×
محافظة المنطقة الشرقية

«مؤتمر الشرطة» يوصي بإعداد برامج تدريبية للكوادر الأمنية

صورة الخبر

يعتبر الشاعر الأمير خالد بن فيصل بن عبد العزيز آل سعود، مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة، وهو الشخصية المكرمة في المعرض، اسماً ثقافياً معروفاً، في العالمين العربي والإسلامي، وأيضاً على مستوى العالم، بوصفه أولاً شخصية أدبية، وله العديد من الإنجازات الثقافية التي لم تقتصر على الشعر والأدب، وإنما امتدت لتشمل الفكر، والفن، والتراث، كما تميّز عطاؤه بتكريم المبدعين في مختلف المجالات من خلال إشرافه على جائزة الملك فيصل العالمية، وجوائز مؤسسة الفكر العربي وغيرها. وهو كذلك معروف على المستوى الدولي عبر قيامه بالعديد من الإنجازات التي عملت على ترسيخ القيم الثقافية في جانبيها الوسطي والمعتدل، كما أنه من الرموز التي تنشط منذ زمن بعيد في مجال تشجيع الحوار والتفاعل مع الثقافات المختلفة. في الجانب الشعري على وجه الخصوص، فالأمير الشاعر يتمتع بشاعرية استرعت انتباه الكثير من النقاد، الذين تناولوها من خلال ما انطوت عليه من عاطفة جياشة وتصوير ساحر، ومعان سامية، فضلاً عما تضمنته هذه القصائد من أغراض عدة في الوصف والغزل والرثاء والفخر، وغيرها. نشر الأمير خالد الفيصل، في بداياته أشعاره تحت اسم مستعار هو (دايم السيف) ذلك الاسم الذي استخدمه لجس نبض جمهوره، الذي بدأ يتزايد يوماً بعد يوم، وهو بحسب ما وصف الأمير اختبار للشّعر ومعرفة مدى إمكانية وصولـه للمتلقِّي، وهو الذي جعله معروفاً من خلال شعره، قبل أن يعرفه الناس، ودايم كما عبر عنه الفيصل هو كناية عن اسم خالد فيما الفيصل هو اسم السيف. وبدأت تتوالى قصائد الأمير الفيصل، بما تحمل من رموز ودلالات، وقد كتب سموه الكثير من هذه القصائد ومنها على سبيل المثال: مدور الهين، يا طارد، كل ما نسنس، سريت، حنا عرب، ساعة العيد، مجموعة إنسان، بنات الريح، يا طارد، كل ما نسنس، سريت، الريح، اعتكف فكري، سمرت، ساعة العيد، حدر القمر، مجموعة إنسان، المعاناة، يالله دخيلك، اللي توده، في سحابه، أجاذبك الهوى، في غير الزمان، في غربتي، الله أكبر، طال السفر، ومنها أيضاً بادي الوقت التي وصفت بأنها تنطوي على حـكم وتأملات في الحياة ومنها: من بادي الوقت وهذا طبع الأيامي عذبات الأيام مـا تمـدي لــياليهــا حلو الليالي توارى مثل الأحلامي مخطور عني عجاج الوقت يخفيهـا أسري مع الهاجس اللي ما بعد نامي وأصوّر الماضي لنفسي وأسليها وقد لفتت أشعار الأمير الفيصل العديد من المهتمين بالترجمة بينهم الدكتور عدنان جواد الطعمة، الذي أنجز قسطاً من أشعاره إلى الألمانية، تحت عنوان (مختارات من الشعر العربي الفصيح والشعبي العراقي و النبطي السعودي إلى الألمانية) لإثراء المكتبة الألمانية، بحسب ما يؤكد طعمة ومنح الشعوب الأوروبية الناطقة بالألمانية فرص الاطلاع على تراثنا الأدبي العربي، وصدرت الترجمة في ألمانيا عام 1997 تحت عنوان (قصائد حب) حيث أشار الطعمة إلى أن بداياته في ترجمة أشعار الفيصل تعود لعام 1995 حين بثت الـ (إم بي سي) أشعار الفيصل فأعجب طعمة بقصائد الأمير، وما فيها من معان سامية، وصور جميلة ومنها قصيدة النيل الأسمر التي يناجي فيها نهر النيل وتقول كلماتها: يا اسمر النيل عاودني عليك الحنين من ثلاثين عاماً ما تغير هواك ساري بي غرامك ما طوته السنين كل ما قلت أبا انسى زاد عندي غلاك