عندما نسمع أو نقرأ مصطلح «اتفاقية» بين الدول يتبادر في الذهن أنها تخص أمورا في غاية الأهمية مثل اتفاقية لتوسيع التبادل التجاري أو الخفض الجمركي أو لتسوية حدود متنازع عليها بين الدول أو في مجال التعاون الصحي والعلمي وغيرها من المجالات التي تعقد حولها الاتفاقيات أما أن نسمع عن اتفاقية خاصة بكي الملابس وغسل الصحون فهذه من العجائب، فخلال السنوات الأخيرة أرهقتنا الصحافة وهي تنقل أخبار اللجنة الوطنية للاستقدام واتفاقياتها مع بعض الدول حول استقدام العمالة وهي لجنة أهلية ليست لها صفة حكومية أو رسمية ففي صباح كل يوم تقريبا نقرأ خبرا عن اللجنة فخبر يقول إنها غادرت بسلامة الله وحفظه أرض الوطن متوجهة إلى الخارج لتوقيع اتفاقية، ثم نقرأ عن رفض دول الاستقدام لشروط اللجنة ونقرأ عن مسؤولين من وزارة العمل في المملكة واجتماعهم بمسؤولين في دول الاستقدام، ثم نقل بشرى بعد عودتهم الميمونة بأن الاتفاقيات سوف توقع قريبا، ثم نقرأ أن وفودا من دول الاستقدام قد جاءت فاجتمعت مع بعض ملاك شركات الاستقدام في اللجنة الوطنية للاستقدام وأن اللجنة ترفض الرواتب والشروط التي حددتها تلك الوفود وربما ينتفض أحد أعضاء اللجنة فيقول: لن نسمح بأن يتم استغلال المواطن السعودي وكأنه يقول: نحن أولى باستغلاله منهم! ونقرأ عن تدخل برلمانات دول الاستقدام في الموضوع، ثم تدخل الرئيس شخصيا وتصاعد الأمور إلى حد تدخل مجلس الشورى السعودي لعله يجد حلا لهذه المعضلة وحل عقدها التي نسج خيوطها هوامير مكاتب الاستقدام في البلدين! والسؤال هنا هل قامت حكومات دول مثل تايوان أو كوريا أو اليابان أو الإمارات أو حتى الكويت بعقد اتفاقيات مع دول الاستقدام؟ هل قامت هذه الدول بإشغال نفسها بموضوع استقدام عامل أو عاملة؟ إذا كان الجواب بالنفي فلماذا يحصل لدينا كل هذا الضجيج حول الاستقدام على الرغم من أن الحل بسيط جدا وهو فتح باب الاستثمار للمكاتب الأجنبية لاستقدام العمالة المنزلية للمملكة حسب شروط المملكة. فإذا تم ذلك فلن نسمع عن اتفاقيات وبرلمانات ومجلس شورى ووزراء يتدخلون وسوف تقوم تلك الشركات بتدبير أمور إجراءات عملها في المملكة. ولكن هذا لن يتم بسبب أن الكعكة كبيرة ولذيذة وسهلة فقيمتها السنوية أكثر من عشرة مليارات ريال ولن يتركها هوامير الاستقدام تفلت من أيديهم ولو أوقف الاستقدام إلى عشر سنوات والمتضرر الوحيد من هذا الوضع هي العمالة المنزلية المحتاجة للعمل وربات المنازل في المملكة اللاتي يحتجن لعاملة تساعدهن في أمور منازلهن. فمن يضع حدا لهذه المهزلة؟