خلال الفترة من 30 نوفمبر الى 11 ديسمبر سيتم عقد مؤتمر الأطراف الحادي والعشرين COP21 في باريس حيث سيشارك فيه جميع دول العالم لوضع اتفاق (بروتوكول جديد) يلزم جميع الدول بالمحافظة على بقاء حرارة الأرض أقل درجتين (below 2°C). المملكة هي إحدى الدول ضمن جميع دول العالم الأعضاء في الأمم المتحدة التي شاركت منذ انشاء الاتفاقية قبل 20 سنة ولا تزال تشارك بانتظام وستبقى مشاركة طالما أن الاتفاقية سارية المفعول. من تجربتي العملية طوال أكثر من عشر سنوات بمشاركتي في حضور جميع اجتماعات اتفاقية المناخ UNFCCC (تأسّست عام 1992 في قمة الأرض في RIO) وجميع اللجان المتفرعة منها بما فيها اجتماعات تفويض برلين وبروتوكول كيوتو (حجري ارتكاز الاتفاقية). كذلك حضوري معظم اجتماعات اللجنة الحكومية العلمية IPCC (تأسّست عام 1988) أجد أنه من واجبي الوطني أن أبدي وجهة نظري كمتخصص يتاح له أن يعرف ما وراء كواليس الاتفاقية أكثر من كثير ممن يشارك في حضورها وليس لديه الخلفية العلمية الكافية. هدف الاتفاقية واضح وضوح الشمس وهو منع ارتفاع انبعاث الغازات المسببة لارتفاع حرارة المناخ الى المستوى الذي يكون خطرا على حياة الانسان. خارطة الطريق لتحقيق هذا الهدف بدأت بتحديد المصادر التي تصدر منها الغازات المسبّبة للارتفاع الحراري ومن ثم خفض انبعاث هذه الغازات سواء بترشيد استهلاك مصادر الانبعاثات أو إيجاد الوسائل التي تمنع وصول الغازات الصادرة منها الى طبقة الغلاف الجوي للأرض. مصادر انبعاث الغازات المعنيّة متعدّدة لكن أكثرها في الواجهة هو الوقود الاحفوري (الفحم، والبترول، والغاز) وأكثر هذه المصادر الثلاثة لانبعاث الغازات: الفحم، ثم البترول، ثم الغاز. بعض (نعم البعض فقط) من الممثلين لبعض (البعض أيضا) دول اوبك المشاركين في التفاوض في اجتماعات اتفاقية المناخ تعامل مع الاتفاقية وكأنها مؤامرة عالميّة ضد بترول أوبك فحاولوا إعاقة مجريات الاتفاقية عن طريق الاعتراض العشوائي وكأن ديدنهم يقول: أنا أعترض فأنا موجود فأعطى موقفهم الغوغائي انطباعا للرأي العام العالمي بأن بترول اوبك هو المسؤول الوحيد عن ارتفاع درجة حرارة الأرض، وان مالكي البترول لا يشاركون البشر في مشاعرهم الإنسانية وكل ما يهمهم هو بيع بترولهم على حساب تدمير الأرض والانسان. ثم كانت الطّامّة الكبرى عندما تسلّط الهاكرز (يقال بإيعاز من أصحاب المصالح) على رسائل علماء المناخ ونشروا مقاطع مبتورة منها (فنّدها بعد ذلك علماء المناخ) تزعم ان العلماء يتعمدون تزييف الحقائق التي تدعي بأن التغير المناخي هو من عمل الانسان وليس من عمل الطبيعة. لم تجرؤ ولا دولة من الدول العظمى على التصدي للعلماء الذين أثبتوا سلامة موقفهم واقتصر التصدي على بعض رجال الكونغرس بصفتهم الشخصية برفع خطاب اعتراض تجاهله العالم. لكن العلماء بتأييد الحكومات والمنظمات الدولية وأنصار البيئة والرأي العام العالمي لم يغفروا للذين حاولوا بعنجهيّة الاساءة لسمعة العلماء والتشكيك في أمانتهم العلمية ما أضرّ بسمعة الدول التي قامت بالترويج علانية للإشاعة التي قام بها الهاكرز ضد علماء المناخ. التمعن في مواد الاتفاقية وقراءة ما بين سطورها يكشف لنا عن أنه من الخطأ تفسيرها على أن صياغتها تستهدف بترول أوبك لسبب بسيط لا يخفى على القارئ الفطن وهو انه يوجد خطوط دفاع حصينة لبترول أوبك فالفحم وهو الوقود الاحفوري الوحيد المتوفر في اوروبا المتحضّرة أكثر مصدر للغازات المعنية من البترول، كذلك بترول الرمال، والبترول الصخري، وبترول القطب والمياه العميقة كل هذه المصادر تقف كسد منيع لا يمكن تخطيه وفرض قيود على بترول أوبك. الأسبوع القادم – ان شاء الله – سنكشف كيف ان اتفاقية المناخ تعطي البترول النبيل ميزة على مصادر الوقود الأخرى.