×
محافظة مكة المكرمة

الأرصاد : حالة عدم الاستقرار التي تؤثر على أجواء المملكة ستستمر ليوم غد

صورة الخبر

هل نجاحنا هو المهم؟ أم المهم أن نكون أكثر نجاحا من الآخرين؟ لنفترض انه طلب إليك أن تختار بين العيش في أحد العالمين الخياليين. في العالم الأول تتقاضى خمسين الف دولار سنويا ويتقاضى الآخرون خمسة وعشرين الف دولار. في العالم الثاني تتقاضى مائة الف دولار ويتقاضى الآخرون مائتين وخمسين ألف دولار. ماذا سيكون خيارك؟ طرح هذا السؤال على مجموعة من طلاب جامعة هارفارد وفضلت الأكثرية العظمى منهم الخيار الأول، وكان يسعدهم أن يصبحوا أكثر فقرا شريطة ان يتحسن مركزهم الاجتماعي بالمقارنة مع الآخرين. نتفهم مما سبق ان الأغلبية تحرص أشد الحرص على دخلها النسبي (نسبة الدخل بالمقارنة بدخل من حولهم)، أي انها لا تمانع في حدوث انخفاض ملحوظ في المدخول المادي اذا صاحب ذلك تحقيق صعود للأعلى على السلم الاجتماعي. يرغب معظمنا أن يعيش الحياة بأسلوب مشابه تقريبا لأسلوب جيرانه وأصدقائه، ونطمح كثيرا بمستوى أفضل، فحينما تقود سيارة صغيرة واكثرية من حولك يقودون نفس نوع السيارة فذلك يشعرك بالغبطة والرضى، ولكن ماذا لو امتلك البعض سيارة كبيرة فارهة وبدأ عددهم بالازدياد تدريجيا من حولك؟ في البداية يشعر صاحب السيارة الفارهة بالإعجاب والغبطة لتفرده، ويبدأ من حوله بالشعور بالحاجة لامتلاك سيارة مثلها، ويتضاءل رضاهم عن سيارتهم الصغيرة،، فيبدأون بالسعي للحصول على تلك السيارة،، ولكن الطريف انه حين يمتلكها معظمهم سيعودون لممارسة نفس الشعور السابق نحو سياراتهم الصغيرة البسيطة. يتعدى الدخل أن يكون مجرد وسيلة لشراء الأشياء، إذ أننا نستخدمه أيضا كمعيار للمقارنة مع مدخولات الآخرين، وكمقياس لمعرفة قيمتنا في عيون الناس، وكميزان لتقييم قدراتنا، ونهتم دوما بمقارنة دخلنا مع دخل زملائنا في العمل او مع آخرين في مواقع عمل مختلفة، ونحرص كثيرا على أن تحقق مداخيلنا مستويات أعلى، والحالة الوحيدة التي نسمح فيها بالموافقة على اجراء حسم للرواتب تكمن في تأكدنا ان ذلك يسري على الجميع. تخطر لي قصة ذلك الفلاح الذي كان لدى جاره بقرة ولم تكن لديه مثلها، وحين خرج له مارد المصباح السحري ليسأله عن أمنياته، فلقد كانت أمنيته بعد تفكير؛ اقتل بقرة جاري. تشكل المقارنات الاجتماعية سببا هاما لعدم ارتفاع مستوى السعادة في المجتمعات، وانخفاض الرضا النفسي عند الأفراد، مما يجعل علماء النفس يشجعونك على أن تجري مقارناتك دوما نزولا وليس صعودا،، سر الأسرار هو قول رسولنا الكريم «انظروا إلى من هو أسفل منكم، وَلا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لا تَزْدَرُوا نِعَمَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ».