سعى الحكم الجديد أمس إلى تكثيف الضغط على جماعة الإخوان المسلمين، بعد زيادة أعمال العنف التي يرتكبها أنصارها في الشارع ما أدى إلى قتل وإصابة العشرات، وخرج وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي عن صمته كاشفاً بعض التفاصيل التي دارت في الأروقة قبل عزل الرئيس السابق مرسي الذي واجه انتقادات لاذعة لرفضه كل مبادرات رأب الصدع. وشدد على أنه «لا تراجع عن خريطة الطريق»، كما تعهد بانتخابات يشهد بها العالم وتحت إشراف المنظمات الدولية، وأمر القضاء بحظر النشر في قضية «الهروب من السجن» المتهم فيها الرئيس المعزول، كما رفض طعناً على سجن نائب المرشد خيرت الشاطر في شأن تهمة التحريض على القتل، فيما كان الرئيس الموقت عدلي منصور يعقد أولى جلسات المصالحة الوطنية لكن غياب الأطراف الفاعلة في مقدمها «الإخوان» وحزب «النور» السلفي والأزهر والكنيسة أبقى الجلسة «شكلية». وفي خطاب وصف بأنه الأقوى، دافع السيسي عن عزل مرسي، معتبراً أن الإجراء جاء استجابة لخروج الملايين ضده، وقال: «أقول للمصريين كنا عند حسن ظنكم، وكل ما طلبتموه نفذناه»، قبل أن يرسل رسائل إلى الخارج، مؤكداً أنه رحب أمام الوفود الدولية برقابة العالم على الاستحقاقات التي ستجري في مصر، وتعهد بالعمل على أجراء انتخابات يشهد بها العالم، كما رفض اتهامات قادة الإخوان، مفصحاً عن بعض تفاصيل اجتماعاته الأخيرة بمرسي. وقال: «كنت دائمًا أقول للرئيس السابق إن الجيش المصري هو لكل المصريين، وعلى مسافة واحدة من كل الفصائل، وسيكون تحت قيادتك أنت، ولن يكون تحت قيادة شخص آخر، لم أخدعه وأقل له أنا معك، وكما أنت تريد»، وكشف أن كل البيانات التي أصدرها كانت بالاتفاق مع مرسي. وذكر «البيانات التي كنت أصدرها، والله العظيم، كنت أعرضها على الرئيس قبل نشرها، أقول كلامي هذا، ليس للمصريين فقط، بل لضباطنا وجيشنا وجنودنا». ووجه حديثاً إلى الجنود «ارفع راسك يا بني، ارفع راسك قوي، إحنا ناس بنخاف ربنا»، كما كشف إنه قدم النصائح كثيراً للرئيس المعزول لكنه لم يكن يستمع إليها. وقال: «قدمنا توصياتنا، التي من المفترض اتخاذها، ليتجاوز الأزمات التي سيقابلها، وهذا الكلام موثق، وفعلنا ذلك من أجل بلدنا، وليس من أجل أحد»، وأوضح السيسي أنه كان يرفض أن يتولى رئاسة مصر رئيس إسلامي. وقال: «كنت أجلس مع كل القوى السياسية والدينية منذ أحداث 28 كانون الثاني (يناير)، بحكم وظيفتي، وأتحدث معهم، وكنت أقول للتيار الديني: «خلي بالك من فكرة الدولة، لأنها في غاية الأهمية، وقيادة الدولة أمر في منتهى الحساسية، ويتطلب ممن سيتولى المسؤولية أن يكون رئيساً لكل المصريين»، وأضاف «عندما سئلت من الشيخ أبو اسحاق الحويني، أمام قادة التيار السلفي عن إمكانية ترشيحهم لرئيس، قلت لهم لأ، لأنكم تحتاجون جهداً ومعرفة وتأهيلاً»، واستطرد السيسي، كاشفاً أنه توقف عن نصح مرسي في آذار (مارس) الماضي. وقال: «أقول هذا حتى لا يتصور أحد أننا لم نعمل بالنصيحة المخلصة الأمينة لكل من سألنا ولم يسألنا، كنا نوضح خطوات وتوصيات المرحلة، وتداعيات عدم تنفيذها، وتوقفت عن إسداء النصح منذ نهاية آذار، وحذرت من أننا إن لم ننتبه جميعًا، سيعتبر التيار الديني أن ما يحدث داخل مصر ورفض المصريين له هو ممانعة من الشعب المصري ضد الدين، وأننا في مواجهة بين تيار يريد حكم البلد بالشكل الذي يرجوه وبين الشعب، وهذا ما حذرنا منه»، ونفى أن يكون قد ارتكب جريمة الخيانة بحق مرسي. وقال: «أوجّه كلامي، ليس فقط لطلاب الكلية، ولا القوات المسلحة، بل لكل المصريين، عندما أقول إن جيشنا وطني شريف، وإني أعني كل كلمة وحرف، بمنتهى الوضوح والصراحة، وعندما تعاملنا خلال السنة الماضية بعد تسليم السلطة إلى قيادة مدنية منتخبة، تعاملنا بمنتهى الأمانة والشرف، فلم نخن أو نتآمر أو نغدر، بل أعطينا النصيحة المخلصة والأمينة، فهل سأخون أهلي المصريين؟