يعاني كبار السن مفارقة عجيبة وهي محاولة إثبات الذات وإظهار القدرة البدنية. لذلك تجد أكثر حديثهم يتركز على قصص الزواج والفحولة وما إليها. الأقرب للواقع هو أنهم يبحثون عن المفقود، أو يدعون وجوده. بينما تتجه المرأة عندما تتقدم في السن إلى الاستقلالية وتكوين شخصية اعتبارية، وصداقات مع جاراتها وأقاربها لم تسعفها على تكوينها سنوات محاولة إثبات الذات والجمال و"الكشخة" التي اشتغلت بها خلال سنوات شبابها. مع ظهور أول علامات الاستقلالية لدى المرأة يبدأ الرجل في محاولة إثبات الذات الذي لا تسنده بنية جسدية، وكأن الرجل والمرأة في سباقين متعاكسين يهتم كل منهما بما يخالف ما يهتم به الآخر. تستمر معاناة الرجل مع ذاته واستقلالية شريكته التي لو ظهرت في سن مبكرة لوجد لها حلا. تظهر هنا أزمة خريف العمر التي يكون فيها الرجل ذا سعة من المال وفسحة من الوقت، لكنه لا يملك المقوم الثالث وهو الطاقة التي تحقق طموحه. تعمل على هذه المعادلة المؤلمة شركات كثيرة شغلت الناس بمنتجاتها، ونشرت آمالا خادعة لكثيرين ممن ظنوا أنهم فقدوا القدرة على الاستمتاع بالحياة، لكن أن تأتي نظرية جديدة تدعي أن التعدد يطيل عمر الرجل، فتلك لعمري قاصمة الظهر التي ستقضي على ما تبقى من صحة ونشاط الرجل إن هو صدقها. أعلنها صراحة في البداية أنني لست من المعددين ولن أكون كذلك، حسب جيناتي الوراثية، وشجاعتي الأدبية. لكن ليس هناك ما يمنعني من نصح الضحايا الذين سيصدقون تلك النظرية، ويفقدون شريكات حياتهم الحاليات، ومعهن يفقدون ما تبقى من الكرامة والصحة التي يتمتعون ببقاياها. أقول هذا لزملاء نشروا أن كل زواج يطيل عمر الرجل 12 في المائة، فعمد بعضهم إلى الخيال ورسم سحابات مطيرة وحقول خضراء، بل إن أحدهم قرر أن "يدبل" عمره من خلال ثمان متفرقات "طبعا". الجميع متفقون على أن الأعمار بيد الله، لكنني أعرف أكثر من عشرة من أصحاب الوالد (غفر الله له)، توفوا خلال خمس سنوات من زواجهم الثاني. انتبهوا فالنسبة عكس ذلك تماما، أظن أن كل زيجة تنقص من عمر الرجل 20 في المائة بدل إطالته، والله أعلم.