أعلنت حكومة دبي أمس عقد شراكة استراتيجية بين «مؤسسة دبي لمتحف المستقبل» ومنظمة «يونيسكو» ومعهد الآثار الرقمية البريطاني، وهو مشروع مشترك بين جامعتي أوكسفورد وهارفرد، لتوثيق تفاصيل المواقع الأثرية في المنطقة العربية بتقنية التصوير الثلاثي الأبعاد، ومن ثم إعادة بنائها من خلال تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد، لحمايتها والحفاظ عليها من الاندثار، باعتبارها إرثاً حضارياً إنسانياً. وعلى رغم وجود كثير من الصور التقليدية للمواقع الأثرية المستهدفة، فإن التكنولوجيا الثلاثية الأبعاد التي ستستخدم في هذه المشاريع تقوم على نشر عدد كبير من الكاميرات الثلاثية الأبعاد لالتقاط صور ذات جودة عالية لكل قطعة أثرية، يمكن تحميلها في شكل فوري إلى قاعدة بيانات عبر شبكة الإنترنت، ما يسهل إعادة بناء المقتنيات الأثرية وفق شكلها الفعلي وأبعادها الأصلية من خلال توظيف تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد، وذلك خلال المرحلة الثانية للمشروع. وأكد نائب رئيس مجلس الأمناء العضو المنتدب لمؤسسة دبي لمتحف المستقبل محمد عبدالله القرقاوي، أن الحفاظ على الحضارة الإنسانية والإرث البشري للمنطقة هو رسالة أممية وواجب تجاه الأجيال المقبلة، موضحاً أنها دليل مسيرة إبداع متواصل وامتداد لوجود الإنسان على هذا الكوكب منذ التكوين. واعتبر القرقاوي آثار المنطقة «شواهد على أمجاد سطرها التاريخ وحضارة ملأت العالم علماً وثقافة ومعرفة، لأن الآثار ليست مجرد حجارة وأبنية، إنما هي موروث عظيم ودليل وجود إنسان المنطقة وقدرته على صناعة حضارة عالمية»، مشدداً على أن التراث الإنساني قيمة عالمية يتشارك فيها الجميع وما نقوم به اليوم هو جزء من رد الجميل لتاريخ المنطقة ومنجزات الإنسان فيها. أما المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونيسكو» إرينا بوكوفا، فشددت على أهمية هذا المشروع العالمي قائلة: «هنالك الكثير من التغييرات المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم، والتي قد تؤدي إلى محو الإرث الثقافي الإنساني والتراث العالمي، وسنعمل مع مؤسسة دبي لمتحف المستقبل للمشاركة في الجهود الرامية إلى نقل التاريخ للأجيال المقبلة». وستضطلع مؤسسة دبي لمتحف المستقبل بدور محوري في هذا المشروع الحضاري الإنساني الذي سيعمل على توثيق المعالم الأثرية في دول المنطقة التي تزخر بشواهد أثرية عظيمة تدل على عراقتها وحضارتها. وسيتم التقاط مليون صورة رقمية بتقنية التصوير الثلاثي الأبعاد في نهاية عام 2015، باستخدام آلاف الكاميرات الرقمية المتطورة، وبإشراف نخبة من علماء الآثار من جامعتي أوكسفورد وهارفرد وبالتعاون مع «يونيسكو». وأعد معهد التكنولوجيا الرقمية بالتعاون مع مؤسسة دبي لمتحف المستقبل، بوابة إلكترونية لجمع صور المواقع الأثرية، وخطة للتواصل والتعاون مع وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، لإطلاق حملة إعلامية شاملة تهدف إلى جمع كل ما يتوافر من وثائق وصور فوتوغرافية للمواقع الأثرية المهمة، بخاصة تلك التي تتعرض للتدمير أو تلحق بها أضرار، خصوصاً أن الكثير من هذه المواقع تضرر في السنوات الأخيرة، بفعل الظروف التي تمر بها المنطقة. وتعتزم المؤسسة إطلاق مبادرات تعليمية ترمي إلى دعم المشروع، وتحويل أرشيف الصور الفوتوغرافية إلى بيانات رقمية خاصة بالمواقع التاريخية، ومن ثم تصميم منصة إلكترونية لإدارة قاعدة بيانات المليون صورة الخاصة بالمعالم الأثرية، وتوزيع 5 آلاف كاميرا رقمية خاصة بتصوير المجسمات على الشركاء والمتطوعين لنشرها في المنطقة. ويلي عملية التقاط الصور الإطلاق الرسمي لقاعدة بيانات المليون صورة، والشروع في تنفيذ مشاريع إعادة تشكيل المعالم الأثرية المهمة باستخدام تكنولوجيا الطباعة الثلاثية الأبعاد، وتطوير عملية البحث المتطورة ووسائل التعرف إلى الصور. وبمجرد الانتهاء من جمع الصور من المتطوعين والشركاء، تُجرى فهرستها إلكترونياً، ويستكمل تصميم ملفات جاهزة للتنفيذ بتكنولوجيا الطباعة الثلاثية الأبعاد، لكل البنى والمعالم الأثرية، وفي مقدمها المواقع المناسبة لإعادة التشكيل والترميم.