حذر سياسيون وخبراء مصريون من حالة الاستقطاب المتصاعدة في مصر، واستمرار تلك الاستقطابات سوف يقود إلى حرب أهلية أو الدولة القمعية لمنع انهيار الدولة، ومنع وصول مصر إلى مرحلة الدولة الفاشلة طبقًا للمعايير العالمية في تصنيف الدول والحكومات.. وتباينت آراء السياسيين والخبراء في تحديد آليات تجاوز حالة الاستقطاب، التي تعيشها البلاد وتصاعدت منذ عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي، مما دفع التيارات الإسلامية المتحالفة مع الإخوان إلى النزول إلى الشارع والاعتصام بالميادين، للمطالبة بعودة الرئيس «المعزول»، بعد أن أصبح النزول للشارع هو المعيار للتغيير، كما حدث مع متظاهري 30 يونيو الذين انحازت إليهم المؤسسة العسكرية، وهو التدخل الذي زاد من حالة الاستقطاب من وجهة نظر الإسلاميين، حيث ترى الأحزاب الإسلامية المتحالفة مع الإخوان فيما يعرف بالتحالف الديمقراطي، أن إنهاء حالة الاستقطاب المتصاعدة وإنهاء الأزمة الراهنة، التي تعيشها البلاد، يمكن أن يتحقق فقط بعودة الرئيس المنتخب محمد مرسي (حسبما يرون) وأن يشرف الرئيس المنتخب على تنفيذ خارطة طريق للمرحلة الانتقالية، وخارطة الطريق، التي أعلنتها المؤسسة العسكرية، ووردت معظم بنودها في مبادرة الرئيس مع احترام الدستور. بينما يرى معارضو مرسي أن حالة الاستقطاب، التي تعيشها البلاد يتحمل مسؤوليتها جماعة الإخوان منذ الإعلان الدستوري «المكبل»، والذي أصدره مرسي في نوفمبر 2012، وتوغل الرئيس على كل سلطات الدولة، وأن الإخوان أيضًا مسؤولين عن الاستقطاب بإصرارهم على «تمكين» الجماعة وفرض مشروع الأخونة بالتزامن مع فشل الإخوان في إدارة البلاد، والشعب المصري اكتشف حقيقة مشروع النهضة «الوهمي»، واليوم يزيد الإسلاميون من حالة الاستقطاب من خلال إصرارهم على تحدي إرادة الشعب المصري، الذي خرج في 30 يونيو واستجاب الجيش لها. فى البداية، قال رئيس مركز الدراسات السياسية وعلوم الاتصال الدكتور سعد الزنط، إن «ما تشهده مصر حاليا تخطى مرحلة الاستقطاب إلى مرحلة الانقسام الحاد، الذي يحمل مخاطر كبيرة على الدولة».. وأرجع الزنط «حالة الانقسام الحاد التي تعيشها مصر حاليا إلى عدم إدارة الأزمة بعد 30 يونيو بشكل «ذكي» رغم الإدارة الجيدة لها من قبل المؤسسة العسكرية خلال الأيام الثلاثة الأولى من 30 يونيو، بالاستجابة لإرادة الشعب المصري والعمل على تحقيق الأهداف، ودون أن تستدرج إلى أخطاء إدارة المجلس العسكري للمرحلة الانتقالية الأولى، حيث إنها رفضت أن تتولى السلطة وأعطتها إلى رئيس المحكمة الدستورية طبقًا لمطالب الثوار في الميادين».. وأضاف «عدم الذكاء في إدارة الأزمة يعود في تقديرى إلى التأخر في إصدار الإعلان الدستوري والتأخير في تشكيل الحكومة وبناء المؤسسات، مما قاد إلى مزيد من الانشقاق مع بقاء رموز التيار الإسلامي «طلقاء» في الميادين يمارسون التحريض بشكل «مكثف وفج»، وكان من الضروري وضع تلك القيادات تحت الإقامة الجبرية، قبل الإعلان عن عزل «مرسي أسوة بغلق القنوات الدينية».. مشيرًا إلى «أن بقاء رموز التيار الإسلامي في الميادين يعد من وجهة نظري خطأ أمنيا إستراتيجيا ما كان أن يحدث». من جهته، قال نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور هاني رسلان: «حالة الاستقطاب التي تعيشها مصر ترجع بصفة أساسية إلى ممارسات جماعة الإخوان في السلطة، والتي ركزت على مدار العام على تنفيذ مشروع «تمكين» الجماعة من مفاصل الدولة المصرية، ودون النظر إلى السعي نحو تحقيق إنجاز على أرض الواقع يلمسه المواطن المصري البسيط، الذي تفجرت عنده ما يعرف في الدراسات السياسية «ثورة التوقعات» بتحقيق كل طموحاته بعد ثورة 25 يناير وحل جميع مشاكله، ولكن للأسف وجد المواطن البسيط أن الأمور تزداد سوءًا وتعقيدًا، وتزايدت مشاكله اليومية مما دفعه للخروج في 30 يونيو على أمل استعادة إرادته ودوره في الحياة السياسية، وعن آليات الخروج من حالة الاستقطاب والوضع المتأزم، أوضح رسلان أن «الحل يجب أن يكون من خلال خريطة الطريق، التي أعلنها الجيش، وعلى الجميع الالتزام بها وهى تمثل الحد الأدنى لكل الأطراف السياسية، وعلى أن يتم محاكمة المتورطين في دماء المصريين مهما كان موقعه أو دوره، وموقف التيارات الإسلامية بالمطالبة بعودة مرسي، يعد ضربًا من الخيال وتحديًا لإرادة جموع الشعب التي خرجت فى 30 يونيو». بدوره، شدد رئيس حزب المحافظين المهندس أكمل قرطام على «ضرورة سلمية التظاهرات ونبذ العنف أو الإنجرار، مشيرًا إلى أن «فعاليات يوم 30 يونيو عكست رغبة الشعب المصري في استعادة زمام الأمور في البلاد، والتخلص من حالة الفشل، التي تسبب فيها نظام الإخوان».. (على حد قوله).. وأضاف قرطام «لا بد من حرية التعبير عن الإرادة دون الانجرار إلى أي مظهر من مظاهر العنف، لكن ما يحدث الآن فى الميادين يزيد من حالة الاستقطاب ويجر البلاد إلى الوراء». وعن خطورة استمرار حالة الاستقطاب قال الأمين العام للحزب الجمهوري الحر علاء عبد العظيم، إن «استمرارها يمثل خطرًا على أمن مصر القومي ويدفع البلاد إلى حالة الاحتراب الأهلي».. مضيفًا أن «الإخوان يرفضون الامتثال لإرادة الشعب المصري، الذي خرج في 30 يونيو بالملايين في محافظات الجمهورية، واعتصامهم في الميادين واللجوء إلى أعمال العنف، سوف يزيد من كراهية الشعب المصري لهم، وسوف يعيد قيادات الإخوان إلى السجون مرة أخرى».. من جانبه، قال المتحدث باسم جماعة الإخوان الدكتور أحمد علي «ما يحدث من استقطاب في الساحة المصرية يعود إلى المعارضة، التي رفضت كل محاولات التوافق على مدار العام المنصرم، وأكدت أنها كانت تخطط للأحداث، التي حدثت في 30 يونيو بالانقلاب على الشرعية، وهي الآن تطالب التحالف الديمقراطى بأن يلجأ إلى الصناديق، وهو ما كانت ترفضه الإنقاذ قبل 30 يونيو». مضيفا «الاستقطاب لن يكون فى مصلحة أى من الأطراف السياسية، والحل لن يتحقق إلا باحترام الشرعية، وأن يعود الرئيس المنتخب ليشرف على تطبيق خريطة الطريق، التي دعا إليها قبل الانقلاب عليه، والإخوان ملتزمون بالسلمية والشرعية رغم الدماء الطاهرة، التي تراق يوميًا بفعل البلطجية، التى تحركها أعضاء النظام السابق، الذين يطلون بوجوههم الكريهة على الشعب المصرى مرة أخرى».. (حسبما قال). المزيد من الصور :