اعتبر مختصون اقتصاديون موافقة مجلس الوزراء أمس على نظام الشركات الجديد لأنه سابقة نوعية في البيئة التجارية والاقتصادية، التي ستسهم في خلق بيئة استثمارية صحية للشركات المحلية والأجنبية على حدٍ سواء، مشيرين إلى أن أهمية النظام الجديد تكمن في كونه نظاما متفردا يجمع بين الأنظمة المعمول بها في الدول اللاتينية والأوروبية وأمريكا، خصوصا أن آخر إصدار لنظام الشركات كان قبل نحو 50 عاما. وقال لـ"الاقتصادية" عبدالله المليحي؛ عضو مجلس إدارة الغرف السعودية، معلقا على النظام الجديد، إنه يعتبر خطوة ممتازة للاقتصاد السعودي، إذ سيحد من القيود التي كانت تعرقل رجال الأعمال، وتأتي الأنظمة الجديدة مشابهة للأنظمة للعالمية التي انتهجها عدد من الدول المجاورة والعالمية، لتطوير العمل التجاري. ولفت المليحي إلى أن نظام تأسيس الشركات لشخص واحد وذات مسؤولية محدودة سيسهم في زيادة عدد الكيانات الاقتصادية الكبيرة في المملكة، ويعزز دخول كيانات جديدة للسوق، وسيدعم مؤسسات الدولة المختلفة، وسيزيد من دخول التقنية، والبعد عن التقليدية في إدارة الشركات والتصويت لأعضاء مجالسها، بعيدا عن الأوراق. وأبان أن الخطوة الأخيرة ستدعم تغيير المنظومة الاقتصادية بشكل كبير، وسيكون التفاعل معها على النحو المطلوب في المستقبل، وسيعزز من متانة ووضوح السوق السعودية ما يحفز الاستثمارات الأجنبية للدخول ونقل المعرفة، وسيزيد من فرص إيجاد الوظائف واستيعاب مخرجات التعليم، مبينا أن تطوير الكيانات الاقتصادية سيعزز من استحداث الوظائف. وألمح عضو مجلس الغرف التجارية إلى أن التعديلات الأخيرة ستقضي على التغيرات الموجودة في النظام القديم التي أسهمت في نشوء التشوهات القديمة في السوق، مثل: التستر والغش التجاري والتهرب من الرسوم، وتطوير آلية العمل، كما أن التغييرات الجديدة ستسهم في تطوير وبقاء الكيانات خصوصا فيما يتعلق بالحكومة والشفافية منذ بداية تأسيس الكيان، ما يعود على الاقتصاد السعودي بالنفع بشكل عام. من جانبه، أشار الدكتور ناصر الدوسري، مستشار ومحكم قانوني دولي مختص في القضايا التجارية، إلى أن النظام الجديد يعتبر نقلة تاريخية ونوعية في الأنظمة التجارية بالمملكة، مبينا أن النظام القديم للشركات صدر في عام 1385 قبل نحو 50 عاما ولم يعدل بعد ذلك، مشيرا إلى أن النظام الجديد يأتي ليضع المملكة على خريطة التجارة الدولية، إذ إنه يجمع بين الأنظمة الأمريكية والأوروبية واللاتينية، ومتماشيا معها، ومن هنا يمكن تفسير خروج النظام في صيغته النهائية الحالية، إذ إن تشريع الأنظمة يتطلب جهدا كبيرا في الدراسة والتنقيح لسد الثغرات والتحقق من ملاءمته. وتابع: "كنا ننتظر خروج القانون منذ أكثر من 15 سنة مضت، وكنا نتابع خروجه من وزارة التجارة إلى المجلس الاقتصادي الأعلى ومن ثم إلى مجلس الشورى، واليوم جاء النظام كاملا ووافيا ليسد جميع الثغرات التي كانت موجودة في النظام القديم والمتعلقة بحكومة وشفافية الشركات، التأسيس والإدارة، والشركات المساهمة والعائلية"، مضيفا، أن النظام القديم لا يدعم المنشآت العائلية للتحول إلى شركات مساهمة مغلقة إلا بدخول شركاء أجانب، واليوم النظام الجديد سيكفل تحول الشركات العائلية، التي تقدر بأكثر من 60 في المائة من الشركات في المملكة، وسيكفل استمراريتها في السوق". وحول الثغرات التي أوجدها النظام الجديد، قال المستشار القانوني إن النظام لا توجد به ثغرات ملحوظة، بل قضى على الثغرات القديمة، موضحا أنه لا يمكن معرفة الثغرات إن وجدت، إلا بعد مضي اثنتين إلى ثلاث سنوات على تطبيقه الفعلي. ولفت إلى أن الأنظمة الجديدة ستقضي على كثير من التشوهات السابقة الموجودة في السوق بسبب ثغرات النظام القديم الكثيرة، وسيحفز الشركات العالمية للدخول في السوق السعودية بسبب وضوح الأنظمة والإجراءات واعتماد الشفافية والإفصاح من جهة أخرى، ما يعزز من متانة الاقتصاد السعودي كمحصلة نهائية. وبين الدوسري، أن نظام الشركات الجديد عدل كثيرا على نظام العقوبات على الشركات المخالفة، إذ حدد النظام حدا أدنى وأعلى للحبس والغرامات، وجعلها رادعة جدا عما كانت عليه في السابق، خصوصا فيما يتعلق بتحديد خمسة ملايين ريال كحد أعلى الغرامات وخمس سنوات للحبس، وتحديد كذلك الحد الأدنى، ما سيحد من مسألة المخالفات والتلاعب بالقوائم المالية ورؤوس الأموال والشركات الوهمية، وسينعكس إجاباته على البيئة التجارية والاقتصادية في المملكة. من ناحيته، قال زياد البسام؛ عضو مجلس إدارة غرفة جدة، إن تغيير النظام بشكل كلي يعتبر خطوة تاريخية في المملكة، إذ يعتبر التغيير الجديد متكاملا لكل عمل يتعلق بالشركات التجارية، وهو نظام محفز للشركات لتقديم أفضل الممارسات، واستخدام أفضل الآليات الحديثة في الإدارة، واستقطاب أفضل التقنيات على مستوى العالم، إذ اهتم النظام بالشركات الكبيرة ذات المالك الواحد. وذلك علاوة على خفض عدد الإجراءات التي تقوم بها الشركات وخفض من رأسمالها، ما سيحفز أصحاب المنشآت الصغيرة ذات الأعمال التجارية الكبيرة للتحول إلى شركات، وتخفيض المخاطر المالية على تلك المنشآت وحماية حقوقهم وممتلكاتهم، كما راعى النظام إيجاد بيئة استثمارية منافسة وشريفة للشركات المحلية ودخول الشركات الأجنبية. واستطرد، "إن إلزامية الشركات للتحول للحكومة أمر في غاية الأهمية للحفاظ على الكيانات العائلية الكبيرة من الانهيار، إذ كانت في الماضي استرشادية، ما ضيع على الاقتصاد السعودي فرصا في غاية الأهمية بسبب النزاعات العائلية، وهو ما سيسهم في تعزيز الشفافية عن طريق فصل إدارة الشركات عن المناصب التنفيذية وفق إطار قانوني موحد ينظم إصدار الأسهم والسندات التجارية.