لو تتبعنا المأثورات في الكلام والحث على الصمت؛ لعلت الحيرة المداد من أين ينطلق، لكثرة ما ورد في هذا المجال. وكلها مما يحث على الصمت ويشجع عليه، وينادي بالإيجاز وقلة الكلام. فالصمت حكم وقليل فاعله والصمت ستار، ومن كثر كلامه كثر خطأه. ولئن كان الصمت مرغوبا فيه لدى عامة الناس؛ فهو لدى الكبراء والمسؤولين أولى. إن كلام المسؤول مما يحفظ ويتم تداوله وتأويله وكلما قل كلامه كان أبلغ تأثيرا وأسمى قيمة وأكثر تركيزا وأصح قيلا وأقوى تذكرا وأدعى للمهابة والتلقي. حسنا بعد كل صيغ التفضيل السابقة لنقف ونتساءل: ما الذي يمكن قراءته من شهوة الكلام لدى المسؤول؟! هل يعبِّر عن عدم المكنة اللغوية وهي مطلب أساس لأي قائد، أم يعبِّر عن الشعور بعدم تحقيق الذات بعد؟ وهو أمر يطعن في أهليته للموقع!! أم إنه يعبِّر عن ضغط نفسي يعكس مدى قوة تحمل أعباء الموقع فيدفعه ذلك إلى الثرثرة!! إن من أهم سمات المسؤول -أيا كان- أن يكون مستمعا جيدا.. منصتا واعيا لما يطرح، يمتلك مهابة الحديث ومهابة الصمت في آن!! بإيجاز: إن حد الحسام في شهوة الكلام!!