، وهل يأكل الأسد أبناءه؟»، وردًا على الشائعات، التي يطلقها الإخوان، بشأن وجود انقسامات داخل الجيش المصري، قال السيسي: «أسمع من أشهر عن انتشار (أفرولات) وزيّ عسكري، وتهريب سلاح من الخارج، ثم يقال خلال الفترة المقبلة إن الجيش انقسم، وإن جزءاً منه يهاجم بعضه، خدوا بالكم والله العظيم الجيش المصري على قلب رجل واحد... والجيش المصري ليس كأي جيش آخر، وما ينفعش الكلام ده يتعمل معانا»، وكشف السيسي بعضاً من تفاصيل لقاءاته مع المسؤولين الغربيين، وقال: «قلنا لكل من أتونا إننا مستعدون لانتخابات يشرف عليها أهل الأرض كلهم، الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، ليشهد لها العالم أجمع»، كما أزاح الستار عن بعض من تفاصيل اللحظات الأخيرة لمرسي في الحكم، وقال: «الخطاب الذي ألقاه الرئيس السابق محمد مرسي في قاعة المؤتمرات، قلت بعده لاثنين من القيادات الإخوانية إن الوضع خطير جداً، ونحتاج مصالحة حقيقية مع الجميع: الإعلام، والشرطة، والقضاء، والكنيسة، والرأي العام، وحاولت أن أؤكد لمرسي قبل الخطاب بيوم خلال ساعتين كاملتين أن مفردات الخطاب يجب أن تتضمن أمورًا للمصالحة»، أضاف: «حينما سمعته في اليوم التالي، قلت هل هذا ما اتفقنا عليه... نحن لسنا أوصياء على الرئيس، لكن ما سمعته كان خطاباً آخر، وخناقة من الرئيس السابق مع كل الناس، والقيادتين الإخوانيتين، قالوا لي إنه سيكون هناك عنف مسلح كي أخاف، لكنني حذرتهم من أن ما يحدث سيخرب الدنيا»، ووجّه التحية في نهاية خطابه إلى الجيش والشرطة، وقال: «تحية وتقدير لكل ضباط وصف وجنود الجيش والشرطة، فكنا نقول إن الجيش والشرطة والشعب يد واحدة، وقلتها سابقًا في نادي الجلاء، ونحن ليست لدينا حساسية وعداء مع أحد، فكل المصريين أخواتنا، لكن يجب أن يتعاملوا هم أيضًا معنا على أننا أخواتهم، وعقب كلمة السيسي بساعات قليلة كان الرئيس الموقت عدلي منصور يفتتح أولى جلسات «المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية» في غياب كل التيارات الإسلامية والمؤسسات الدينية (الأزهر والكنيسة)، حضرها محمد البرادعي نائب رئيس الجمهورية للعلاقات الدولية، وحازم الببلاوي رئيس مجلس الوزراء والمستشار أمين المهدي وزير العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، إضافة إلى مصطفى حجازي مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الاستراتيجية وسكينة فؤاد مستشارة الرئيس لشؤون المرأة وأحمد مسلماني المستشار الإعلامي لرئيس الجمهورية، فيما حضرت الأحزاب المنضوية في جبهة «الإنقاذ الوطني» في مقدمها زعيم التيار الشعبي حمدين صباحي، ورئيس الوفد السيد البدوي، ورئيس المصري الديموقراطي محمد أبو الغار، والمصريين الأحرار أحمد سعيد، كما حضر أيضاً الجلسة أمين عام اتحاد النقابات المهنية ونقباء المحامين والمهن الاجتماعية والمرشدين السياحيين، ومساعد وزير الداخلية لقطاع حقوق الإنسان وأكاديمية الشرطة، وحضر من الإعلاميين حمدي قنديل وياسر عبد العزيز، ومن المثقفين علاء الاسواني وكمال الهلباوي وعماد جاد وسمير مرقص وسيد حجاب وخالد يوسف، ومن حركة تمرد محمود بدر ومحمد عبد العزيز وحسن شاهين وأحمد عيد وأحمد العناني وأحمد سمير، ومن جبهة 30 يونيو حسام مؤنس وحسام فودة، والحقوقيون جمال عيد وناصر أمين وحافظ ابوسعدة ونهاد ابو القمصان ومختار نوح، فيما غاب عن حضور المؤتمر جماعة الإخوان المسلمين وحزب النور وحزب مصر القوية والجبهة السفلية. كانت الرئاسة وجهت الدعوة للحضور لكل من محمد علي بشر وياسر علي وعمرو دراج من الإخوان المسلمين، وعبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية ويونس مخيون رئيس حزب النور وناجح إبراهيم ونادر بكار وياسر برهامي من الجبهة السلفية. وأكد حزب النور السلفي إنه لا يمانع من المشاركة في جلسات المصالحة الوطنية، ولكن وفق بعض الشروط، وأوضح الأمين العام للحزب جلال مرة أمين، «لا مانع من مشاركة الحزب في جلسات المصالحة الوطنية... لكن يجب تنقية الأجواء قبل تلك الجلسات لضمان نجاحها، هناك أمور لا بد من تنفيذها للتمهيد لإجراء مصالحة وطنية حقيقة، وهي ميثاق شرف إعلامي... فلا يتصور الكلام على مصالحة في ظل تبني بعض وسائل الإعلام لخطاب تحريضي وعودة القنوات الإسلامية المغلقة»، وأضاف: «لا بد من مراجعة سلوك الأجهزة الأمنية تجاه التظاهرات حيث يلاحظ أنها تحمي تظاهرات المؤيدين للنظام بينما تتقاعس عن حماية التظاهرات المطالبة بعودة مرسي وهذا لا يمكن أن يقود إلى المصالحة». وقال المتحدث الإعلامي لحزب مصر القوية أن الحزب قرر الاعتذار عن حضور الجلسة بسبب «عدم تجاوب مؤسسة الرئاسة مع استفسارات الحزب بشأن تفاصيل تلك الجلسة ... وما نمي إلى علم الحزب بتجاهل دعوة بعض الأطراف السياسية المهمة وما ذكره متحدث الرئاسة من أن مؤسسات الجيش والشرطة ليست طرفاً في المصالحة مما يفرغ تلك المصالحة من مضمونها». وتلقى البرادعي أمس اتصالاً هاتفياً من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، كما أجرى اتصالين بكل من وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري والممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية كاترين آشتون. وكشف المستشار علي عوض، مقرر لجنة تعديل الدستور ومستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدستورية والقانونية، إن اللجنة تلقت حتى الآن مقترحات بتعديلات لمواد الدستور من 21 جهة، إلى جانب 55 اقتراحاً من المواطنين، وكذلك 355 اقتراحاً عبر البريد الإلكتروني. وأمرت السلطات القضائية بحظر النشر في قضية اقتحام السجون وأقسام الشرطة المصرية إبان الأيام الأولى لثورة يناير، والمتهم فيها الرئيس المعزول محمد مرسي وآخرون من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، فيما أحال هشام بركات النائب العام بلاغاً من نواب التيار المدني المستقيلين من مجلس الشورى المنحل باتهام أحمد فهمي بانتحال صفة رئيس المجلس إلى المحامي العام لنيابة شرق القاهرة للتحقيق، واتهم النواب ناجي الشهابي ونادية هنري ونبيل عزمي وأيمن هيبة في البلاغ الذي قدموه اليوم الأربعاء فهمي والأعضاء الذين حضروا جلسة مزعومة للمجلس المنحل برابعة العدوية بمخالفة الإعلان الدستوري بحل الشوري. ورفضت غرفة المشورة بمحكمة الجنح المستأنفة بجنوب القاهرة اليوم الاستئناف المقدم من خيرت الشاطر ومهدي عاكف وسعد الكتاتني ومحمد رشاد بيومي على قرار النيابة بحبسهم احتياطاً على ذمة التحقيقات في قضية اتهامهم بالتحريض على قتل المتظاهرين أمام مقر مكتب إرشاد الجماعة بالمقطم.