عامٌ مرَّ على رحيل الفنانة مريم فخر الدين، بعدما تفاجأ جمهورها العربي بخبر وفاتها صبيحة الاثنين الموافق الثالث من نوفمبر من العام الماضي، بعدما أصيبت بجلطة دماغية أودت بحياتها، ليغادر الجسد وتبقى الروح مسيطرة على حياتنا بشكل كبير. ماري فخر الدين كما عرفت في مدرستها الألمانية حينما قامت والدتها السيدة المسيحية بإخبار إدارة مدرستها، بأن اسمها ماري وليس مريم، وُلدت في أسرة تعتبر مثالًا عمليًا لمبدأ الوحدة الوطنية، فوالدها محمد فخر الدين الرجل المسلم الذي تشاهده خمس مرات في اليوم يقوم بطقوس صلاته، والدتها السيدة المسيحية التي كانت تصطحب ابنتها للكنيسة من وقت لآخر لدرجة أن مريم وحتى وصلت للثانية عشرة من عمرها كانت تعتقد أن والديها على ديانة واحدة ولكن طقوس الصلاة بينهما مختلفة بسبب اختلاف الدين. البداية الفنية أما البداية الفنية لمريم فجاءت بعد مشاركتها في مسابقة ملكات جمال نظمتها إحدى المجلات الفرنسية والتي اختارتها وقتها كأجمل وجه شارك في المدرسة ليفتح بذلك أمامها الطريق للعديد من العروض الفنية، بسبب ملامح وجهها الأوربية لتبدأ مشوارًا طويلًا من الأفلام السينمائية تتعدى 200 فيلم بدءًا من ليلة غرام ومرورًا بالعديد من كلاسيكيات السينما المصرية يأتي في مقدمتها فيلم رد قلبي والذي جسدت به الشخصية التي اشتهرت بها طوال حياتها الأميرة إنجي والتي قالت عن هذا الدور إنها لو لم تكن مثلت أي أعمال قبله أو بعده، لكان كافيا لها. أربعة أزواج وشقيق اشتهرت الفنانة المصرية بتقديم الأدوار الرومانسية، فكانت فتاة أحلام جيل بأكمله من النجوم في أفلامهم، فهي من يتمنى أن تقع في حبه العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، وهي من يفعل من أجلها أي شيء دونجوان السينما المصرية رشدي أباظة، ورغم ذلك تقول الفنانة الراحلة في مقابلة إعلامية لها إنها ورغم حالة الرومانسية الكبيرة التي قدمتها على الشاشة الفضية، لم تشعر بالحب الحقيقي يومًا ما في حياتها الواقعية رغم زيجاتها الأربعة، منوهةً أنها لم تكن لأي منهم سواء الأول المخرج عز الدين ذو الفقار والد ابنتها الكبرى إيمان، أو الثاني الدكتور محمد الطويل والد ابنها أحمد، أو حتى الزوج الثالث المطرب السوري فهد بلان وأخيرًا الزوج الرابع شريف فضالي والذي كان يصغرها بأكثر من عشر سنوات، لافتةً أن أكثرهم حنانًا كان المطرب السوري لكن خلافاته الدائمة مع أولادها إيمان وأحمد تسبب في انفصالها عنه، فهي ترى دائمًا أنها لم تحظ بحياة زوجية كما كانت تحلم بها. ارجع يا زمان بعد أن تخطت الفنانة الراحلة التي وُلدت مطلع أغسطس من عام 1933، العقد الخامس من عمرها فوجئت أنها لا تعرف كيف تصلي وليست بحافظة لأي من سور القرآن الكريم، فتوجهت بالسؤال لصديقتها الفنانة شادية لتعلمها كيف تصلي، فأرسلت لها كتيبًا تتعلم من خلاله كيف تصلي لكنها لم تستطع التعامل معه فطلبت الفنانة شادية من الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي والذي كان سببًا في مساعدتها على الاعتزال، أن يقوم بتعليم مريم الصلاة وهو ما كان. وخلال تلك المرحلة من عمرها ابتعدت الفنانة الراحلة بشكل كبير عن التمثيل وأصبحت لا توافق على الكثير من الأعمال التي تعرض عليها وتكتفي فقط بأكثرها قيمة ولا يمكن أن يرفض حتى لو كان مشهدًا واحدًا كما قدمت في فيلم النوم في العسل رفقة الزعيم عادل إمام ومن بعده في مسلسل أوبرا عايدة إلى جوار النجم يحيى الفخراني، فكان ظهورها في أي من تلك الأعمال أشبه بجرعة الحب والحنين للزمن الجميل ومظاهره من قبل صناع تلك الأعمال إلى المشاهدين. واستمرت الحياة على هذا الأمر إلى أن رحلت الأميرة مريم فخر الدين.