60 يومًا وتمضي السنة الثالثة من عمر أول اتحاد رياضي سعودي منتخب بالكامل، هو اتحاد كرة القدم برئاسة أحمد عيد، والذي قضى معظم تلك الفترة في جدل ونقاشات وخصومة مع جزء من نسيجه الإداري (الجمعية العمومية) تطلبت جراحة دولية بعد أن غابت الحلول المحلية، وأصبح (الاتحاد الحكيم) يبحث عن ناصح ومرشد يدله على الطريق تمثل في الفيفا، وكانت تلك واحدة من القضايا التي شغلت الاتحاد من جهة بعد أن شلت تفكيره، والشارع الرياضي من جهة أخرى، فقد كان الأخير يمنِّي النفس بعهد كروي زاهر في نتائجه الرقمية للمنتخبات الوطنية وفي الإدارة والشفافية، لكنه تفاجأ بحال الاتحاد وحال كرة القدم معه لتتوالى القضايا الشائكة بين الاتحاد والأندية وآخرها قضية اللاعب سعيد المولد التي وتَّرت علاقاته مع الأندية وقللت من حجم الإنجازات الكبيرة التي تحققت في فترة عمله. 3 سنوات مضت ظهرت فيها على السطح لجان واختفت أخرى، وتضاربت قرارات لم تشهد لها الساحة الكروية مثيلًا، وحلَّت لجان، وشُكِّلت أخرى، وانتُقِدت إدارة الاتحاد في أشخاصها، وفي أجهزتها حيث اخترقت جسم أحمد عيد سهام من كل حدب وصوب، وجزء آخر اتجه إلى أمين عام الاتحاد أحمد الخميس، وبعض السهام كانت من رفقاء الدرب أعضاء مجلس إدارة الاتحاد والبعض الآخر من الأندية والإعلام والشارع الرياضي، ولم تشفع الشفافية التي أطلقها الاتحاد لعمل لجانه في حمايته، ولا حتى العمل الكبير الذي بُذِل لإنهاء الأزمة المالية من ديون وصلت لنحو 240 مليون ريال، وإنهاء التزامات على الأندية بنحو 500 مليون ريال وغيرها من الأعمال، ولم ينجح الاتحاد عبر مجلس إدارته حتى الآن في تغيير نظام العمل بالأمانة العامة والجهاز التنفيذي والارتقاء به ليواكب العصر في الإدارة والتنظيم رغم مرور 3 سنوات، وبقيت لجان بلا تشكيل، وإدارات بلا تكوين. هذه الصورة القاتمة لواقع اتحاد كرة القدم سنرصدها في استطلاع مع آراء المتابعين والخبراء لنستقرئ المستقبل على أمل.. لعل وعسى. تجربة جديدة الدكتور حافظ المدلج العضو السابق في اتحاد كرة القدم وزميل أحمد عيد سابقًا في لجنة الاحتراف يرى أن التجربة الانتخابية جديدة على الساحة الرياضية وحملت معها الكثير من السلبيات والإيجابيات «لأنه ليس بالضرورة أن تأتي الانتخابات بالأفضل في الإدارة والتنظيم والفكر فقد جمع مجلس الإدارة أشخاصًا من مشارب شتى ليس بينهم توافق كبير في الرأي والفكر، انعكس على قرارات الاتحاد وعلى شخصيته الإدارية، لوجود قصور في أداء وكفاءة عدد منهم، وهذه من نتائج صندوق الاقتراع، وعلينا أن نقبل بها سلبًا وإيجابًا، فبالقدر الذي نجح فيه الاتحاد في المسابقات والاحتراف والعوائد المالية حيث كانت هذه اللجان هي الأبرز عطاءً والأنجح عملًا، فهناك استمرارية في المسابقات المحلية وجدولة منظمة لها قلَّ أن تجد فيها تأجيلات للمباريات إلا لضرورات قصوى، وتمكِّنت الاحتراف من ضبط بوصلة التعاقدات