لم يتوقع أحد من ذوي الحاجة المصرية نبيلة أحمد السمان (51 عاما)، وهي تودع أهلها قبل الوصول إلى الأراضي المقدسة، أن وصيتها التي وضعتها بخط يديها قبل مغادرتها، ستنفذ بعد أيام من وصولها. فالحاجة كتبت «ادفنوني في البقعة التي أموت فيها». وفيما اعتبر الحاج عمرو بركات (43 عاما) زوج شقيقتها الذي وصل إلى مجمع الطوارئ في منى لاستلام جثمانها، أن غموض الوصية لم يكشف عنه إلا بوفاتها في حادثة التدافع بمنى، وابتهل إلى المولى عز وجل أن يتغمدها برحمته ويتقبلها من الشهداء، موضحا أنهم وجدوا كل التسهيلات لاستلام الجثمان ودفنها في مكة المكرمة، مشيرا إلى الرضا بقضاء الله وقدره. وأضاف أن الفقيدة تقدمت بطلبات الحج منذ أكثر من تسع سنوات، ولم يحالفها الحظ، إلا هذا العام، ولم تتسلم تأشيرتها إلا قبل سفرها إلى المملكة بنحو 24 ساعة فقط. وقال: ما إن تلقت خبر حصولها على أحقية الحج لهذا العام في شهر ذي القعدة الماضي، حتى استبشرت بهذا الخبر السعيد وعم الفرح كافة سكان الحي، لكنها قبل سفرها آثرت على كتابة وصيتها حتى أن الجميع استغرب من تصرفها، ولم نفهم المعنى إلا باستلام جثمانها الآن. من جانبها، عبرت نجوى أحمد السمان شقيقة الشهيدة، عن بالغ حزنها لفقدان شقيقتها، مبينة أن عزاء الأسرة أنها استشهدت في أقدس بقاع الأرض، وهي ترتدي أجمل حلة، وعادت من يوم عرفة، بعدما من الله عليها الوقوف في مشعر عرفة، وأدت الركن الأكبر من الحج. وقالت: إن شقيقتها ودعت كل الأسرة وأهالي الحي عند مغادرتها وطلبت من الجميع أن يسامحها قبل السفر، وكأنها تعلم عن مصيرها، والحمد لله على قضاء الله وقدره. من ناحية أخرى، تذكر الحاج محمد عباس الطيب (بنجلاديشي - 50 عاما) معلم في حلقات التحفيظ بدكا) لحظات الحادثة في شارع 204 بمنى، والتي فقد فيها والدته عالمة بيغم (72 عاما) وشقيقه أمين نور الرحمن (47 عاما) مشيرا إلى أن القدر كان على موعد معهما، رغم أنه كان برفقتهما في الحادثة. وقال: غمرتنا الفرحة خلال طريقنا إلى الجمرات، لرمي العقبة الكبرى، وكانت والدتي رحمها الله تسارع الخطى، رغبة في الرمي مبكرا قبل الزحام، ولم أتوقع أنها تسارع خطاها نحو لحظات الوداع وقدرها الاستشهاد في هذه البقعة المباركة. وأضاف: واجهتنا أفواج بشرية وزحام شديد، فطلبت من شقيقي الانتقال إلى طريق آخر ولكن أمام إصرار الوالدة على كسب الزمن لم تفلح كافة محاولاتي في ذلك، وفي لحظات عصيبة دخلنا بين تلك الحشود البشرية الهائلة نلتمس أي طريق ينجينا نحو جسر الجمرات ولكن دون جدوى وما هي إلا دقائق معدودات نصارع ذلك الزحام بعدها فقدت الوعي ولم انتبه إلا وأنا محاط بطاقم طبي في مستشفى منى، وعندما استفسرت عن والدتي وشقيقي أخبروني بوفاتهما في التدافع. وأضاف: رحمهما الله تعالى، فلقد اختار لهما عز وجل هذه الديار المقدسة لتكون خاتمة مبهجة وشهادة يتمنى الفرد أن يلقى ربه ملبيا بتكبيرات الحج متوشحا برداء العفو الغفران.