تفترش عشرات الأسر اليمنية أرضا صحراوية قاحلة في محافظة مأرب، لجأت إليها قبل ستة أشهر تقريبا، عقب أن هجرتهم ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية من منازلهم في مديرية صرواح. "الوطن" زارت مخيمات النازحين في مأرب، واطلعت عن كثب على أوضاعهم. تقول إحصائيات منظمات محلية إن عدد الأسر التي تنتشر في منطقتي ذنه، والروضة بلغ 700 أسرة، ويعيش جميع هؤلاء أوضاعا إنسانية صعبة، بسبب انعدام الخدمات الأساسية وتجاهل المنظمات الدولية لهم. أوضاع صعبة ويصف أحمد ربيع، وهو صحفي من أبناء المنطقة وأحد النازحين مع أسرته، الوضع في مخيمات النازحين، بأنه "سيئ"، ويقول إن دور المنظمات الدولية غائب بشكل كلي، وإن جمعيات خيرية ومنظمات أهلية كانت تتبرع بمواد غذائية، لكنها عجزت أخيرا عن الاستمرار في ذلك منذ أشهر. وتسببت ميليشيا الحوثي والمخلوع، منذ انقلابها على السلطة واجتياحها للعاصمة صنعاء في سبتمبر من العام الماضي، في تهجير وتشريد آلاف اليمنيين، بعد ممارسة انتهاكات مختلفة بحق المواطنين، أبرزها تفجير منازلهم، واقتيادهم إلى السجون والأقبية السرية وتهديدهم. وتبعد مخيمات النازحين عن مدينة مأرب ما يقارب 30 كيلومترا، وهو ما يعني صعوبة الوصول إليها، لشراء المواد الغذائية وغيرها من الاحتياجات الأساسية. شح المياه ويقول ربيع "المعضلة الأساسية التي تواجهنا حاليا هي الحصول على المياه، حيث تصل قيمة الصهريج سعة 15 برميلا إلى 25 ألف ريال يمني، أي قرابة 400 ريال سعودي. وعلاوة على ذلك، لا توجد عناية طبية ولا كهرباء ولا مأوى يقي هذه الأسر من قيظ الحر وزمهرير البرد، وشاهد مراسل "الوطن" خياما متواضعة تبيت فيها الأسر صُنعت غالبيتها من أعواد وأوراق الشجر، ونادرا من يكون هناك نازح تسمح له ظروفه المالية بشراء خيمة مناسبة للبقاء فيها مع عائلته. وشدد ربيع على ضرورة توفير الاحتياجات اللازمة، وقال إن فصل الشتاء الذي يُعرف ببرودة أجوائه في اليمن، على الأبواب، في حين لا يمتلك هؤلاء النازحون أبسط المقومات لمواجهته. إصرار على الحياة وناشد ربيع الحكومة الشرعية ومنظمات الإغاثة سرعة إغاثة النازحين، وقال إن كل الموجودين هم أسر شهداء أو جرحى، وأسر أفراد في المقاومة الشعبية، نكّل بهم الانقلابيون نتيجة مقاومتهم الشرسة لتلك الميليشيات. في مسجد صغير شكله النازحون من أعواد الشجر، يجلس أطفال بداخله بين العصر والمغرب، لتلقي تعليمهم المتواضع، عوضا عن مدرستهم التي هدمها الحوثيون في صرواح. واختاروا هذا الوقت كونه الوقت المناسب للجلوس في هذا المكان المبني من أعواد الشجر، بحيث يصعب الجلوس فيه صباحا أو ظهرا لشدة الحرارة. ويتناوب بعض المدرسين، على تعليم الطلاب، وأكد أنه مهما كانت العوائق التي وضعها الانقلابيون فإن اليمنيين مصرون على الحياة والتعلم والعيش بحرية وكرامة.