والعمل المالي للأندية إلى حد كبير بالتوعية من جهة، والقوانين من جهة ثانية وصلت إلى إبراء الذمم، فيما قدمت اللجنة المالية عملًا جيدا لتوفير المداخيل للاتحاد الذي يعيش في بحبوحة لم يشهد لها مثيلًا». وواصل المدلج بالقول: «على النقيض نجد أن هناك لجانًا أخرى أحدثت فوضى في الوسط الكروي بتضارب قراراتها مثل الانضباط، ولجنة الحكام التي فشلت في تطوير مستوى الحكام السعوديين واختيار الحكام الأجانب فكثرت أخطاء التحكيم بشكل لم نعهد له مثيلًا في الساحة السعودية، وثلاثة أرباعها أخطاء مؤثرة في كل مباراة نتيجة ضعف الحكام، فيما كانت اللجنة الإعلامية غائبة على أرض الواقع، وموقع الاتحاد معطل، والعمل الإعلامي مشلول، وهناك تخبطات في المكاتبات والمراسلات نتج عنها هذه القضايا التي تشغل الشارع الرياضي، كما أنَّ لجنة المسؤولية الاجتماعية نسمع منها جعجعة ولا نرى طحنًا، والأعمال الاجتماعية التي تُقدَّم هي عن طريق الرابطة وقبل أن تشكل اللجنة التي تجاهلت نجومًا قدامى في أول تكريم لها». وأضاف المدلج: «كما أنَّه كان هناك فشل ذريع في التعاقد مع مدرب للمنتخب الذي استمر فترة طويلة بلا مدرب بعد إقصاء لوبيز رغم أنه كانت أمام المنتخب استحقاقات مهمة، ونأمل أن يكون المدرب الحالي هو ضالة المنتخب، فضلًا عن التعامل غير الاحترافي في قضية مباراة السعودية مع فلسطين الذي جعل المنتخب والكرة السعودية في موقف محرج، فقد كان بإمكانهم إقامة المباراتين بأراضٍ محايدة، وإغلاق الباب بدلًا من تقديم مباراة وتأخير أخرى عُلِّق بها الحل، وفي كل الأحوال التجربة كانت ناجحة وعلينا ألا نسبق العجلة». تخبط غير مسبوق الإعلامي والناقد الرياضي صالح الحمادي قال: «إنَّه من المحزن ما يحدث لكرة القدم السعودية في هذه الفترة من مسيرتها التنظيمية، فهناك تراجع في أداء أعلى سلطة كروية سعودية غير مسبوق مطلقًا، رغم الوفرة المالية التي حدثت في السنوات الثلاث الأخيرة التي أمسك فيها الاتحاد الحالي بزمام الأمور.. تخبُّط في قرارات مجلس الإدارة، وتلاسن بين الأعضاء عبر وسائل الإعلام، وضعف في الأمانة العامة وعدم قدرة على إدارة الأمور، ويكفي أن نائب الرئيس محمد النويصر قَرَع الجرس وقال بالحرف الواحد أنا لا أعلم ما يحدث في الاتحاد وهو (الرجل الثاني) ورئيس رابطة دوري المحترفين المنظمة لهذه اللعبة». ويضيف الحمادي قائلًا: «نتائج الانتخابات لم تزرع في التفاؤل بالمستقبل، ولذلك قلت قبلها مبارك للخاسر فيها، والله يعين الفائز، لأني كنت أدرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه والصعوبات التي تنتظره، وبالرغم من الوعود البراقة والجذابة للبرنامج الانتخابي للفائز أحمد عيد إلا أننا لم نرَ منها شيئًا يتحقق حتى اللحظة، ولست أبالغ إذا قلت إَّننى لم أتوقع أن يصل حجم التردِّي إلى هذا الحد، وبالتالي فالاتحاد الحالي (حالة ميؤوس منها) لكن التجربة ستعودنا