ملهم المبدعين وساحر العاشقين من قديم الزمان الفن زهرة عطاك اسقني واروني يا ساقي الخالدين وابعث الوجد من عاطر نداك ومساك ومن بين القصائد المترجمة لا هنت وما تضمنته من جرعة صدق وحزن ورثاء ومطلعها: (لا هنت يا راس الرجاجيل لاهنت لا هان راس في ثرى العود مدفون والله ما حطك بالقبر لكن آمنت باللي جعل دفن المسلمين مسنون). ووصف د. الطعمة أشعار الفيصل، بأنها ملأى بالصور الشعرية والصيغ الفنية التي يجمع من خلالها الآفاق المتنوعة والتعبيرات، والاستعارات الجميلة. وعن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في عام 2006 صدر كتاب (عاشق خزامى.. حفر الحب والحكمة في شعر خالد الفيصل) لشاكر النابلسي، الذي قدم له بقوله تكمن أهمية قصائد الشاعر الفيصل في عاملين رئيسيين: الأول، اللغة الشعرية التي استعملها، وهي لغة تتوسط بين الشعر النبطي الشعبي و الشعر الفصيح، وهو ما يفضل الشاعر الفيصل أن يطلق عليه (اللهجة المحلية)، حيث جاء بلغة شعرية جديدة غير مسبوقة في الشعر العربي المعاصر، بحيث تميّز بهذه اللغة فأصبح شعره يحمل دمغة لغوية خاصة به. ويشير شاكر النابلسي إلى أن دراسته النقدية لشعر الأمير خالد الفيصل غير مفصولة أو معزولة عن حركة التجديد والحداثة الشعرية التي شهدتها المملكة العربية السعودية منذ الثمانينات من القرن الماضي. فشعر الفيصل هو جزء من هذا التجديد ومن هذه الحداثة. وقد عاشها الشاعر بالصورة الشعرية والرسم التشكيلي، باعتباره شاعراً ورساماً تشكيلياً. وتابع النابلسي في مقدمته للكتاب أن أهمية شعر الأمير تكمن في عاملين رئيسيين: أولهما اللغة الشعرية التي استعملها، وهي لغة أشبه بلغة نجيب محفوظ في الرواية التي توسطت بين الحوار العامي والحوار الفصيح، أخذت من الفصحى الابتعاد عن الإسفاف اللغوي، والرقي باللغة عن لغة الشارع إلى لغة الأدب الراقي، ولقد جاء الفيصل بلغة شعرية غير مسبوقة في الشعر العربي المعاصر، بحيث تميز بهذه اللغة، فأصبح شعره يحمل دمغة لغوية خاصة به، أما العامل الثاني فهو أن الشاعر الفيصل قد أعاد للشعر العربي الحديث عامة، وللشعر السعودي المعاصر خاصة، لغة العشق العذري في القرن الثامن الميلادي، وفي بداية العصر الأموي، وهي لغة شعر المجنون قيس بن الملوح وقيس بن ذريح وكثير عزة وجميل بثينة وغيرهم. ومن الكتب التي رصدت جانباً من شعرية الأمير الفيصل كتاب (قراءات في رحاب أشعار خالد الفيصل) لمالك صبحي سليمان، وهو عبارة عن قراءة تذوقية تدرس جوانب متعددة من شاعريته في الحب والحكمة والغزل والنصيحة والحماسة الوطنية والمضامين الإنسانية. وأشار مؤلف الكتاب إلى أن الفيصل هو بحق شاعر الأمراء وأمير الشعراء، وهو يستعرض رؤى وهواجس وتداعيات شعرية رسم من خلالها الفيصل صوراً حية، صادقة وجميلة، لما يحسه من نبيل العاطفة ولواعج الشوق والوجد والنوى والهجر والفراق.. الخ. دراسات كثيرة قدمت في أشعار الأمير الفيصل منها: (الفروسية في أشعار خالد الفيصل) للدكتور عبد الله بنصر العلوي، وروائع من قصائد الأمير خالد الفيصل لسامر محي الدين أمين، وآخر لفؤاد أحمد البراهيم، التي يعتبره أحد رموز الشعر الشعبي الكبار في جزيرة العرب، واستعرض فيها مقاطع تغنى بها فنان العرب محمد عبده، وهي مجموعة إنسان المعروفة. أما بالنسبة لديوانه (وزن الكلام) فكتبت فيه دراسات مهمة أبرزها، تلك القراءة التي قدمها أحمد سماحة، في فبراير/شباط 2015 تحت