×
محافظة المنطقة الشرقية

رومانية: كوزمين وريجي.. المصير واحد

صورة الخبر

الحديث مع الفنان التشكيلي الفلسطيني سليمان منصور، له نكهة خاصة، فمن خلاله تعاين تاريخ الحركة التشكيلية الفلسطينية، وفي أعماله ترى تطورها، ليتحول منصور مع مرور الوقت إلى أيقونة فنية.. كما لوحته جمل المحامل التي تحولت هي الأخرى إلى أيقونة، لا يزال الكثيرون يرون فيها رمزاً للهوية والتراث الفلسطيني، رغم أنها فقدت وجرى تدميرها أثناء القصف الأميركي الذي طال أحد قصور القذافي في القرن الماضي. منصور كما أمضى وقتاً في رسمها.. فقد أمضى ردحاً من الزمن في البحث عن صورة لها تمكنه من إعادة رسمها مجدداً بهدف توثيقها. لمنصور المعروف بلقب شيخ الفنانين الفلسطينيين نظرة خاصة في تطور الحركة التشكيلية الفلسطينية.. ويحتفظ برأيه حيال الرسم على جدار الفصل العنصري، قائلاً لـ البيان إنه لا يجدر أن يتحول إلى جدارية فنية كبيرة، ويجب أن يظل على بشاعته مستفزاً للمشاعر الإنسانية، فيما يبرر تأثره بريفيرا لطبيعة الحياة التي ألفها الإنسان المكسيكي إبان ثورة المكسيك التي اندلعت في بداية القرن. اختلاف بين عقدي السبعينيات والحالي اختلاف واضح في المشهد العام للفن التشكيلي الفلسطيني، الذي شهد تطوراً واضحاً في حركته، ووفقاً لمنصور، فإن رسالة الفن التشكيلي الفلسطيني في السبعينيات والثمانينيات كانت تتلخص في التأكيد على الهوية. وقال: موضوع الهوية تجريدي يتطلب إيجاد عناصر بصرية قادرة على التعبير عنه، ولذلك كنا نبحث في الفنون القديمة للدلالة على الهوية الفلسطينية.. والتي استقيت من التراث والثوب الفلسطيني، والأرض، والعمارة الإسلامية والخط العربي، وطبيعة الأجواء السياسية العامة التي سادت آنذاك أصلت الروح الوطنية في الحركة التشكيلية نفسها. وأضاف: الأمر اختلف بعد منتصف التسعينيات، فقد شهدت انفتاح الحركة على العالم، وأتيحت لها الفرصة للاطلاع على التجارب الفنية العربية والعالمية، ما غيّر نوعاً ما من توجهاته. هوية الانفتاح على الآخر، لعب دوراً في إعادة تشكيل هوية الفنان الفلسطيني، وفي ذلك قال: التغيير لم يصب الفنان الفلسطيني فقط، وإنما أصاب عموم الفن في العالم، وأصبح هناك تركيز على الفن الذاتي عبر الابتعاد عن الهم العام. وواصل: هذا التأثير لا يعد ظاهرة صحية بالنسبة للفلسطيني، لأن الاهتمام يجب أن ينصب على القضية العامة، وألا تكون الذات هي محور حياة الفنان فقط، فذلك يساهم في تشتيت وضياع الفن الفلسطيني الذي يختلف في واقعه عن بقية العالم. تأثر أعمال المكسيكي دييغو ريفيرا بكل جمالياتها، صبغت تأثيراتها على أسلوب منصور الذي وجد خلال عقدي السبعينيات والثمانينيات في ريفيرا غايته، لا سيما وأن التحرر أو الطموح إليه شكل قاسماً مشتركاً بينهما، ووفقاً لمنصور فإن التأثر بريفيرا كان لتوجهه العام نحو اعتبار الإنسان عنصراً أساسياً في العمل الفني.. وهو ما يتلاءم وتوجهاتي الفنية، علماً أن ميولي خاصة لرسم الإنسان الشعبي بدأت قبل أن أعرف ريفيرا، ولكن سبب التأثر به نابع من قضية البحث عن التحرر من الديكتاتورية والاستعمار. وكما كان الإنسان محفزاً لمخيلة منصور، فقد بدا كذلك جدار الفصل العنصري الذي شيده الاحتلال في فلسطين، حيث استطاع فرض نفسه على أعمال تشكيلية كثيرة أبدعها منصور الذي يرفض أن يتم تحويل الجدار للوحة فنية، كما حدث مع جدار برلين قبل انهياره، قائلاً: الجدار يجب أن يظل كما هو شاهد على بشاعته، ولا يجب علينا تجميله بتحويله إلى جدارية فنية، فذلك يعطيه الفرصة لأن يكون قريباً من النفس.