على الانتخابات وآلياتها للتعامل معها خلال المستقبل كمجلس إدارة ولجان وحتى جمعية عمومية لما رأيناه من صراع في المواقع الثلاثة». ويستطرد الحمادي قائلًا: «لجنتان كانتا حاضرتين في عملهما: المسابقات والاحتراف بقيادة الثنائي الدكتور خالد بن مقرن، والدكتور عبدالله البرقان، أما البقية فعليها السلام ولا سيما الانضباط التي تمنيت لو أن الغرامات التي جبتها من العقوبات وهي بمئات الآلاف من الريالات صُرِفت كحوافز لمن يقدم خدمات اجتماعية عن طرق لجنة الأخلاق والقيم التي لم تُشكَّل حتى الآن لتشجع الجميع على التحلي بالأخلاق الإسلامية والروح السعودية في العطاء بدلًا من البحث عن أفضل لاعب، وحارس، وهداف فهذه متروكة للشركات التي تبحث عن الدعاية والتسويق». للخلف در! يقول محمد السراح الرئيس الأسبق لنادي التعاون والعضو السابق في اتحاد كرة القدم: «تفاءلنا كثيرًا بالانتخابات على اعتبار أنها خطوة كبيرة ومهمة للأمام لكرة القدم السعودية التي تتطلع إلى مجد جديد بعدما حققت قفزات هائلة في عقود مضت في ظل إدارات معيَّنة، وزاد من تفاؤلي البرامج الانتخابية المصاغة بعناية فائقة والتي لم يتحقق منها إلا جزء بسيط جدا، فالحكم السعودي تراجع مستواه بدلًا من أن يتطور، وزاد عدد الحكام الأجانب - وعن الأخطاء حدث ولا حرج لأنها مشاهدة للجميع -، والمدربون السعوديون الذين كان الاتحاد يعج بهم في فترات سابقة تقلصوا وانسحبوا الواحد تلو الآخر إلا من نذر يسير رغم كفاءتهم وإنجازاتهم وفي مقدمتهم خالد القروني، وتشعر وأنت تراقب العمل أنَّ العجلة تسير إلى الخلف وأنَّ كل سنة تكون أسوأ من التي قبلها، وأنَّ المشكلات تزداد يومًا بعد يوم لقلة الكواردر المؤهلة والخبيرة في عضوية اللجان وحتى في مجلس الإدارة القادر على القيام بالعمل الجبار الموكل للاتحاد سواء على الصعيد المحلي أو الدولي بحيث أصبح الوسط الرياضي يترقب انتهاء الفترة للتعجيل بانتخاب مجلس إدارة جديد». ويضيف السراح قائلا: «إنَّ مشكلة المشكلات في اتحاد كرة القدم تتمثل في الجهاز التنفيذي الذي يدير العمل والذي يعد الشمس الشارقة في أي مؤسسة احترافية منظمة، فعلى مدى 3 سنوات لم يمس هذا الجهاز، ولم يقترب منه رئيس الاتحاد رغم أنَّ الأولوية في العمل له وليس لشيء آخر، لأنَّ قوته ستعني اختفاء عمل اللجان والاعتماد على الإدارات المتخصصة ولربما أن رئيس الاتحاد يرى أن جهازه يؤدي دوره!!!». ويذهب السراح إلى الجوانب الفنية ويقول: «المنتخبات الوطنية هي المرآة لعمل أي اتحاد كان، والاتحاد الحالي بسنواته الثلاث وبأمواله الوافرة لم يتمكن من الوصول لما تحقق في الاتحادات السابقة التي جلبت كأس آسيا 3 مرات، وتأهل المنتخب 4 مرات لكأس العالم وعدد من المرات للألعاب الأولمبية إلى جانب كؤوس الخليج، في حين أن أكبر إنجاز لهذا الاتحاد هو الوصول لنهائي دورة الخليج والفوز بالبطولة الخليجية للمنتخبات الأولمبية!».