عنوان (حين يتحول الكلام إلى جواهر) حيث توقف عند ملمحين بارزين في هذه المجموعة، الملمح الأول: هو الشاعر الذي أبدع، حيث قال نحن أمام شاعر له اسمه الزاخر بالإبداع وعطائه الثري في الساحة الشعرية، ليس منذ ديوانه الشعري الشعبي الأول قصائد نبطية الذي صدر عام ١٤٠٦ هجرية، والذي تضمن ما يقرب من١٠٠ قصيدة، ولا حتى أمام اختيار هذا الديوان ضمن ثمانية كتب عالمية باعت أكثر من ٥٠ ألف نسخة، ولكن أمام تاريخ مملوء بالعطاء الفكري والإبداعي، الذي زخر بإنجازات إبداعية وفكرية منها: مؤسسة الفكر العربي المعروفة، وإنجازات أخرى عديدة تحتاج إلى وقفات طويلة منها إبداعاته الفنية. وأشار سماحة إلى تأثر الفيصل بالمتنبي، وهو -أي الفيصل - توقف طويلاً أمام خزانته الشعرية، كان من أوائل الشعراء الذين أقيمت لهم أمسيات شعرية في عواصم عربية وغربية، ومن الشعراء الذين يكتبون شعر التفعيلة بإجادة، ويمتلك القدرة على توظيف المفردات الشعرية بإتقان ودهشة تأخذك إلى عوالم رحبة من الخيال المبدع والمعاني العميقة والصور الفنية، التي تلمس بداخلك أحاسيس شتى، وتسمو بك إلى فضاءات مغايرة. أما الملمح الثاني الذي استرعى أحمد سماحة فهو يتصل بديوان وزن الكلام على وجه الخصوص حيث يأخذ عنوانه القارىء إلى تأويلات كثيرة، فـوزن الكلام تورية مبدعة تقودنا إلى التفرد والإبداع والحكمة والبساطة المدهشة، وهي التي تنطلق من حكينا اليومي والتي تلامس ما نقوله بالشعبي إلى من يخرجون عن سياقات الكلام اوزن كلامك، وأيضاً تشير إلى القلة من الحكماء ممن يزنون كلامهم، فلا يطغى ولا ينقص، فوزن الكلام من الحكمة والقدرة، فما بالك إذا كان هذا الكلام مبدعاً وزاخراً بالمعاني، هنا يكون الأمر مختلفاً ومدهشاً، خاصة إذا كان هذا الكلام المبدع منطلقاً من ذات مبدع وملامساً الواقع بكل أبعاده ومكوناته من بشر ومواقف وانفعالات وتاريخ وفكر وعاطفة ومشاعر تتفاعل مع كل هذه المعاني والمفردات لتصوغها شعراً مبدعاً. نماذج من أشعاره أجل لولاك: أجل لولاك والله ما بكينا ولا هانت مدامعنا علينا ولو تنسى هوانا يا حبيبي حشا الله حنا ما نسينا أنا باقي على عهد المحبة وبا بقى لك وفيّ ما حيينا ولا بدك تبي تفهم وتدري وتلقى في المحبة ما لقينا ولكني أخاف من الليالي تزلّ بنا وحنّا ما درينا ارفعي سهم المنايا ما بقى فينـي مكـانٍ للطعـون والذي شقّوا خفوقي يشتكـون كبرت اللّي بأوّل أيامـي تهـون ردّت الأيـام دمعـي بالجفـون واستبدّت بي مواجيع الظنـون كيف يستهوي هل العشق المُنُون في زمانٍ ما عرف يـومٍ حنـون واصدق التعبير نظرات العيون يبكي الصوت يبكي الصوت والنظرات تشكي والمعاني ولو صاحت حبيسه يصمت الليل و التنهيد يحكي والمعاليق في قلبي يبيسه يا حبيبه سألت الليل انا عنك وكل نجم فقد مثلي أنيسه هل دمعي و قام الليل يبكي والقمر نشّ من فرقى جليسه ويل من شالته موجة بحرك ليتني ما نزلت الشط أقيسه لو لمستي البحير بأطراف يدك من حلالك غدا طعمه مريسه للهوى حس إذا لامس زهرك ينعش القلب إذا جاني حسيسه حوّل سحابي حوّل سحابي واحسب أنّـي وصلْتَـه وهبْـت هبايبهـا وشالـت سحابـي حلمٍ علَـى غفـوة زمانـي حلمْتَـه ليت الزّمان الّلي غفا ما صحى بـي في غمضةٍ من ليل.... عمري سرقْتَه لاشك حظّي من عذابي وشَـى بـي الّليل يوم أنّه صَحى بي... جرحْتَـه والعمْر في مجروح ليلي سرَى بـي من وقتيَ المجروح لجـروح وقْتَـه يمشي وحظّي بالعَثايـر مشَـى