يبدو واضحاً أن مسيري النادي الأهلي قد أخذوا قراراهم بالتصعيد مع الاتحاد السعودي لكرة القدم في كل شاردة وواردة، والبيان الأخير الذي خرج في أعقاب التعادل مع الشباب يعطي تأكيداً بأن التوجه ليس تكتيكاً وإنما استراتيجية مرسومة بدقة؛ خصوصاً وأن مفردات البيان وسياقاته والتصعيد الإعلامي كلها تشي بأن الأهلاويين قد اتخذوا قراراهم بأن تكون المعركة مفتوحة. ربما يكون الأهلاويون قد أعدوا العدة لهذه الاستراتيجية في إطار استعدادهم للموسم، فكما تجهزوا إدارياً وفنياً فقد تجهزوا إعلامياً لهذا التصعيد؛ لاسيما وأن التغييرات التي حدثت إن على مستوى تغيير الأشخاص أو الأفكار توحي بذلك، لكنني لا أستطيع الجزم، فلربما أيضاً تكون حادثة المذكرة التي أعلنها المتحدث باسم النادي سالم الأحمدي والتي رفعها اتحاد الكرة للاتحاد الدولي بخصوص قضية اللاعب سعيد المولد هي التي أحدثت تلك الانعطافة في طريقة التعاطي الإعلامي، خصوصاً وأن تلك المذكرة قد أوجدت شرخاً عميقاً في علاقة الأهلي باتحاد الكرة. أياً يكن الأمر فإن ما يهم في قراءة الخطاب الإعلامي الأهلاوي في الأساس هو أصل التصعيد لا توقيته، فالأخذ في التعاطي الإعلامي الأهلاوي إلى حدود التأزيم مباشرة في الحالتين هو ما يؤشر على أن الخيار الأهلاوي المتخذ سلفاً هو تحويل الخطاب الأهلاوي من كونه مجرد موقف إلى معركة؛ بدليل التأكيد لأكثر من مرة بعدم الاكتفاء بالبيانات كأسلوب في التعاطي مع اتحاد الكرة وأن الأمور مفتوحة على كل الخيارات. أمر مهم وملفت في التعاطي الأهلاوي الإعلامي هذا الموسم، وهو عملية توزيع الأدوار بدقة، ففي حين يلتزم مجلس الإدارة ومن خلفه الأجهزة الإدارية للفريق الصمت أو الحديث وفق وتيرة طبيعية أو حتى منخفضة كما نلحظ في أداء رئيس النادي مساعد الزويهري ونائبه عبدالله بترجي ومن خلفهما مروان دفتردار قبل استقالته وباسم أبو داوود، تكون المواجهة القانونية الصرفة خاصة بمستشار النادي القانوني خالد أبو راشد، أما التصعيد الكلامي والضرب بعنف فهو دور المتحدث الرسمي، فيما يكون الإسناد من إعلاميي النادي الذين بدوا منسجمين كما لم يكونوا من قبل مع الاستراتيجية الجديدة بل أحياناً متقدمين عليها. الواضح جداً أن أصحاب القرار في الأهلي اتخذوا خيار التصعيد ورسموا استراتيجية المواجهة الإعلامية بعدما وصولوا إلى قناعة بأن معادلة تحقيق البطولات؛ وخصوصاً بطولة الدوري التي استعصت على الفريق لا تتحقق فقط حين يكون الفريق ناجحاً إدارياً وقوياً فنياً، وإنما تحتاج إلى التصعيد الإعلامي كرقم ثالث وثابت في المعادلة حتى لا تختل، ولعلهم بنوا هذا التصور تحديداً بعد انتكاسة الموسم الماضي حين كان الفريق قاب قوسين من تحقيق اللقب، حيث رأوا أن تصعيد نادي النصر الإعلامي وتصريح (الإنذار الأخير) لرئيس النصر كان التحول الرئيس في مسار اللقب. كل ذلك يمكن أن تفهمه في لعبة المناكفات الإعلامية مع وجود اتحاد ضعيف يخاف من ظله، لكن ما لا يمكن أن نتفهمه هو محاولة إقناعنا باستهداف النادي الأهلي مع أول خطأ تحكيمي في الموسم؛ خصوصاً وأن التصعيد وصل حداً أشعرنا وكأنما الفريق قد خسر كل بطولات الموسم بفعل فاعل، وهو ما يشوه تلك الاستراتيجية ويضعف مفعولها سواء اتفقنا أو اختلفنا عليها!.