لندن، أنقرة، بيروت - «الحياة»، رويترز، أ ف ب - ندد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعدم تعاون الولايات المتحدة لحل النزاع السوري، معتبراً أن واشنطن مصابة بـ «تشوش ذهني»، بالتزامن مع مضاعفة الطيران الروسي غاراته على مناطق المعارضة في سورية، وفي المقابل، كان لافتاً قول مسؤولين تركيين إن أنقرة حذّرت موسكو وواشنطن من أنها لن تسمح للأكراد بتحقيق مكاسب في شمال سورية قرب الحدود التركية. ميدانياً، استمرت المعارك العنيفة بين قوات النظام وحلفائه وبين فصائل المعارضة في المناطق الفاصلة بين ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي وسط تقارير عن وصول تعزيزات ضخمة للمعارضة للمساعدة في صد الهجوم المدعوم بغطاء جوي روسي. وبدت المعارك أشبه بكر وفر، إذ ما يكاد النظام يقتحم منطقة ما، مثلما حصل أول من أمس في كفرنبودة في ريف حماة، حتى تسارع المعارضة إلى طلب تعزيزات تساعد في طرد القوات المهاجمة. وقال ناشطون ميدانيون أمس، إن فصائل المعارضة عززت الجبهات في الساعات الأخيرة بعناصر من شمال غربي سورية وبينهم مئات من التركستان والشيشان، كما تم تعزيز الدفاعات بكميات كبيرة من الصواريخ المضادة للدروع أميركية الصنع. كما أعلن «جيش الفتح» الذي يضم فصائل أبرزها «جبهة النصرة» و «أحرار الشام»، الانضمام إلى معركة حماة، قائلاً إنه بدأ «غزوة» لتحرير هذه المحافظة أيضاً والمساعدة في التصدي لهجوم النظام. وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) أمس، إن طائرات أميركية وروسية حلقت على مسافة قريبة جداً بعضها من بعض فوق سورية يوم السبت، ما يؤكد ضرورة حصول تنسيق لتفادي حصول حادث عرضي. وفي موسكو، أكدت الحكومة الروسية أن انخراطها في العمليات العسكرية في سورية لا يعني تخليها عن العملية السياسية، واقترح الرئيس فلاديمير بوتين إرسال «وفد كبير» برئاسة رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف إلى واشنطن لإجراء «بحث جدي للتسوية السياسية في سورية». وأعرب بوتين، خلال مشاركته أمس في منتدى استثماري، عن قلق بلاده بسبب برامج واشنطن لتسليح المعارضة السورية، وقال إنه «لا توجد ضمانات بألا تصل تلك الأسلحة إلى إرهابيي تنظيم داعش». وعلى رغم انتقاده تعامل واشنطن مع الوضع في سورية و «عدم استجابتهم لدعواتنا للتعاون ضد الإرهاب»، إلا أن بوتين قال إنه «غير راض عن اقتصار النقاش مع الأميركيين على الجوانب العسكرية في سورية لتفادي الصدام»، وأعرب عن استعداده لإرسال «وفد كبير برئاسة مدفيديف مهمته تقريب وجهات النظر والبحث عن تسوية في سورية». لكن بوتين وجّه في الوقت ذاته انتقاداً شديداً للغربيين بسبب موقفهم من سورية، وقال: «الآن، غالباً ما نسمع أننا نقصف الأهداف الخطأ وليس داعش»، موضحاً أن واشنطن رفضت طلب موسكو مناقشة لائحة بالأهداف التي يجب ضربها في سورية. وزاد: «اعتقد أن بعض شركائنا مصاب بتشوش ذهني. ليس لديهم أي فهم واضح عما يجري حقيقة وما هي الأهداف التي يسعون الى تحقيقها». في الأثناء، أكد وزير الخارجية سيرغي لافروف أن إطلاق العملية العسكرية الروسية في سورية لا يعني التخلي عن العملية السياسية لتسوية النزاع، وقال خلال لقاء مع المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا إن دعم جهود الأخير «يصبح أمراً أكثر إلحاحاً». وأضاف أنه «في الوقت الراهن، حين أصبح التوافق حول تمثيل المعارضة السورية في المفاوضات مع دمشق يلوح في الأفق، هناك من يقول إن عملية سلاح الجو الروسي تعرقل العمل السياسي. لكنني واثق من أن المراقبين الموضوعيين يرون بوضوح أن مثل هذا الربط يحمل طابعاً اصطناعياً». ووصف دي ميستورا محادثاته مع لافروف ونائبه ميخائيل بوغدانوف بأنها «مفيدة»، وقال إنها تركزت على سبل إعطاء دفعة جديدة للعملية السياسية في سورية. وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت أن الطيران الروسي قصف 86 «هدفاً إرهابياً» في سورية في الساعات الـ24 الماضية، ما يشكّل رقماً قياسياً للضربات في يوم واحد منذ بدء التدخل العسكري الروسي في 30 أيلول (سبتمبر). وفي الأيام الأولى لتدخله العسكري في سورية، تحدث الجيش الروسي عن ضرب نحو عشرين هدفاً في اليوم، وبلغ في نهاية الأسبوع الماضي 50 هدفاً في اليوم. وفي أنقرة، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين كبيرين، أن تركيا حذرت الولايات المتحدة وروسيا من أنها لن تقبل أن يحقق فصيل كردي مكاسب على الأرض قرب حدودها في شمال غربي سورية. وقال مسؤول متحدثاً عن إمكان عبور قوات كردية سورية نهر الفرات لتوسع نطاق سيطرتها في مناطق على الحدود التركية انطلاقاً من كردستان العراق صوب مناطق ساحلية مطلة على البحر المتوسط: «هذا خط فاصل بالنسبة إلينا. لا مزاح في هذا».