بعد التدخل العسكري الروسي في سورية لدعم نظام الأسد المجرم تحت غطاء ( محاربة داعش ! ) ثبت قطعاً أن داعش لم تتعرض لأي قصف أو هجوم روسي ولكن مصطلح ( داعش ! ) أضحى مظلة ومطية لتبرير خطط التدخل الدولي والإقليمي المتعددة في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط . وكان بوتين قد أعلن في الأمم المتحدة وقبله وزير خارجيته لاڤروڤ أن ثوّار سورية والجيش السوري الحر وحركة أحرار الشام وحلفاءهم جماعات إرهابية قبل أن تنشأ داعش وتُفجِّرَ ميدان الثورة السورية وتستهدف شعبها وثوّراها وهكذا فالعداء الروسي للثوار قديم ولا علاقة له بداعش مطلقاً ولكنه مشروع تم التدرج فيه حتى وصل إلى مرحلته النهائية وتمَّ وضعه في إطار تحالف روسي فارسي عسكري فاعل، أصبح واقعاً ملموساً يُؤكِّدُ وجود خطط برية تستعد بلاد فارس ( إيران ) لتنفيذها مع ميلشيات ( حزب اللات )الفارسية الإرهابية وميلشيات شيعية متعددة أخرى تحت تغطية روسية تؤكد خطورة هذا التطور الميداني . وتؤكُّدُ الصفقة الأمريكية مع الروس عام 2013 في سان بطرس بورغ أنَّ معارضات واشنطن كانت صورية فقط ولم توقف الروس ولا الفرس الإيرانيين، بل بالعكس ساعدتهم حين هددت واشنطن ورفضت دخول مضادات الطائرات للثوار، وحين منعت ولا تزال تحول دون إسقاط النظام السوري وقد وبَّخَ السيناتور الجمهوري جون ماكين أوباما علناً حول موقف إدارته السلبي من النظام السوري المجرم ، وإن كان موقف الجمهوريين والديمقراطيين معاً لن يختلفَ كثيراً عن رؤية واشنطن الجديدة وحاجتها إلى الشريك الفارسي الإيراني الشرس مع العرب، والوديع تحت طاولة المفاوضات الغربية ، ولا شك أنَّ واشنطن تمارس نفاقاً ممنهجاً وتُراهنُ على إجهاض الثورة السورية . وتعتقد تل أبيب بقوة أن بقاء نظام الأسد حليفاً للفرس الإيرانيين في المنطقة يشكل أماناً لها، مقابل خطر أي تحالفٍ عربي إسلامي ونظام جمهوري غير مستبد يحكم سوريا مستقبلا . والتحالف العسكري الروسي الفارسي الإيراني الذي يعتدي على الشعب والثوار في سورية يشير ظاهرياً إلى مواجهةٍ كبيرة في مياه الخليج الدافئة بين أعلام الغرب وأعلام موسكو الحمراء حول حسابات ما يُطلق عليه أمن الخليج العربي وهذا التحول النوعي في التدخل العسكري في المنطقة، وتشكيل الروس غرفة عمليات مع ( حزب اللات ) والفرس الإيرانيين، لا يُمكن التفريق بينه وبين دعم الحوثيين الشيعة في صنعاء أو الدعم اللوجستي لأي فصيل شيعي سيتحرك في الخليج العربي وخاصة في البحرين ليس بالضرورة بدخول مباشر، ولكنه توازن تهديدي تستفيد منه المليشيات الفارسية الإيرانية الشيعية . و يجري ذلك في ظل انقسام مشهود في مواقف البيت الخليجي العربي الواحد و تهديد بلاد فارس ( إيران ) لبعض دوله أو قناعات أخرى بأن على الخليج العربي أن يسير في سياق صفقة الغرب مع طهران، ويتخلى عن قضاياه المصيرية ومصالحه القومية، ويرضخ للنفوذ الجديد للفرس الإيرانيين وحلفائهم الروس أو الأمريكيين. عبدالله الهدلق