ساعد تحليل للحمض النووي (دي. إن. إيه) المستخلص من جمجمة ومن ضرس لرفات بشري عتيق اكتشفا في منطقة جنوب القوقاز بجورجيا في تصنيف أسلاف الأوروبيين المحدثين الذين ينحدرون من سلالات عديدة. وقال العلماء إنهم قاموا بفحص التسلسل الجيني لجينومين من فردين -يرجع عمر الأول الى 13300 عام والثاني 9700 سنة- ليجدوا أنهما يمثلان نسبا وذرية لم تكن معروفة من قبل تنتشر بصورة كبيرة في التركيب الوراثي لجميع الأوروبيين المحدثين تقريبا. وكان هذان الفردان ضمن جماعات من البشر تعيش على الصيد وجمع الثمار استوطنت منطقة القوقاز -التي تلتقى عندها روسيا وجورجيا- منذ نحو 45 ألف عام بعد أن ارتحلت أنواع البشر التي ننتمي إليها من أفريقيا لإعمار بقاع أخرى من العالم فيما كانت أوروبا آنئذ يقطنها انسان النياندرتال إحدى سلالات تطور الجنس البشري. وقال العلماء إن سكان منطقة القوقاز الذين يعيشون على القنص وجمع الثمار أصبحوا منعزلين فيما بعد فترة ألف عام خلال الحقبة الأخيرة من العصر الجليدي. وأضافوا أن ذوبان الجليد في نهاية العصر الجليدي جعل سكان منطقة القوقاز يتصلون بالشعوب الأخرى، ما فتح الباب أمام ثقافة جديدة لركوب قطعان الخيل ومكنهم من غزو غرب أوروبا منذ نحو خمسة آلاف عام ليجلبوا معهم مهارات تتعلق بتصنيع المعادن ورعي الحيوانات. وذكر دانييل برادلي عالم الوراثة بكلية ترينيتي في دبلن "الأوروبيون المحدثون هم خليط من سلالات أنساب عتيقة. والسبيل الوحيد لفك هذا النسيج الحديث المتشابك هو فحص التسلسل الجيني لأناس عاشوا منذ آلاف السنين قبل حدوث عملية الخلط هذه". وحتى الآن لم يتم التعرف سوى على ثلاثة أنساب عتيقة من تلك التي تنتمي لشعوب قديمة. وقال أندريا مانيكا أستاذ الوراثة بجامعة كمبردج إن سكان القوقاز يشتملون على "سلالة رابعة" لم تكن معروفة من قبل، مشيرا إلى أنهم لم يتخلّلوا فقط نسيج الأنساب الأوروبية بصورة كبيرة بل ذرية شعوب في آسيا الوسطى وشبه القارة الهندية. ووصف برادلي هذا الاكتشاف بأنّه "قطعة جديدة مهمة في نسيج الأنساب البشري المتشابك". وتقع منطقة القوقاز عند نقطة التقاء كتلة أوراسيا مع مسارات الهجرة القريبة المتجهة شرقا وغربا. وفي إطار الدراسة التي أوردتها دورية (نيتشر كومينيكيشنز) قال رون بنهاسي أستاذ الآثار بجامعة دبلن إن سكان القوقاز كانوا يعيشون على الصيد وجمع الثمار وكانوا يقيمون في كهوف في جماعات صغيرة لا تتعدى 20 أو 30 فردا. وقال تنجيز مشفيلياني من المتحف الوطني في جورجيا إن إحدى مجموعتي الرفات عثر عليها في كهف كوتياس كليدي قرب قرية سفيري بغرب جورجيا، واكتشفت الثانية على بعد 40 كيلومترا من الأولى بكهف ساتسوربيليا قرب قرية كوميستافي.