقول الملياردير المصري، ورجل الأعمال، نجيب سويرس، في مقابلة تلفزيونية أمس: إن اشتراكيا يساريا من بلده قال له ذات مرة في لقاء شارد: أنا أكره الأغنياء، فأجابه سويرس: "مش حا أصحى بكرة الصبح فقير عشان حضرتك تحبني". وحين كتبت جملتي الحوار بين الاشتراكي وسويرس، في تغريدة "تويترية"، تواترت علي الردود التي أقرأ الآن آخرها لمغرد يقول: أغنياء العرب صنيعة فساد. في قصة مماثلة أخرى يروي المفكر الأميركي نعوم تشومسكي، حكايات من قصص كثيرة لأناس يستغربون عليه كمثقف ومفكر ليبرالي حيازته شقة فاخرة في قلب مانهاتن، نيويورك، وقيادته سيارة "برجوازية" من أغلى الماركات الإيطالية. يضيف تشومسكي: لا أعرف من أين فهم هؤلاء الكثر أن المثقف والمفكر لابد أن يكون فقيرا، يخرج إلى الحياة العامة بشعر "مبهدل" و"هندام" رخيص الثمن؟ سؤالي من القصتين، أو من قصة نجيب سويرس مع محدثه بالتحديد: لماذا يكره العرب أن يكون بينهم ثريا؟ ولماذا يذهبون فورا إلى الشكوك وتهمة الفساد؟ وأنا لن أنفي في الجواب أن في عالم المال والأعمال نسبة لا أستطيع تحديدها من الاحتيال والفساد، ولكنني أيضا على استعداد للصدام المباشر مع مروجي هذه الكراهية بالقول الواضح الصريح: إن النسبة الكبرى من هذه الكراهية تنبع من ثقافة الفاشلين الذين يشعرون بالغبن لأن غيرهم نجح بالطموح والعصامية. سأقولها بكل شجاعة: إن الفاشل عالة وعبء على مجتمعه، فيما الثري العصامي هو من عمل على تأمين لقمة العيش للمئات من حوله. من شركة واحدة، يفتح نجيب سويرس 13 ألف منزل ووظيفة حياة لموظفيه. سليمان الراجحي يفتح من البيوت اليوم ما يفوق عدد سكان حارتي وشقيقتها المجاورة، في حين اكتفيت أنا من الفشل بمجرد عاملة منزلية. ومثلهم أيضا "خرافي" الكويت، و"حبتور" دبي، ومثلهم أيضا 500 عائلة سعودية. محمد بن حسين العمودي، ومن باب الصدقة وحدها، يعيل اليوم ما يقرب من سكان مدينة صغيرة. كل النماذج التي كتبتها اليوم ابتدأت من الصفر المكعب المربع. سأكون شجاعا لأقول: إن الفقير يبادل الفقير الجبنة والزيتون، وإن الغني يفتح آلاف البيوت لغيره. أنا لا أتكلم عن الفساد أو النزاهة... بل عن الفاشل الذي ليس لديه سوى الكراهية.