مع إصدار المفوضية الأوروبية قراراً بتمييز منتجات المستوطنات الإسرائيلية التي تقع في الأراضي المحتلة عام 1967، أصبح الكيان يخبط بتصريحات عشوائية، وكال سيلاً من التهم للاتحاد ووصفه بالنفاق، واتباع سياسة الكيل بمكيالين، خاصة وأن هناك أكثر من 200 نزاع في العالم، فهل توقف الأمر عليه لوحده. كأنه بذلك يقول إنني لست المجرم الوحيد في العالم ولماذا يقع التضييق علينا وحدنا! رغم أن خطوة الاتحاد الأوروبي غير كافية، وجاءت خجولة خاصة بعد تبريرهم القرار بأنه جاء كإجراء فني وليس له علاقة بأي تدابير سياسية، في محاولة واضحة ومستميتة لاسترضاء الكيان المجرم الذي يقتل يومياً دون حسيب أو رقيب. لكن فما فائدة هذه الخطوات التي تترافق مع تغزل واضح في إسرائيل!. من المستغرب أن القارة العجوز ذات التاريخ العميق تخشى مواجهة سياسية مع إسرائيل هذا الكيان المجهري الذي لا يملك تاريخا ولا حضارة ولا حتى أرضاً. ما الذي يجعل أوروبا تسمح بسقوط هيبتها أمام تصريحات جوفاء من قيادات إسرائيلية خرقاء ومصنفين كمجرمي حرب، أم الأمر له علاقة باللوبيات الاقتصادية والسياسية المسيطرة، والتي يمكن اعتبارها احتلالاً للقرار الغربي عموماً؟. من العار رؤية زعماء دول عظمى يظهرون في قراراتهم كأنهم موظفون عند الكيان، يبررون قراراتهم تجاهه، ويغطون جرائمه، ويتغاضون عن تجاوزاته. لا يمكن الاستهانة بالقرار الأوروبي، فهو خطوة مهمة، لتذكير الكيان بأنه يحتل أراضي فلسطينية ويصادر حلم الدولة المستقلة. لكن ذلك غير كاف إذ تبعه مغازلات استرضائيه كالذي حدث، في ظل تعنت نتنياهو، الذي خاطب أوروبا بالقول بأنها عليها أن تخجل من نفسها، بالإضافة إلى تحطيمه جهود السلام بقوله خلال زيارته واشنطن بأنه من الصعوبة التوصل إلى حل للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وأن القدس والمسجد الأقصى خارج أي تسوية. من الجانب الفلسطيني، طالبت السلطة الاتحاد باتخاذ خطوات أكثر تأثيراً تجبر الاحتلال على وقف مصادراته للأرض التي كان آخرها حقن مستوطنة جيلو المقامة على أراضي بيت لحم ب900 وحدة استيطانية، بالإضافة إلى وقف قتل الفلسطينيين العزل بالشبهة. ولا تكفي المطالبة، ففي هذه المرحلة لا بد من الفلسطينيين تقديم جرائم الكيان في المحاكم الدولية، بالإضافة إلى محاكم دول أوروبا، ووضع أسماء سفاحي الاحتلال على قوائم سوداء، ومحاصرتهم دولياً، تماماً كما حدث سابقاً في بريطانيا عندما أجبر القضاء وزيرة خارجية الكيان آنذاك تسيبي ليفني على الهرب قبل اعتقالها. ولنكن واقعيين، فالغرب عموماً لن يتخذ خطوات جدية ومؤثرة لصالح القضية الفلسطينية، وإنما يحاول إسكات الفلسطينيين ببعض القرارات التي لن تمس الكيان فعلياً وعلى أرض الواقع، فإبر المورفين التخديرية هي سياستهم، يحاولون من خلالها تبييض وجوههم المسودة بالتشدق بعدالة رؤاهم. رغم ذلك فالفلسطينيون لا يقولون لا لأي خطوة كانت في صالح القضية مهما كان حجمها من أي دولة أو كيان في هذا العالم. aliqabajah@gmail.com