رغم مرور أكثر من سبع سنوات على نمو مطلوبات القطاع الخاص من المصارف بما نسبته 72 في المائة، إلا أن أعضاء اللجنة الوطنية لشباب الأعمال أكدوا أن دور المصارف ما زال غائبا لم تلمسه المشاريع الصغيرة، كما أن ارتفاع حجم الضمانات يفوق عادة حجم الإقراض. مشيرين إلى أن دور رجال الأعمال بتمويل المشاريع الصغيرة يبرز بشكل أكبر من دور المصارف. وكانت اللجنة الوطنية لشباب الأعمال قد ناقشت ضعف تمويلات المصارف وارتفاع الضمانات إلا أنها لم تضف شيئا يذكر لتسهيل المصارف بتمويل المشاريع الصغيرة. هذا وقد احتلت السعودية وفقا لدراسة أعدتها ''سيتي جروب'' تحت عنوان: ''تمويل نمو الإقراض للتنمية المستدامة للشركات الصغيرة والمتوسطة في الشرق الأوسط وإفريقيا شملت 15 دولة عربية، المرتبة قبل الأخيرة الـ 14 في تمويل المشاريع، تليها البحرين في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فيما تصدرت القائمة المغرب تليها اليمن، وبلغ حجم التمويلات المقدمة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة 2 في المائة، وهي نسبة ضعيفة مقارنة بالدول الأخرى وبحجم اقتصاد المملكة. وأوضحت الدراسة أن البطالة وتراجع استيعاب وظائف القطاع الحكومي والنمو السكاني الكبير، كان سببا وراء التوجه إلى تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة لإيمانهم بأهميتها في توليد وظائف جديدة، وأوصت الدراسة بضرورة طرح برامج دعم وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة بشكل ملائم، مؤكدة حاجة هذه المشاريع إلى رأس مال مرن ذي أجل بعيد لتقديم الدعم المستدام، لمساعدة المشاريع الصغيرة على التوسع، وأكدت الدراسة على إدارات الحكومات بأهمية إقامة هيئة متخصصة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، لتوحيد الجهود وهو ما تقوم به المملكة الآن من التوجه إلى إنشاء هيئة متخصصة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة. وطالب في الوقت ذاته أعضاء اللجنة الوطنية بإلزام المصارف بتقديم قروض خاصة للمشاريع الصغيرة مع خفض حجم الضمانات أسوة بدول العالم الأخرى، خاصة أن المصارف السعودية تحقق أرباحا تجاوزت جميع مصارف العالم لرفضها بعض التعاملات التي يرفضها ديننا الحنيف، ما يلزمها بتقديم برامج تمويلية من ضمن برامج المسؤولية الاجتماعية، مستدلين بتركيا التي حققت المشاريع الصغيرة فيها نهضة قوية من خلال برامج التمويل الحديثة التي اتبعتها المصارف، ومن جهة أخرى أوضح طلعت حافظ الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالمصارف السعودية أن حجم محفظة التمويل في المصارف ينمو نموا كبيرا خلال السنوات السبع الماضية، تجاوز نسبة بلغت 72 في المائة، حيث بلغ حجم مطلوبات المصارف من القطاع الخاص ''حجم الائتمان'' بنهاية الربع الأخير في العام الماضي 999 مليار ريال، فيما كان في 2007، 578 مليار ريال سعودي، ما يدل على تلبية المصارف السعودية باحتياجات القطاع الخاص بكل أنواعه من التمويل، لتمكينهم من القيام بتنفيذ المشاريع التنموية، وقال: ''تنوعت برامج التمويل التي تمنحها المصارف السعودية لعملائها لتنوع الشرائح والقطاعات الاقتصادية، هناك برامج تمويل موجهة إلى المنشآت الصغيرة والمتوسطة وبرامج لتمويل الشركات الكبيرة، وهذا لا يعني التمييز بين العملاء بقدر تحميل الاحتياجات لكل ناشط على حدة باعتبار أن احتياجات العملاء تتباين فيما بينها نتيجة حجم الشركة ونوع النشاط الذي تمارسه الشركة، كما تنوعت برامج التمويل بالمصارف، مبينا أن المصارف لم تكتف بالبرامج الخاصة لكل مصرف لتمويل المشاريع الصغيرة بل اشترك 11 بنكا لإنشاء برنامج ''كفالة'' برأس مال 200 مليون ريال، ويعد من أفضل برامج التمويل، حيث يحقق نموا مرتفعا سنويا يقدر بـ 20 في المائة، بلغ مجمل عدد المستفيدين من البرنامج منذ انطلاقة عام 2006 بلغت 4765 كفالة استفاد منها 2909 بقيمة إجمالية للكفالات المصدرة بلغت 2.305 مليون ريال مقابل اعتماد لتمويل بلغ حجمه 4.4837 مليون ريال، ولفت إلى أن هذا البرنامج الطموح قد تفوق على الاستراتيجية العشرية، بأن حقق أهدافها في أقل من ست سنوات منذ إنشائه، الأمر الذي يدل على نجاح البرنامج بتفوق وجدارة، وأن هناك إقبالا كبيرا من متعاملين معه من أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وأيضا طموح كبير من المصارف السعودية ورغبة أكيدة بدعم توجهاته وتحقيق أهدافه، وقال: ''التسهيلات الممنوحة من البرنامج والضمانات المقدمة، حيث يكفل البرنامج المقترض بنسبة 80 في المائة و20 في المائة يحدده البنك المقرض ساهمت في ارتفاع الإقبال، ولفت إلى أن 20 في المائة من الضمانات تكون من البنك المقرض، فلا يمنع البنك إذا رأى لسبب أو لآخر أخذ المزيد من الضمانات لأي جانب من قيمة الضمان الذي يوفره البرنامج، وهذا الأمر متروك لتقييم إدارة البنك الممول تبعا لسياسته التمويلية وذات العلاقة. وحول نسبة تعثر الشركات أشار طلعت إلى أنها تزال في حدودها المعقولة، وذلك لعدة اعتبارات أولا: متانة القطاع الخاص، وثانيا: الخطوات المحكمة التي تقوم بها المصارف السعودية لدى إقراضها الشركات العاملة بالقطاع الخاص التي تخضع لعدد من الإجراءات التي تكفل التعرف من كثب على نشاطها. وبشأن الهجوم على ضعف دور المصارف بالتمويل قال حافظ: إن ما تتداوله وسائل الإعلام وسط المال والأعمال، خاصة في قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة أن المصارف السعودية تتردد بعض الشيء في التعامل ومنح التمويل للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، فهذا الاعتقاد خاطئ، لكون أن هناك أكثر من برنامج متخصص تقوم المصارف السعودية من خلاله بتمويل أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى تقديم الدعم الفني اللوجستي لها، ولكن في جميع الظروف والأحوال لا بد أن يتأكد البنك من وضوح رؤية المشروع واتجاهاته وأنه مشروع مجد اقتصادي فيتمكن من خلاله صاحب المنشأة، سداد التمويل الممنوح له من المصارف من هذا المنطلق تواجه المصارف بعض الحالات، صعوبات في تمويل بعض المنشآت الصغيرة والمتوسطة لعدة أسباب منها افتقارها للنظم الدراسية والجهاز الفني والمالي بما يوفر المعلومات للمصارف بالأسلوب الكفء الذي يمكّنها من اتخاذ قرار التمويل السليم، حيث إن البعض لديهم فكرة قد تكون جيدة، ولكن لا يوجد لديهم استراتيجيات ودراسات وإحصائيات واضحة ورؤية مستقبلية تمكّن المصارف من اتخاذ قرارات التمويل المناسب ومن هنا تطالب المصارف المنشآت الصغيرة والمتوسطة بضرورة تكثيف جهود القطاع للتطوير من أدواته ونظمه الإدارية والمالية والفنية بما في ذلك المعلوماتية، لتتمكن من توفير دعم أكبر لهذا القطاع. وقال: ''إن المصارف عندما تلجأ إلى تمويل مشروع ما سواء كان المشروع صغيرا أو متوسطا أو كبيرا فلا تعطي الاهتمام الأكبر للضمانات، لكن جل اهتمامها ينصبّ لرؤياه الثاقبة والجدوى الاقتصادية لهذا المشروع وكفاءة الإدارة، وإمكانية تحقيق أهدافه وما الضمان بهذه الحالة إلا فقط مكمل لإجراءات تمويل المشروع، ولكن ليس هو المصدر الأساسي لصنع واتخاذ قرار التمويل، البنك يعتمد الموافقة على منح التمويل أو لا على مدى الجدوى الاقتصادية المقدمة على المشروع والكفاءة الإدارية لأصحاب المشروع، كما أشرت لوجود نظام مالي وإداري واضح لدى المنشأة. أوضح فهد جميل عضو باللجنة الوطنية لشباب الأعمال أنه لا يوجد دعم حقيقي من المصارف للمشاريع الصغيرة، فالبرامج التمويلية التي خصصتها