الاتجاه الحكومي القوي لفرض رسوم على الأراضي البيضاء متى ما تم تطبيقه بحزم وعلى مستثمري الأراضي الشاسعة قبل ملاك الأراضي محدودة المساحة، فإنه بلا شك سوف يحقق فوائد لا تتوقف عند حد معالجة الخلل في السوق العقارية، فمن المعلوم أن جزءا هائلا من ثروات أهل هذه البلاد مجمدة في التراب، والتراب لا يصنع فرصا وظيفية ولا يزيد من معدلات الإنتاج، لذلك سوف تشكل هذه الرسوم عامل ضغط على ملاكها لبيعها واستثمار أثمانها في نشاطات صناعية أو خدماتية أو مصرفية أو أي شكل من أشكال النشاط التجاري الذي يحرك عجلة الاقتصاد ويصنع المزيد من فرص العمل وينعش الأسواق، وهكذا يمكن أن يحول التراب إلى ذهب خالص بدلا من بقائه جامدا مسورا يورثه الملاك لأحفاد أحفادهم دون أن يستفيد الاقتصاد منه ذرة رمل واحدة. كما أن العوائد المالية التي يمكن أن تحققها الدولة من تحصيل هذه الرسوم، أمر لا يمكن التقليل من أهميته في هذه المرحلة التي تعاني فيها الميزانية من ضغوطات كبيرة بسبب انخفاض أسعار البترول، فتحصيل مثل هذه الرسوم أولى من رفع الدعم عن بعض السلع والخدمات الأساسية التي يحتاجها المواطنون من ذوي الدخل المحدود. وهذا كله بخلاف أن فرض الرسوم المؤثرة (وخصوصا على المساحات الشاسعة) سوف يدفع الكثير من ملاكها لبيعها، مما يساهم في تعديل الوضع المائل في أسعار الأراضي وهو وضع لا يتضرر منه المواطن الذي يبحث عن سكن فقط، بل تتضرر منه أيضا الأجهزة الحكومية المختلفة التي أصبحت تخصص قسما لا بأس به من ميزانياتها لشراء الأراضي أو نزع الملكيات بمبالغ خيالية تفوق في بعض الأحيان قيمة الإنشاءات في المشروع، فتصبح مسألة إنشاء مدرسة أو مستشفى أو ملعب رياضي أو حتى مقبرة، مرهقة ماليا للقطاع الحكومي الذي يشرف عليها وهو إرهاق غير مبرر في بلد مترامي الأطراف. وقد يكون من المهم هنا فرض مراقبة حصيفة على التحويلات المالية للخارج بالتزامن مع رسوم الأراضي البيضاء كي لا تتسبب عمليات تسييل الأراضي البيضاء في تشجيع أصحابها على تحويل أثمانها إلى استثمارات خارج البلاد. بلا شك لن تكون مسألة فرض الرسوم مرحبا بها من قبل ملاك الأراضي وخصوصا أولئك الذين يملكون مئات الآلاف من الأمتار، ولكنها أقل ما يمكنهم تقديمه لوطنهم خصوصا أن قسما منهم لم يدفع في هذه المساحات الشاسعة فلسا أحمر، بل حصل عليها كمنحة وجاء الوقت الذي يمنح فيه اقتصاد بلده جزءا يسيرا مما يملك، لا يقارن على الإطلاق بالضرائب التي يمكن أن يدفعها لو كان يعيش في بلد آخر. نقلا عن عكاظ