بـي لوْ أنّ قيـدي فـي يدينـي كسرتَـه ميرْ البلى قيد الغـرام ألتـوَى بـي الله من صوتٍ علَى الشّـوق جبتَـه والله من كلمـة غلـى فـي كتابـي أطوّح المسحـوب مـعْ كـل نْهتَـه واسمع علَى همس الّليالـي جوابـي يا معشر العشّـاق قلبـي عصرْتَـه قطـرات خفّـاقٍ مـن الوجـد ذابِ علَـى عشيـرٍ بالوفـا قـد وعدْتَـه لو شبت ( أحبّه )... مثل فتنةْ شبابي نادميــني ما بقى غير الموادع يـا حبيـب واجلَي مْن العين نزّات السّريب الذلول تسير والراكب غريـب والثرى من حدرها جاله لهيـب لاهل ركبٍ ما بعد طبّ الشعيـب والمراجل دربها دايـم صعيـب ضعيوا بعيدهم واخطوا القريـب ويا بعد فرق الغرير من اللّبيب وان تحدّث طاح من عين الرقيب واللسان يجمّلـه والاّ يعيـب والْمِسي بعيونك جروحي تطيب يا شعاع بالعمـر قبـل المغيـب تبعث الآمال في وقـت عجيـب نادميني.. كلها ساعـه واغيـب محطات وإنجازات الأمير الفيصل هو صاحب ثاني منتدى أدبي ثقافي بالرياض، وكان يعقد في منزله إبان عمله برعاية الشباب، وأسس مجلة (الفيصل) التي أهداها لمؤسسة الملك فيصل الخيرية، أما دواوينه الشعرية فتضم أول ديوان شعري شعبي بعنوان قصائد نبطية وصدر عام 1984 وضم نحو مئة قصيدة، وعشر لوحات بريشته، وصدر ديوانه الثاني عام 1990، واشتمل على 53 قصيدة وثماني أغانٍ وعدد من رسوماته. في عام 1999 وبمناسبة اختيار ديوانه الأول ضمن ثمانية كتب عالمية تبيع أكثر من خمسين ألف نسخة، أصدرت مكتبة العبيكان كتاباً ضم دواوين الأمير الثلاثة، وقصائد جديدة بعنوان (أشعار خالد الفيصل)، كما صدر له ديوان جديد بعنوان (وزن الكلام). في عام 1997 أصدر كتاب (مسافة التنمية وشاهد عيان) عن تجربة التنمية في منطقة عسير، وقد تم تحديث الكتاب لتتولى طبعه ونشره باللغتين العربية والإنجليزية دار برزان للنشر في بيروت ولندن. في عام 2002 صدر عنه كتاب (سياحة في فكر الأمير). قدم خالد الفيصل أمسيات شعرية داخل المملكة وخارجها، قامت بتغطيتها وسائل الإعلام العربية، وألف (أوبريت التوحيد) الذي قدم في المهرجان الوطني للتراث والثقافة، ونشيد (نشوة العز) بمناسبة الاحتفال بمرور مئة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية، كما شارك سموه بآخر أمسياته الشعرية تحت عنوان(الوطن) بمناسبة الرياض عاصمة الثقافة العربية. أسس الأمير خالد الفيصل جائزة أبها التي تمنح سنوياً للمتفوقين في مجالات الثقافة والتعليم الجامعي والعام والخدمة الوطنية. وفي جانب الفن التشكيلي، أقام معارض فنية أبرزها المعرض المشترك الذي أقامه مع الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا ضمن مبادرة عرفت بمبادرة (رسم ورعاية) انطلقت عام 1999. والفيصل مدير عام مؤسسة الملك فيصل الخيرية، ورئيس هيئة جائزة الملك فيصل العالمية، ورئيس مؤسسة الفكر العربي في لبنان، ورئيس شرف جمعية فاس سايس للتنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية في المغرب، وعضو مجلس أمناء معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية التابع لجامعة فرانكفورت في ألمانيا، كما تولى مناصب حكومية عدة، كانت بدايتها منصب أمير منطقة عسير في عام 1971، أمير منطقة مكة مكة المكرمة 2007، وزير التربية والتعليم عام 2013، ثم أميراً لمكة المكرمة من جديد في يناير/كانون الثاني 2015، إلى جانب توليه منصب مستشار خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود.