وصف الناقد والفنان التشكيلي أحمد فلمبان الحركة الثقافية والتشكيلية في المملكة خلال نصف قرن. بكونها لا تزال بحاجة إلى الكثير من العمل والتخطيط والنهوض وذلك عبر حوار أجرته معه ثقافة اليوم جاء فيه: * مضى أكثر من نصف قرن والفن التشكيلي مازال قابعًا في مكانه.. إلامَ يعود ذلك؟ - للأسف لا يزال الفن التشكيلي السعودي قابعا في مكانه ولا يزال يقف في حدود الظاهرة، لوجود العديد من العقبات التي تعترض مسيرته والخطوط الحمراء والصفراء والسوداء تحد من تقدمه، نرى التطور فقط في كثرة المعارض وزحمة الفنانين، ولكن المستوى الفني بائس وكئيب، عبارة عن أنشطة روتينية وبعضها شبه مدرسية هدفها تنفيذ البرامج ينتهي بنهاية الحدث دون الاهتمام بالمستوى الفني والاعتراف بهذا الفن والارتقاء بالفنان ورعايته وأنه مبدع لنتاج فكري إنساني، وهذا الوضع لا يُساعد بأي حال من الأحوال على الارتقاء بالفن التشكيلي إلى مستوى "الحراك" بمفهومه العلمي له سنده المادي والاجتماعي ومنطقه المؤسسي بوجود المتاحف وصالات العرض الاحترافية والمدارس والمعاهد الفنية والأكاديميات المتخصصة والمراكز والورش الفنية والنقاد المتخصصين والكتب والإعلام الفني، انه موقف فني محدود بائس لا يرنو ابدًا الى عملية التجديد والتطوير. * المزادات وبيع الأعمال الفنية لكبار الفنانين العرب والعالميين والتي تقام بين الحين والآخر.. هل هي ظاهرة صحية في نشر ثقافة الاقتناء في المجتمع السعودي.؟ - بل هي غثاثة الفن التشكيلي السعودي وعين الاستغلال لجيوب المقتنين المتوهمين في الثراء الذين تأخذهم الدعاية والبريق الإعلامي وتلعب في ترويجها العلاقات الشخصية والقدرة التسويقية، وأنا أجزم أن هذه الأعمال وخاصة المتوفين منهم منسوخة أو مزيفة أو من إنتاج الحرفيين المهرة، لأنه لا يمكن الحصول عليها لأنها من التراث القومي لأي امة لها تاريخها وحضارتها وفنونها، والحالة تحومها الريبة والشكوك بخروجها من موطنها ودخولها المملكة وحتما لا تحمل وثائق رسمية من بلد المنشأ تثبت اصالتها، لأن وراء هذه المزادات تجارا وشركات هدفها الربح فقط! وهناك عصابات دولية مُحترفة تقوم بتزوير الأعمال الفنية المشهورة وكبار الفنانين بدرجة عالية من الدقة، وقد شهدت الساحة التشكيلية المحلية عددا من هذه القضايا، وهي بحد ذاتها تشكل خطرا قادما يجب الحذر منه وضرورة وضع الضوابط والمعايير سواء في العرض أو البيع تحت مسمى أعمال كبار الفنانين، وتوعية المقتنين بعمليات الغش والاحترافية في التزوير والأعمال المستوردة بدون شهادات أصل ومنشأ معتمدة من السفارات السعودية، وأن يكون هناك إشراف رقابي من وزارة الثقافة والإعلام أو الجمعيات الفنية، ومنع عرض وبيع أي عمل فني مستورد مالم يحمل شهادة أصل ومنشأ. * لماذا هناك عزوف من المثقفين وخاصة التشكيليين عن الانتماء للجمعية؟ - في نظري الجمعية وبعد أكثر من تسع سنوات لا زالت عاجزة عن الوقوف على أرجلها ودعم نفسها، واصطدمت بالعديد من العوائق والعقبات، أهمها الدعم المادي والخلافات والاستقالات والكبرياء والجحود، والحسنة الوحيدة افتتاح الفروع دون مقار ولا ميزانية وحفلات التكريم الباهتة بجهود شخصية وإقامة بعض المعارض دون أن يعلم عنها أحد، وهي في الواقع ليست من أولوياتها ولا من أهدافها التي انشئت من أجلها، وفي رأيي ان الجمعية تحتاج الى الدعم المالي من وزارة الثقافة وتكليف اشخاص على قدر، لإدارة دفة العمل مثل الأندية الثقافية، فبدون ذلك من الأفضل بقاء المنظومة التشكيلية ضمن اللجان التشكيلية في جمعية الثقافة والفنون، وليس هناك حاجة للتغير الشكلي وتبديل المسمى فقط. ولذلك ابتعد الكثيرون بما فيهم أعضاء المجالس السابقون والحاليون عن الجمعية لعدم تفعيل أهدافها وغياب العلاقة الإنسانية والتقدير والاحترام، (فمثلا) أنا انسحبت من العضوية بعدما كنت عضوًا مؤسسًا ومنتظمًا في التسديد منذ عام 1428 وحتى العام 1435 لأنهم كافأوني بالجحود والنكران على جهودي وسعيي في إنشاء فرع جدة ودعمي له بمبلغ مالي. * كيف ترى أهمية فتح قنوات عبر بلديات المدن والغرف التجارية لدعم الفن التشكيلي؟ وكيف يمكن أن يتم ذلك؟ - هي من مهمات وأحد أهداف جمعية التشكيل وذلك بتفعيل دورها في التعاون مع الجهات الحكومية والخاصة من اجل تحقيق الأهداف المشتركة وتنمية وتطوير التشكيل المحلي بالأسلوب والطريقة الناجعة التي تُقنع الجهات التجارية وبلديات المدن والغرف التجارية كعنصر هام يُعاضد هذه الجهات وُيبرز مهماتها ومسؤلياتها، ومن اهم القنوات لجذب هذه الجهات، ضرورة تغيير نمطية المعارض الحالية، وتحسينها بمعارض نموذجية لنخبة من الفنانين والمميزين وانتقاء الطروحات الناضجة والأساليب الناجحة واختيار التوقيت والمكان المناسبين وعمل المطويات والمؤلفات والدعاية لها، وقبل ذلك إعداد دراسة جدوى بالمحاضرات والتنظيرات الفنية، وتكون على شرف احدى الشخصيات المؤثرة والفاعلة.