كان يتعين انتظار أزمة كبيرة مثل مأساة اللاجئين كي تُثار مجدداً مسألة انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي. ويأتي ذلك وسط انتقادات جهات في أوروبا لسياسة أنقرة تجاه المسألة الكردية. وفي ذلك يقول نائب رئيس المفوضية الأوروبية، فرانس تيمارمان: أوروبا بحاجة إلى تركيا. وقد قدم الاتحاد تنازلات عديدة لمصلحة أنقرة، من أجل إقناعها باستضافة اللاجئين على أراضيها، وعدم السماح لهم بالهجرة إلى القارة الأوروبية. ولأن أعداد النازحين أكبر بكثير من قدرة البلدان الأوروبية، فإن الأخيرة لم تجد حلاً سوى الالتفات إلى تركيا التي تعدّ بوابة الهجرة إلى القارة. * اتفق القادة الأوروبيون على إعادة تنشيط مفاوضات بدأت قبل عقود حول طلب تركيا الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، رغم أنهم تركوا الباب مفتوحاً لتحديد كيفية تحقيق ذلك. ولمواجهة هذا الزحف البشري الهائل، وغير المسبوق، قدمت المفوضية الأوروبية مسوّدة مشروع لاتفاق مؤقت مع أنقرة. وتنتظر الحكومات الغربية من نظيرتها في تركيا الكثير، ومن ذلك توسيع القدرة الاستيعابية لمراكز الاستقبال على الأراضي التركية، وتعزيز مراقبة الحدود البرية مع سورية، فضلاً عن مكافحة عصابات تهريب المهاجرين. ويقول محللون غربيون: إن أنقرة لم تنجح في حل مشكلة الهجرة الجماعية للاجئين، وذلك على الرغم من المفاوضات السريعة مع الحكومة التركية، لانشغالها بتحسين فرص الحزب الحاكم في الانتخابات المقبلة. وانتهت المفاوضات على استيعاب تركيا 2.5 مليون لاجئ بشرط منح اللاجئين حق العمل هناك، وأن تكون تركيا أكثر فاعلية في منع مغادرتهم لأوروبا، إلا أن أموال الاتحاد لن تجعل المخيّمات أكثر ملائمة للعيش وتحقيق حياة مناسبة، وسيلجأ المقيمون فيها إلى أوروبا في نهاية المطاف. إلى ذلك، أشارت استطلاعات الرأي إلى أن معظم الأتراك باتوا يعارضون تزايد عدد اللاجئين في بلادهم، ويفضلون أعداداً ضئيلة، فتركيا ترى السوريين والعراقيين على أنهم (ضيوف)، وسيرحلون بعد فترة. من جهة أخرى، ترى الحكومة التركية، التي أنفقت سبعة مليارات يورو، خلال السنوات الماضية، لاستضافة مليوني لاجئ، أن المبلغ المقدم من قبل الاتحاد الأوروبي (ثلاثة مليارات يورو)، أقل ما كانت تتوقعه أنقرة. ويقول رئيس المجلس الأوروبي، دونالد تاسك: عقدنا اجتماعات مكثفة مع القادة الأتراك على مدار أسبوعين، وركزنا على هدف واحد وهو وقف تدفق المهاجرين عبر تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، موضحاً أن خطة العمل خطوة رئيسة في هذا الاتجاه. وكان معظم الزعماء الأوروبيين وافقوا على منح المواطنين الأتراك حرية السفر بلا تأشيرات إلى بلدان الاتحاد، شريطة أن تفي أنقرة بالشروط المتفق عليها في السابق. وسيعتمد التقدم أيضاً على إبداء أنقرة مساعدة حقيقية في خفض أعداد المهاجرين. في المقابل، تخشى حكومات أوروبية منح حرية كاملة للسفر بلا تأشيرات لـ78 مليون تركي. ومن المرجح أن يقتصر أي تحرير للسفر في البداية على رجال الأعمال والطلاب. واتفق القادة الأوروبيون أيضاً على إعادة تنشيط مفاوضات بدأت قبل عقود حول طلب تركيا الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، رغم أنهم تركوا الباب مفتوحاً لتحديد كيفية تحقيق ذلك. يذكر أن ألمانيا وجدت نفسها عاجزة عن تأمين المأوى لأعداد اللاجئين، التي تضاعفت منذ بداية سبتمبر الماضي، ويتوقع أن يصل إلى نحو مليون ونصف مليون لاجئ حتى نهاية العام الجاري. وسياسياً، خففت أنقرة من حماسة بروكسل، التي أعلنت ليلة الجمعة الماضية، التوصل إلى خطة عمل مشتركة مع تركيا بهدف مواجهة أزمة الهجرة. وقال متحدث باسم حزب العدالة والتنمية، إن الحزب الحاكم يتفهم طلب برلين بالمساعدة في حل أزمة اللاجئين، لكنه لفت الانتباه إلى أن أنقرة تريد دعماً مماثلاً في حربها ضد الإرهاب.