أكثر المتضررين من تفجيرات باريس ملايين اللاجئين السوريين والفلسطينيين والعراقيين، وغيرهم من جنسيات، وصلت أوروبا، ولاتزال أوراق إقامتهم غير رسمية، وأوضاعهم معلقة، بانتظار قبولهم لاجئين رسميين. أوروبا التي ذرفت الدموع على هؤلاء، لديها ذريعة قوية اليوم ألا تقبل أحداً منهم، فقد يتسلل التطرف مع بعضهم، هذا فوق أن موجات الكراهية لن تسمح لحكومة أوروبية بإظهار مسحة من الشفقة والحزن تجاه هذه السحن الشرق أوسطية. لاحظوا هنا أننا لا نتحدث عن ستين مليون مسلم يحملون جنسيات أجنبية،إذ إننا نتحدث عن الذين قطعوا البحر الأبيض المتوسط للنجاة من حرائق بلادهم،ويقدمون طلبات اللجوء، بأنظار عطف أوروبي. لا أوروبا تريدهم اليوم، وليس بإمكانهم العودة إلى دولهم، أغلبهم أتلف وثائقه، ملايين العرب بدون في أوروبا، بلا هويات، ولا أسماء، أتلفوها كلها طلباً للجوء، وهم اليوم، بلا لجوء ولا عودة أيضاً! لم يعد لهؤلاء ملاذ آمن، إذ قطعوا كل الصلات مجبرين مع بلادهم لاعتبارات مختلفة، وهم بعد تفجيرات باريس تحديداً وباء لا بد من التخلص منه. يقال هذا الكلام لأولئك الذين يهللون لتفجيرات باريس، وبعضهم يستدعي بسذاجة ما فعلته فرنسا في الجزائر، وصولاً إلى غزوات نابليون لتبرير وشرعنة تفجيرات باريس، ولا يقف أحد عند كلفة هذه التفجيرات على ملايين البشر من هذه المنطقة. محزن حد الفجيعة أن نشهد ولادة جيل عربي أوروبي جديد، بلا هويات، ولا وثائق، سوى سحنة وجوههم المشرقية، وهي سحنة يحاول أصحابها في الأساس محو ملامحها، من أجل حياة جديدة.