كل ما يرضي غرور الأنا «النفس» له نشوة يدمنها بعض الناس وإن كان في قرارة نفسه يعلم أنها ليست في صالحه تماما كما إدمان المخدرات، ولا شيء يرضي غرور الأنا مثل الشهرة وتسليط الأضواء على الشخص ورؤيته لاسمه في الصحف وعلى الشاشات وانتفاخه في مجالس أقاربه وأصحابه ومعارفه بأنه الوحيد الشهير المعروف بينهم ورأيهم في ما يتم تداوله عنه يجعله دائما محور الاهتمام في مجالسهم، ولهذا لا عجب ان السائد أن الناس يدمنون حب الأضواء ولو كانت سلبية، بل حتى لو كان ثمنها أن يأكلوا ويشربوا ويلبسوا ويتبحتروا بدماء ودموع وعذابات ضحايا دعواتهم الديماغوجية «المهيجة للتعصب العدواني» لأنها جلبت لهم الأضواء والأتباع، وهم يخادعون صوت الضمير والعقل لديهم بزعم أن كل من ينتقد الأنماط السلبية لشهرتهم هم حاقدون وأعداء ليس لهم فقط إنما لما يزعمون أنهم يمثلونه من مثاليات عليا، لكن الحقيقة أن الناس باتوا يفرقون بين أنواع المشاهير، والحال الوحيد الذي تكون فيه الشهرة إيجابية سواء لصحابها أو لجمهوره هو عندما تكون الشهرة مجرد تحصيل حاصل.. كعرض جانبي لامتياز وإنجاز صاحبها لعمل ذي أثر عام جماعي، لكن عندما تكون الشهرة بحد ذاتها غاية يكون مسعى الشخص هو فقط لإرضاء غرور أناه «الكبر» الذي كما قال النبي من كان فيه مثقال ذرة منه لا يدخل الجنة، فهو يجعله مستعدا لركوب أي موجة توصله للشهرة سواء مع الدين أو ضد الدين، مع الناس أو ضدهم ولا توجد تنازلات أخلاقية ومبدئية ليس مستعدا لتقديمها ولا يوجد ابتذال يمكنه أن يترفع عنه ولا باطل يمكنه أن يتورع عنه، ظنا منه وتوهما بأنه متى وصل للشهرة وباتت الأضواء عليه يمكنه أن يعوض كل هذا ويصبح محترما، لكن الحقيقة أن من كانت هذه هي طبيعة شهرته فهو لن يحصل أبدا على الاحترام وسيبقى دائما محتقرا لكن غروره يجعله يتوهم أن ضحك الناس عليه هو ضحك له، ولعله على مجتمعاتنا التوقف عن مداهنة ومجاملة أمثال هؤلاء الذين ملأوا الفضاء المعنوي بأسوأ النماذج وأدوا لإشاعة أسوأ الأنماط العقلية والسلوكية والأخلاقية، وللأسف كما يقول قانون جريشام الاقتصادي «العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من السوق». والشهرة صارت سهلة بوقتنا الحاضر عبر فرقعات الصور والتصريحات الصادمة في الشاشات والصحف ومواقع التواصل الاجتماعي وخوض معارك كلامية فارغة، وأسهل طريقة للحد من ضرر هؤلاء هي التوقف عن تداول أخبارهم.