طالب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، بتحقيق دولي فوري في «الإعدامات الميدانية» التي تقوم بها سلطات الاحتلال بحق الفلسطينيين، وتوفير نظام حماية خاص لهم، معلنا أن السلطة الفلسطينية قررت كذلك تقديم طلبات لمحاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقادة جيشه، في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. وقال عريقات إنه قد تقرر البدء بجمع معلومات لإحالة ثلاثة ملفات إلى محكمة الجنايات الدولية، تخص نتنياهو، ووزير دفاعه موشيه يعالون، وقادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلي، وذلك لإدانتهم في عمليات الإعدام الميدانية التي تجري في الأراضي الفلسطينية والقدس. وحمل عريقات إسرائيل وحكومتها المسؤولية الكاملة عن الأحداث الجارية في الأراضي الفلسطينية، واصفا إياها بأنها «نتاج طبيعي لثقافة العنف والفساد السياسي والأخلاقي في حكومة نتنياهو، التي تفضل استعمال حلول أمنية للتعامل مع القضايا السياسية». وقال عريقات، في مؤتمر صحافي في رام الله: «نطلب من السيد كريستوف هانز المقرر الخاص لحقوق الإنسان القدوم فورا والبدء بالتحقيق الفوري في الإعدامات الميدانية، وفق قرار الجمعية العامة التي أقرت قانون 26/12 لعام 2014». وأضاف: «ونحن في اللجنة الوطنية، وبتعليمات من الرئيس، قررنا فورا تجميع المعلومات لتقديم وإحالة ثلاث ملفات بشكل فوري أمام الجنائية الدولية، تخص رئيس الوزراء نتنياهو ورئيس دفاعه وقادة الأجهزة الأمنية، وتحميلهم المسؤولية الكاملة عن الإعدامات، لأن ما نخشاه سيؤدي إلى عمليات إعدام جماعية». وعدد عريقات أسماء «الشهداء» الذين تم إعدامهم في الشارع، وبدا شديد الغضب وهو يشير إلى فيديو يظهر طفلا فلسطينيا لم يتجاوز الـ13 عاما من عمره مصابا وملقى على الأرض ويستصرخ لنجدته فيما يشتمه المستوطنون بأبشع الأوصاف البذيئة ويمتنعون عن تقديم العلاج له، مضيفا: «هذا انحطاط يمارس بشكل غير مسبوق، هذا نتاج للفساد والانحطاط السياسي، لاستمرار احتلال لمدة 48 عاما، فقد القيم والإنسانية». وتابع عريقات أن «النمط الإسرائيلي في التعامل مع الشعب الفلسطيني الآن هو الإعدامات الميدانية ومن ثم المحاكمات غير العادلة، وهذا يلخص بجملة واحدة (في إسرائيل): عمل جيد.. من يقتل فلسطينيا بدم بارد فهذا عمل جيد. هذه هي الثقافة التي وصلت إليها سلطة الاحتلال الإسرائيلي». ومن بين 29 فلسطينيا قتلوا في المواجهات الأخيرة يقول الفلسطينيون إن نصفهم تم إعدامهم بدم بارد في الشوارع من دون أن يشكلوا خطرا على الأمن الإسرائيلي. وشدد عريقات على أن ذلك يتطلب حماية دولية، مضيفا بشيء من الاستغراب: «نحن شعب أعزل وشعب تحت الاحتلال، وإسرائيل كطرف متعاقد سامٍ لمواثيق جنيف لعام 1949 وظيفتها حماية المدنيين في زمن الحرب، لكنها تقتل المدنيين والأطفال وتمارس العقوبات الجماعية، بالتالي لا بد للأمم المتحدة والسكرتير العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن من تشكيل نظام حماية خاص للشعب الفلسطيني وفق القانون أسوة بـ21 نظام حماية دولية تأسست منذ عام 1982 إلى الآن». وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس طلب حماية دولية قبل بدء الأحداث الأخيرة في خطابه الأخير في الجمعية العامة، وعاد مرة أخرى بعد تفجر الأحداث، وطلب الحماية الدولية من دون أي يستجيب مجلس الأمن لذلك. وتساءل عريقات: «أين الذين يتحدثون عن القانون؟ أين قتلة عائلة دوابشة والذين أحرقوا محمد أبو خضير؟ هذه أسئلة تطرح عن فشل ذريع في سلطة الاحتلال وفي رئيس وزراء يقوم شخصيا بالتحريض ومباركة عمليات الإعدام الجماعي. نحن شعب بسيط لا يملك طائرات، ولا دبابات، شعب أعزل. نحن الضحايا. وبالتالي نحمل المجتمع الدولي المسؤولية الكاملة، وسنتخذ الخطوات اللازمة وإحالة الملفات المتعلقة برئيس الوزراء ووزير الدفاع وقادة الأجهزة الأمنية إلى الجنائية الدولية، ونطلب من السيد كريستوف هانز المقرر الخاص لحقوق الإنسان في علميات القتل خارج إطار القانون بالقدوم فورا للتحقيق. أصبحت المسألة: اقتُل، أعدم، ومن ثم تذرع بأنها عملية طعن. هذه الصور تدفعنا للقول: إذا كانت إسرائيل لا تخشى التحقيق فلماذا تمنع لجان التحقيق من القدوم؟». وصب عريقات جام غضبه كذلك على اللجنة الرباعية الدولية بعد أن استجابت لطلب نتنياهو بتأجيل زيارة كانت مقررة اليوم للمنطقة. وقال عريقات: «للأسف الشديد فإن أعضاء اللجنة الرباعية بدلا من القدوم غدا للتباحث مع القيادة الفلسطينية، ووضع حد لهذا الاحتلال، الذي هو منبت الشر، وسياسات الحكومات الإسرائيلية وحكومة نتنياهو التي عملت على تهجير السكان والعقوبات الجماعية والتطهير العرقي، وهدم المنازل، استجابوا لدعوة نتنياهو بعدم القدوم (...) لقد كان ذلك تصرفا خاطئا». وتابع موجها حديثه لأعضاء الرباعية: «إذا لم تأتوا في بحر الدماء الفلسطيني، فمتى ستأتون؟ وهذا خطأ جسيم ارتكبته اللجنة الرباعية. كان يجب أن تأتي، وأن تقول للإسرائيليين إنه آن الأوان لهذا الاحتلال أن ينتهي، آن الأوان لقرار مجلس الأمن ليحدد جداول زمنية لإنهاء الاحتلال. هذا هو المطلوب من المجتمع الدولي». وأضاف: «الذي يبحث عن الأمن والسلام في هذه المنطقة، ومن يعي أنه يقاتل (داعش)، عليه أن يدرك أن هزيمة الإرهاب لا تتم بالطائرات والرصاص، بل بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضايا الوضع النهائي وعلى رأسها قضيتا اللاجئين والأسرى، فهي مفاتيح الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة». واتهم عريقات حكومة نتنياهو بتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الدوامة من الفوضى والعنف والتطرف وإراقة الدماء. وأضاف: «قال الرئيس: قدرنا أن نبقى ونصمد وندافع عن أنفسنا بكل ما نملك، وللمجتمع الدولي أن يقرر، إما أن يتحرك بجدية، وإما أن يستمر بالتفرج والمساواة بين الضحية والجلاد والدعوة إلى التهدئة، وكأن التهدئة سحرية وتأتي دون عملية سلام.