يلعب الإحصاء دوراً مهماً للغاية في جميع مجالات النشاط الإنساني ويلعب دوراً مهما في الاقتصاد، على اعتبار أن الأرقام لا تكذب حتى إن كان بعض الناس يفعلون. تحسَّن الإحصاء في السعودية في السنوات القليلة الماضية إلى حد ما، من حيث النوعية ومن حيث توافر البيانات. إذ يجري الآن نشر البيانات الربعية للناتج الإجمالي المحلي، وهو إنجاز تحقق منذ سنتين فقط. وقبل ذلك كنا البلد الوحيد في مجموعة العشرين الذي ينشر بيانات الناتج المحلي الإجمالي مرة في السنة. ويجب أن تصبح بيانات الناتج المحلي أكثر تناسقا وأن تكون أقل ميلاً للتقلبات الإحصائية والمراجعات الحادة على أساس ربعي. ويجب أن يراقَب أداء القطاعات ضمن الناتج بصورة وثيقة، على اعتبار أنه يمكن أن يكون هناك ميل للمبالغة. كما أن بيانات الحسابات القومية وبيانات مؤشر المواد الاستهلاكية تم تعديلها في الفترة الأخيرة ــــ فقد عُدِّلت الحسابات القومية منذ عام 2004، في حين أن التضخم تم تعديله منذ عام 1988. السبب الرئيس لتعديل الحسابات القومية هو تحسين نطاق التغطية للقطاع غير النفطي في الإحصاء الأخير للمؤسسات 2010، وهو ما رفع عدد المؤسسات المغطاة بالإحصائيات بصورة كبيرة بلغت 30 في المائة عند مقارنتها بالإحصاء السابق لعام 2003. بالنسبة للتضخم، فإن التعديل أدى إلى تحديث سنة الأساس من 1999 إلى 2007، وبالتالي عدل الأوزان النسبية في سلّة المكونات الفرعية ومن ثم تم تقليص وزن المواد الغذائية والمشروبات، في حين أن الإيجارات والوقود المدعوم والخدمات ارتفعت. لكن لا يمكن تعديل التضخم إلى الأدنى حتى عند استخدام سنة أساس جديدة، على اعتبار أن الصورة الإحصائية ينبغي أن تكون مطابقة للظروف نفسها ولا ينبغي أن يكون تعديل سنة الأساس على إنتاج مجموعة مختلفة من الأرقام التاريخية! وإذا كانت البيانات الشهرية متاحة منذ عام 2011، فإن تعديل التضخم على أساس تاريخي ينبغي أن يتطلب بيانات شهرية منذ عام 2007 ويجب أن تعلَن الأرقام على الملأ. يجب أن يكون هناك قدر أكبر من الاتساق والتجانس في الإحصاءات التي تقدمها الأجهزة الحكومية المختلفة، فكثير منها متناقض ومتعارض! على سبيل المثال، هناك بيانات حول القوى العاملة تقدمها وزارة العمل، وهي تختلف عن البيانات التي تقدمها مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات. سيكون من المفيد أيضاً أن توجد إحصائيات شهرية حول القوى العاملة وتوظيفها، وهي أفضل من البيانات نصف السنوية الحالية. كما أن الحاجة تدعو إلى نشر المزيد من الإحصائيات من قبل كل دائرة حكومية بالتنسيق مع مصلحة الإحصاءات والمعلومات واستناداً إلى خطوط إرشادية عامة متفق عليها. هناك بيانات إحصائية رسمية قليلة للغاية حول سوق العقارات، وأغلبها مبني على الأقوال، لذا تدعو الحاجة إلى إحصاءات عقارية من حيث الأسعار والمساحات في المدن والمناطق. أخيراً يجب البدء بتعريف الفقر بدلالة الدخل والإعلان بشكل دوري مشابه باقتصادات مجموعة العشرين ومن شأن ذلك الحد من الإحصاءات المضللة. يمكن القيام بكل ما ذكر لو كان هناك جهاز إحصائي مستقل يرتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء ويتمتع بميزانية مستقلة. الاستقلال الإداري والمالي هما من الأمور الأساسية من أجل الحصول على ذراع إحصائية قوية تجذب المواطنين لدراسة الإحصاء ومن ثم العمل في هذا الجهاز.