×
محافظة مكة المكرمة

أمين جدة يدشن ممشى «الروضة»

صورة الخبر

الجمعة 29/11/2013: مرسوم أصدر جنكيز خان مرسوماً تلقاه ضباطه وجنوده، وجاء في المرسوم المختصر: «يجب أن لا ينجو أحد من هؤلاء الناس، ولا حتى الطفل في مهده». من هو جنكيز خان حقاً؟ لا تبحثوا عنه في دوائر المعارف وكتب التاريخ القديم. إنه حي بيننا ويحمل أسماء متعددة، ولكل شعب قائده - جنكيزه يأمر بإعدام شعب آخر.   > السبت 30/11/2013:سيدة الزمالك خط الزمالك مقفل. لا جواب. هل سافرَتْ إلى أستراليا حاملة مصرها في حقيبة؟ قالت مرة إنها تعرف بلدها في الكتب لا في الواقع. تمشي في الشوارع فتفتقد وجوهاً أليفة، تبحث عنها في الصباح وفي المساء ولا تراها. ليست حكاية أجيال ترث أجيالاً، إنها حكاية مجتمع يحل محله مجتمع آخر. لا جواب. ولا أعرف رقم هاتفها الجديد في القارة البعيدة. ولنقل، إنني لا أصدق سفرها، لأن السيدة تتأبط كتبها وتبحث عن معادل للكتب في مصريين بين الساحل الشمالي وحدود السودان. تقول إن مواطناً واحداً يشبهها خير من ألف كتاب. لعل السيدة في أسوان أو في أحد نجوعها وقد أصابت هدفها، وتأنس إليه حين يؤكد أن مصر باقية ولن تهاجر، وأن الوادي الخصيب لم تغمره الصحراء.   > الأحد 1/12/2013: شوقي بزيع لم تندمل جراح مسلمي ميانمار الذين تنبذهم النخبة الحاكمة ويمتنع شركاؤهم في الوطن البوذيون عن التعامل معهم بحجج مختلفة، ترقى في الحقيقة إلى الشرخ الذي أحدثته «طالبان» بين المسلمين والبوذيين في آسيا البعيدة. كانت العلاقة حسنة بين معتنقي الديانتين ولم تحدث بينهم مشاكل كتلك التي بين الهندوس والمسلمين في الهند - جوهرة التاج البريطاني - والتي تسببت في إنشاء دولة باكستان فاتحة الدول القائمة على أساس ديني في القرن العشرين. نعني بشرخ «طالبان» نسفها تماثيل بوذا التاريخية في سهل باميان الأفغاني، على رغم نداءات دول وهيئات وشخصيات عالمية من بينها مسـلمون عرفوا بقلة تسامحهم مثل الشيخ يوسف القرضـاوي، فــشعر البـوذيـون ولا يـزالـون بطعنة في وجدانهم بدمار تلك التماثيل التي طالما حافظ عليها المسلمون، خصوصاً خلال العصر العباسي، واعتمدوها في أحيان كثيرة صوامع للقمح، كون التماثيل كانت مفرغة. هكذا، أضافت «طالبان» بتعصبها كارهين جدداً للإسلام والمسلمين، في حين يسعى العقلاء إلى مد يد الصداقة والمودة للعالم كله على اختلاف معتقداته. هل كان الشاعر اللبناني شوقي بزيع يعي أنه في إحدى قصائد ديوانه الجديد «فراشات لابتسامة بوذا» يساهم في تبديد الكراهية التي تسببت بها «طالبان»، ويعتذر بطريقة غير مباشرة من البوذيين الذين انضموا حديثاً إلى كارهي المسلمين؟ نقرأ هذه المقاطع من القصيدة التي يحمل اسمها الديوان، ونحكم: «ولكن لِمَ الأرضُ لم تَعُد الأرض كيما أفرَّ إلى برِّها طلباً للنجاة؟ لِمَ الشمس تقطع شريانها بالأظافر كي لا أرى في ظلامة ليل الوجود سوى الرِّمم الفانية؟ وكيف قفزتُ بدون انتباهٍ الى الضفة الثانية للحقيقة منجذباً كالبراهمة الأوَّلين إلى قعر غيبوبتي، قاطعاً كلَّ ما كان يربطني بالحواس وقد ضاق بالروح ثوبُ الجسد (...). ولم أستطع أن أذلِّل هذا التناقض بيني وبيني بل اتخذت رغبتي شكل أفعى وراحت تراقصُ في غابةٍ من ظنونٍ شياطينَها الماكرة صرتُ أعشقُني في الصباح وأُنْكِرُني في المساء، وأقبعُ كالخلد خلف ثنائيَّتي الظاهرة وصرتُ ربيب المرايا التي تتخاطف وجهيَّ صورة بوذا نبيّاً، وصورة سدهارتا عاشقاً وأميراً وأَلْفَيْتُني مثل آدم يُقعي وحيداً قبالة جنته الغابرة (...) دودةُ القزِّ ترعى بعيداً حرير الصباح وينتشر الناس زوجين زوجين في سرحة الأرض، كي يولدوا ويشيخوا ويمضوا إلى موتهم تحت نظرته الجامدة وبوذا وحيداً يحدّقُ في جريان المصائر عائدةً دائماً نحو مصْدرها الأوَّلي، لكي تتجمَّع في صورةٍ واحدة بهدوء التماثيل يجلسُ، فيما الزمانُ ينام على ركبتيه كطفلٍ صغيرٍ، وتلهو الفراشات نشوانةً عند مرمى ابتسامته الخالدة».   > الاثنين 2/12/2013: يبرودي في جدة بلدة يبرود التي تنضم إلى الحطام العبثي لحواضر سورية، ينتسب إليها شاعران شقيقان هما زكي وإلياس قنصل. عاش الشاعران في عائلة متنقلة بين يبرود، أصلهما، والبرازيل والأرجنتين، واستقرا في هذه الأخيرة في عداد شعراء مهجريين جنحوا إلى العروبة وواكبوا نضالاتها ضد سلطات الاحتلال الأوروبية ومن بعدها الاحتلال الإسرائيلي. الديوان الكامل لزكي قنصل صدر في جدة بدعم من مؤسسة «الاثنينية»، وزار الشاعر المدينة السعودية الساحلية بدعوة من وزارة الإعلام عام 1992 (قبل وفاته بسنتين) حيث ألقى قصيدة جاء فيها: «الحمد لله استجاب لمطلبي فعقلت في أرض الرسالة مركبي جاء البريد مضمخاً بولائكم فنعمت منه بالأريج الأطيب طالت مراحل غربتي يا رب لا تجعل ضريحي في تراب أجنبي إني أحب الناس دون تفاوت لكن أقربهم الى قلبي أبي». أما الشقيق الأكبر سناً إلياس قنصل فقد حرص على زيارة سورية مرة كل سنة أو سنتين حتى وافته المنية، ومثل شعراء المهجر كان يحس بما يسمونه الإثم الكنعاني، أي أن الهجرة تشبه خيانة الوطن، ومن شعره هذان البيتان: «أبعد ربوع رصّع المجد أرضها نرى لذة العيش في وطن ثان وهل بعد سورية تروق لشاعر بلاد، ولو كانت كجنة رضوان؟».   > الثلثاء 3/12/2013: أحمد فؤاد نجم مثل شجرة جميز في نجع مصري، يجلس الفلاحون في ظلها ويأكلون من ثمرها ثم يتركونها في آخر الليل علامة على تعب البشر وحيوية الشجر. وحده أحمد فؤاد نجم بين شعراء العامية المصرية نافس أحمد رامي في شغل حيز من وجدان العرب غير المصريين. وقد كان حضور رامي سهلاً لأنه لامس شجن المحبين عبر صوت أم كلثوم القومي العربي وألحان الرومانسيين المصريين ذوي التجليات كمحمد القصبجي ورياض السنباطي وزكريا أحمد. لكن حضور شعر أحمد فؤاد نجم اخترق حجب الصراع السياسي الحاد الذي وصل إلى حد الانقسام حول الشأنين الاجتماعي والوطني. بدا الرجل للوهلة الأولى يسارياً لكنه حين اكتمل إهابه ظهر وطنياً منحازاً إلى فطرة المواطن العادي التي تدرك الخطأ والصواب بحسها السليم، لا من خلال خطب وكتب. شاعر ولكن، قبل كل شيء، مصري ابن بلد، حارب أنور السادات بقصائده التي أدى معظمها الراحل الشيخ إمام، لأن السادات خرج عن الإحساس السليم للمواطن العادي. ودفع نجم الثمن من حريته فسجن مرات، لكنه احتفظ بحرية وجدانه كأنه عصفور يعبر نافذة السجن لتفقد الحياة والأحياء في مدن مصر ونجوعها، مع إطلالة على ديار العرب. رجل الفطرة الممزوجة بمكر الفلاح المتكئ على الزمن. شاعر أعطاه زمنه فرصة مديدة للحضور بين الناس وانتزاع محبتهم وإدخالهم إلى الحقيقة التي تحضر كلها مرة واحدة ولا تحتاج إلى تأليف الجزئيات. وحين أذكره تحضر للتوّ أختنا صافيناز كاظم التي انضمت إلى شاعرها الفلاح وتزوجته تاركة المغامرات التروتسكية بين خواجات أوروبا وأميركا. وأتذكر ابنته نوارة المناضلة التي رافقتها حارساً ذات يوم من بيت أمها إلى الطريق الرئيس حيث تكثر سيارات الأجرة.