تواصلاً مع ما بدأناه أمس في الحديث عن صنع فضاء إعلامي والعمل على تأسيس ثقافة أوروبية تنتقل إلى باقي مناطق العالم بتحميل المسلمين والدين الإسلامي وزر ما يقوم به الإرهابيون من تنظيم داعش والجماعات الإرهابية من مختلف الأيديولوجيات والمذاهب التي أفرزت كل منها تنظيمات إرهابية، فبالإضافة إلى داعش وجبهة النصرة والقاعدة، هناك منظمات إرهابية من المكونات المذهبية الأخرى كحزب الله والمليشيات الطائفية العراقية والباكستانية والأفغانية، إضافة إلى أنظمة تدعم هذه المليشيات والمنظمات الإرهابية كالنظام الإيراني الذي يدعم الجماعات الإرهابية من كلا المذهبين، إذ أكدت كل الوثائق والمعلومات أن أكبر داعم لتنظيم داعش هو النظام الإيراني ونظام بشار الأسد وقبل ذلك النظام العراقي في عهد نوري المالكي. الآن وبعد الأعمال الإرهابية التي طالت باريس وإثارة الرعب في كل أوروبا لا بد من وقفة تأمل عن نتائج ما حصل ومن المستفيد من وراء هذه الأعمال، وهل يمكن أن نحدد من كان وراء هذه الأعمال التي استفاد منها. في البدء لا بد من التأكيد على أن ما تم في باريس لا يمكن أن يحصل دون مساعدة أجهزة مخابرات متمرسة ولا يمكن حصر ذلك على تنظيم داعش الإرهابية، فبالإضافة إلى تكاليف تلك الأعمال من نقل للعناصر الإرهابية وجلب الأسلحة والسيارات والدعم اللوجستي التي تصل إلى قرابة المليون دولار أمريكي، لا بد من وجود تسهيلات للإرهابيين تتيح لهم التنقل والوصول إلى الأهداف التي رسمت بدقة ونفذت بتواقيت متقاربة، وكل هذا يؤكد أن هذه الأعمال لم تقتصر على تنظيم داعش الإرهابي ولا بد من وجود أجهزة متخصصة ساعدتهم على تنفيذ مخططهم. بعد ذلك يجب أن نتفحص بيانات داعش بعد العملية التي صدر أول بيان لهم بعد ثماني ساعات من تلك الجرائم الإرهابية كعادة التنظيم الإرهابي الذي حدد الأشخاص الثمانية الذين نفذوا العمليات ولم يذكر الباقين، إنما ذكر من حددتهم السلطات الفرنسية، وهذا شيء يتطابق مع المعتاد في مثل هذه العمليات لأنهم حتى وإن كان هناك أشخاص آخرون وهو مؤكد لا يمكن ذكره حتى لا يساعدوا في القبض على إرهابييهم، إلا أن ما أثار انتباه من تابعوا بيان داعش هو مطالبته للمسلمين في فرنسا وبلدان أوروبية وأمريكا بالعودة إلى «ديار الخلافة» دار الخلافة في سوريا والعراق وليبيا التي حوّلها تنظيم داعش الإرهابي إلى دار عذاب لأهلها من المسلمين وغيرهم، فالذبح مستمر والقتل والحرق وتدمير المنازل مستمر والعباد يعانون من العوز الاقتصادي بالإضافة إلى فقدانهم الأمان، ومع هذا يطلبون أن يترك من يعيشون بالدول الأوروبية فرنسا وبريطانيا والدول الأخرى إضافة إلى أمريكا، وهم الآمنون ويساهموا حتى في مساعدة بلدانهم الأصلية بما يرسلون من أموال بالإضافة إلى رعاية أسرهم، يطالبونهم بأن يتركوا كل ذلك ويعودوا لجحيم داعش. ما يريدونه وما يعملون له سيحققه لهم المتشددون في أوروبا الذين سيزداد عددهم بعد إشاعة الخوف من المسلمين الذين يقوم بعض منهم بتنفيذ الأعمال الإرهابية، سواء لأسباب أمنية أو استجابة لضغوط الجماعات المتشددة والأحزاب الكارهة لوجود المسلمين. بدأت بعض الدول في طرد المسلمين من أراضيها وهي بداية ستتبعها موجات أخرى من الإبعاد والتضييق على المسلمين في رحلة ستكون نهايتها تحويل المسلمين إلى أعداء للدول المتحضرة، وتغييب اسم داعش وإعمال مصطلح الدولة الإسلامية واعتبار عناصره الإرهابية جيش إسلامي هي البداية. مقالات أخرى للكاتب تهيئة الرأي العام العالمي لفرض مواجهة الإرهاب كأولوية تزاحم الملفات السياسية مع الاقتصادية في قمة العشرين إعلان الحرب الكونية على الإرهاب إسرائيل تسرق الفلسطينيين وتطالب أوروبا بالتستر مبادرة خادم الحرمين لدعم جهود مصر