تسبب صك صادر قبل أكثر من 80 عاما في وقف التنمية والخدمات عن 10 آلاف مواطن في قرى القحمة التابعة لمحافظتي أبوعريش وأحد المسارحة على بعد 50 كيلومترا من مدينة جازان. صك الحجر كما يطلق عليه كان وراء حرمان تلك القرى من الخدمات والتنمية، وتعاقب سكانها على تذكر عبارة «حفظ ملفات الأوراق وأرقام المعاملات» وذلك حينما تحول نزاع على أراض قبل أكثر من 80 عاما إلى رواية حرمان تلك القرى من الخدمات والتنمية. جولة «عكاظ» انطلقت من قرية القحمة لتمتد إلى قرى عياش، الحصمة، أبو الجهوة، المهدج، والمصقع، واستقبلتنا بالمسطحات الخضراء في حقول الأودية، في تلك القرى رصدنا معاناة الأهالي من توقف التنمية والخدمات في قراهم بسبب صك حجر أصدره حاكم المنطقة محمد بن علي إدريس عام 1353هـ على مساحة كبيرة من الأراضي، حصلت «عكاظ» على صورة منه مع وثائق صادرة من عدة محاكم في المنطقة تؤكد عدم وجود سجلات للصك في المحاكم، حيث كشف خطاب من رئيس المحكمة العامة بجازان، أن الصك المذكور لا يوجد له سجل بالمحكمة، حيث إن السجلات المدونة بعد هذا التاريخ بقرابة عشرة أعوام. وكشفت خطابات أخرى صادرة من رئيس المحكمة العامة بأحد المسارحة ومحكمة العارضة، عدم وجود سجل للصك في تلك المحاكم، فيما كشف خطاب صادر من إمارة منطقة جازان، عدم معرفة الجهات الحكومية المختصة بحدود صك الحجر الذي يتضمن تشكيل لجنة من المحافظة والمحكمة والبلدية والشرطة واثنين من أهل الخبرة لتطبيقه من خلال رسم كروكي ومصور جوي يوضح المساحة هل هي زراعية أو سكنية. وقفنا مع الأهالي على واقع قراهم وتجولنا بين منازلهم، وعرضوا أوراقهم ومطالباتهم الممتدة على مساحات سنين طويلة، وهي عبارة عن حجج استحكام تحولت إلى أقصوصات هشة بعد أن طارت السنين بأعمارهم وأوراقهم الثبوتية التي تؤكد تملكهم تلك الأراضي. يقول المواطن محمد خبراني (في العقد السابع من عمره) «من يموت في قرى القحمة لا يورث لأبنائه أرضا وإنما يورث أوراقا ومستندات تتعاقب الأجيال على حفظها دون فائدة بسبب الصك الصادر يوم 26 ذي الحجة عام 1353هـ». وما زال الأهالي ينتظرون إنهاء معاناتهم داخل تلك القرى التي خلت أرجاؤها من ملامح التنمية والخدمات، فيما تلوح في الافق منازل هجرها سكانها بسبب رفض توصيل خدمة الكهرباء والمياه إليها أو رفض إكمال تشييدها. يقول كل من مصعود محمد خبراني وحسين مقلز إن «وثيقة الحجر سببت للأهالي الكثير من المعاناة خاصة أنهم يعملون في مجال زراعة الأراضي طيلة سنوات حياتهم»، فيما يشتكي محمد مصعود خبراني ومحمد عطيف من منعهم من البناء من قبل البلديات، إضافة لعدم وجود مركز صحي في تلك القرى بسبب الصك. ويقول أحمد عبدالله: يضطر أهالي تلك القرى للسفر لقرى أخرى على مسافة أكثر من 30 كلم بحثا عن العلاج في أحد المراكز الصحية. ولمعرفة وجهة نظر إمارة وأمانة منطقة جازان حول الصك الصادر قبل أكثر من 80 عاما، طلبت «عكاظ» من المتحدث الاعلامي في الإمارة علي زعلة التوضيح عن ذلك، وأتى الرد بعد ثلاثة أشهر من ارسال الطلب إليه، وبين أنه «تمت مخاطبة الجهات المعنية ولم يتم الرد»، في وقت حصلت «عكاظ» على خطاب موجه من وكيل إمارة المنطقة إلى الأمانة ومحافظ أحد المسارحة، يتضمن تشكيل لجنة من المحافظة والمحكمة والبلدية والشرطة واثنين من أهل الخبرة لتطبيق صك الحجر من خلال رسم كروكي ومصور جوي يوضح المساحة هل هي زراعية أم سكنية لتثبيت حدود الصك، فيما اشترط المتحدث الاعلامي في أمانة المنطقة طارق رفاعي احضار الصك حتى يتم التوضيح من قبله.