على رغم أن الكثير من المهاجرين غير الشرعيين يموتون في طريقهم إلى أوروبا بحثاً عن حياة كريمة، لكن دول "القارة العجوز" ليست خالية من المشاكل، إذ يواجه بعضها تحديات كبيرة. ووصل مئات ألوف اللاجئين والمهاجرين إلى أوروبا قادمين من الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، هرباً من الحرب أو الفقر. وأعلنت «الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود» (فرونتكس) في آذار (مارس) الماضي أن «عدد اللاجئين ارتفع من 100 ألف لاجئ في عام 2013 إلى 275 ألفاً العام الماضي، فيما تضاعف عبور المهاجرين وطالبي اللجوء من وسط المتوسط نحو إيطاليا قرابة أربعة أضعاف خلال العام الحالي (من 45 ألفاً إلى 174 ألفاً)، وارتفع من 20 ألفاً إلى 37 ألفاً في البلقان عند الحدود بين هنغاريا وصربيا». وبينما تحاول القارة الأوروبية السيطرة على تدفق اللاجئين والمهاجرين لدواعٍ سياسية وأمنية وحضارية، لكنها تحتاج إليهم لزيادة نسبة سكانها لدواع اقتصادية، بسبب معاناتها من الشيخوخة. وذكر موقع "ثريليست" أن التحدي الأكبر الذي يواجه غالبية الدول الأوروبية هو تراجع معدلات نمو المواليد وارتفاع نسبة المسنين، بسبب تفضيل شعوبها الزواج المتأخر، وإنجاب عدد قليل من الأطفال أو عدم الإنجاب، لتحتل المستوى الأدنى في العالم من حيث معدلات الخصوبة. وجاءت ألمانيا من بين الدول الأكثر تضرراً من انخفاض عدد المواليد. ووفق «مكتب الإحصاءات الفيديرالي» (ديستاتيس) الألماني، فإنه من المتوقّع أن ينخفض عدد سكان البلاد في عام 2060 إلى نحو 70 مليون نسمة. ويصل متوسط العمر في ألمانيا إلى 43 عاماً، ويتوقع أن يرتفع إلى 47 في عام 2030. من جهة ثانية، أظهرت دراسة نشرتها مجلة «يوريبيان هارت» في 20 آب (أغسطس) الماضي أن أمراض القلب والأوعية الدموية لا تزال السبب الرئيسي للوفيات في أوروبا على رغم التحسن الملحوظ في عدد من الدول. وتعاني القارة أيضاً من حال من «الركود الرقمي» يؤثر في تنافسيتها العالمية في هذا المجال، إذ أظهرت دراسة لرصد «مؤشر التطور الرقمي» أجراها باحثون من معهد «فليتشر» التابع إلى جامعة «تافتس» الأميركية الخاصة للأبحاث، أن 15 دولة أوروبية تعاني من ركود رقمي منذ عام 2008. وأوضحت الدراسة التي شملت 50 دولة، 23 منها أوروبية، أن ثلاث دول أوروبية فقط هي سويسراوإرلنداوإستونيا، وصلت إلى مستويات عالية من التطور الرقمي، قادر على جذب الاستثمارات في هذا المجال، بينما احتلت دول أوروبية المراتب التسع الأخيرة في القائمة التي ذيلتها هولندا. وانحسر أيضاً الاقتصاد الرقمي في دول مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وفنلنداوالسويد، بعدما كانت قوى تكنولوجية رائدة في مجال الهواتف الجوالة بفضل شركات مثل «نوكيا» الفنلندية و«الكاتل لوسنت» الفرنسية و«إريكسون» السويدية، قبل أن تنزوي لصالح الشركات الأميركية والآسيوية. وبالإضافة إلى المشاكل التي تواجهها القارة عموماً، تواجه بعض دول أوروبا تحديات عدة على المستوى الداخلي. فالنمسا تعاني من ارتفاع عدد المدخنين، إذ إن 29.4 في المئة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً يدخنون بشكل يومي، معتقدين بأن التدخين يضفي عليهم رجولة. وذكرت وكالة «رويترز» أن الحكومة النمسوية قررت حظر التدخين في المقاهي والمطاعم في عام 2018، بعد إصدارها قانوناً قبل ستة أعوام يُرغم المطاعم على تخصيص أماكن لغير المدخنين. من جهة ثانية، تحتل المملكة المتحدة أعلى نسبة في استخدام مخدر الـ«كوكايين»، وتعد أيضاً الأعلى استخداماً لمخدر الـ«أمفيتامين». أما بلغاريا، فهي أسوأ دول الاتحاد الأوربي في حرية الصحافة، إذ تحتل المرتبة 87 ضمن 179 دولة في حرية الصحافة، بحسب «منظمة مراسلون بلا حدود». وعلى المستوى الاقتصادي، تواجه اليونان تحديات اقتصادية كبرى، شكلت عبئاً على دول الاتحاد الأوروبي، إذ وصل معدل الاستدانة فيها مع نهاية عام 2013 الى 130.3 في المئة من إجمالي ناتج الدخل المحلي. وحذّر الرئيس الأميركي باراك أوباما من أن «الآثار الاقتصادية للأزمة المالية في اليونان ستتجاوز حدود أوروبا»، بالتزامن مع تزايد المؤشرات على امتداد الأزمة اليونانية لتشمل إسبانيا، إحدى القوى الاقتصادية الكبرى في منطقة اليورو، التي انخفض مستوى تصنيفها الائتماني. وتأسس الاتحاد الأوروبي الذي يضم 28 دولة في عام 1992، بناء على «معاهدة ماسترخت». ومن أهم مبادئ الاتحاد نقل صلاحيات الدول القومية إلى المؤسسات الأوروبية. وتستخدم 19 دولة أوروبية عملة اليورو الموحدة، ويتمتع الاتحاد بسياسة صيد بحري موحدة وأخرى زراعية. ويفسر البعض تسمية القارة الأوروبية بـ«العجوز» بارتفاع عدد كبار السن فيها، بالإضافة إلى حضاراتها القديمة مثل الأغريقية والرومانية والبيزنطية، فيما يرى البعض الآخر أنها حملت هذا اللقب لأنها تمثل الأوروبيين الذين اكتشفوا الأميركيتين، العالم القديم أو القارة القديمة.