في زاوية صغيرة منزوية في جريدة الحياة، نشر خبر قد لا يأبه له كثيرون، لكنه نجح في أن يثير في صدري زوبعة تقتلع الأعصاب وتفجر الغضب، يقول الخبر: إن جامعتي تل أبيب وبئر السبع الإسرائيليتين تلاحقان الطلاب العرب الذين ينتقدون السياسة الإسرائيلية أو الجيش عبر صفحات التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك وتويتر. وقد أصدرت جامعة تل أبيب بيانا جاء فيه أن الجامعة تعانق وتؤيد قوات الأمن الساعية إلى إعادة الهدوء والأمن لإسرائيل، وأنها تدين وتندد بشدة بالتصريحات المتطرفة والمسيئة التي تنشر على الشبكات الاجتماعية، كما أنها ستعاقب كل طالب أو عامل في الجامعة يدلي بتصريحات كهذه. كما أعلنت جامعة بئر السبع أنها تتابع ما يدور على شبكة التواصل الاجتماعي، وأنها ستتخذ إجراءات عقابية ضد كل من يكتب منتقدا أو مؤيدا لنقد موجه للجيش الإسرائيلي أو العمليات العسكرية التي يديرها، وعدت فعل ذلك أمرا لا يليق بالطلاب ومخالفا للسلوك التربوي الذي تدعو إليه الجامعة. وكي تتمكن الجامعتان من تنفيذ تهديدهما بمعاقبة من يكتب ضد سياسة إسرائيل وجيشها، عمدتا إلى الاستعانة بمجموعات يمينية متطرفة متخصصة في رصد ما يكتبه العرب على شبكات التواصل الاجتماعي وتصويره وتوثيقه، وهذه المجموعات كثيرة في إسرائيل وهي تحمل أسماء متعددة مثل (ليس من مدرستنا) و(نقاطع كارهي إسرائيل) و(الطابور الخامس في إسرائيل)، وتعد هذه المجموعات ناجحة في تحقيق أهدافها واستطاعت أن تكون لها مؤيدين ومناصرين بالآلاف. ويذكر الخبر أن من ضحايا هذه المجموعات طالبة عربية تدرس في كلية هداسا في القدس الغربية، فقد تعرضت لإلغاء الكلية لمنحة التفوق التي كانت قد نالتها كما ألغي اسمها من قائمة الملتحقين بدورة مقدمة للمتميزين، وذلك بعد أن وشت بها إحدى تلك المجموعات إثر ما كتبته على الفيس بوك ضد إسرائيل. هذا الموقف الذي اتخذته تلك الجامعتان الإسرائيليتان، رغم ما فيه من مناقضة لما ينبغي أن يكون عليه موقف الجامعات من حماية لحرية التعبير والبعد عن سياسة لجم الألسنة، ورغم أنه ليس من حق الجامعات ولا من مهامها متابعة ما يقوله أو يكتبه طلابها خارج حرمها الجامعي، إلا أنه يجعلنا نشعر بشيء من الحسرة حين نقارن بين موقف الجامعات الإسرائيلية تجاه خدمة قضاياهم السياسية والعسكرية، وموقف جامعاتنا العربية السلبي الصامت، رغم عدالة القضية العربية مقارنة بالأطماع التوسعية وسياسة الاستيطان التي تنافح عنها إسرائيل.