المصارف تبحث عن مصلحتها عن طريق الضمانات التي تطرحها بدون التوجه إلى خلق برامج تمويلية خاصة للشباب هناك شباب طموح يبحث عن دعم المشاريع، ولكن ضعف قنوات التمويل تحول بينهم. وقال: ''للأسف المصارف منذ أكثر من خمس سنوات وهي تطرح برامج للدعم، ولكن لم نر أيا منها على أرض الواقع أو لم نر شبابا استفادوا من برامجها''، ولفت إلى أن المصارف تمول فقط من لهم أو لذويهم تاريخ وأرصدة في المصارف، وتتجاهل الشباب الصغار لسبب عدم وجود الضمانات الكافية وهو الأمر الذي تجاوزته كثير من الدول بطرح برامج للشباب الآخرين، مبينا أن أغلب البرامج التي تدعم المشاريع المتناهية بالصغر والأسر المنتجة تكون للظهور الإعلامي فقط. وشدد جميل على ضرورة استفادة المصارف من تجارب العالم الخارجي في دعمها المشاريع مثل تركيا ودول أوروبا وأمريكا، حيث تدعم المشاريع الصغيرة دون ضمانات، ولكن بمتابعة المشاريع وتوجيه الأموال مباشرة للمشاريع، مشيرا إلى الطفرة التي استطاعت أن تحدثها تركيا رغم قلة إمكاناتها للنهوض بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة، حيث تطرح برامج تمويلية وتسهيلات للتمويل مقابل المتابعة الدقيقة لمسيرة المشروع. وأضاف جميل أن دعم رجل الأعمال فاق المصارف، حيث ساهم وتبرع عدد كبير من رجال الأعمال بأموال، وطرح برامج تمويلية جديدة مسهلة فاقت المصارف ووازنت الدعم الحكومي، فالثقة التي عززها رجال الأعمال بأصحاب المشاريع الصغيرة والاقتراحات الموجهة لهم ساهمت في النهوض بهذه المشاريع، مبينا ارتفاع عدد المستفيدين من تمويلات رجال الأعمال بشكل أكبر من المستفيدين من برامج المصارف التي عادة تدفع الشباب للتعثر، نظرا لعدم كفايتها إقامة المشروع وللضغط على المستثمر بالفوائد التراكمية. فيما يستعرض عبد الله الأحمدي عضو في اللجنة الوطنية لشباب الأعمال ومستثمر بمقهى ''غدا أجمل'' الثقافي كأول مقهى ثقافي في المدينة المنورة، تجربته أنه توجه لأكثر من قناة تمويلية للحصول على قرض وتوجه لصندوق المئوية عام 1431هـ بعد عام تمت الموافقة ولم يحصل على التمويل أو رد أو استفسار إلى وقتنا الحاضر، ثم توجه إلى ريادة الأعمال التي دعمت المشروع من قبل بنك التسليف والآن المشروع على رأس العمل يعمل بشكل جيد وعقدت شراكات مع عدد من الجهات، وأوضح أن البيروقراطية في الجهات الحكومية ترفع المدة الزمنية إلى أكثر من 4 سنوات للحصول على قرض فلا توجد هناك أي تطورات لهذا المجال، رغم التطورات التي سجلتها أغلب دول العالم بهذا المجال لإيمانها بأهمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة في النهضة بالبلاد، فأغلب الدول الصناعية الكبرى كانت المشاريع الصغيرة والمتوسطة شريانا أساسيا للنهوض بها. إضافة إلى أن العاملين بالتمويل في الجهات الحكومية ليس لديهم الدراية الكاملة بأهمية المشاريع والجوانب التي تمكنهم من تقييم المشاريع، لذلك عادة كثير من المشاريع الناجحة لا ترى النور، إضافة إلى تعثر بعض المشاريع. الجهات الرقابية على المشاريع لا تملك المعلومة الكافية التي تساعد هذه المشاريع على الوقوف والحد من تعثرها. وحول دور القنوات التمويلية قال الأحمدي: المصارف تعتبر أفضل قناة تمويلية للمشاريع الصغيرة باعتبارها مؤسسات مالية تحقق أرباحا كبيرة من المواطنين، ولفت إلى أن المصارف تحقق أرباحا كبيرة، ولكن للأسف لا تقارن مقابل التمويل المقدم أو البرامج الخدمية للمجتمع، حتى إن كان من باب المسوؤلية الاجتماعية لا توجد برامج داعمة سوى مصرف واحد فقط على مستوى المملكة يشارك بجانب المسؤولية الاجتماعية وتعتبر بسيطة، مقارنة بحجمه، المصارف شبه مغيبة عن دور دعم المشاريع، ولا توجد جهات تلزمها بدعم المشاريع الصغيرة باعتبارها جهة تمويلية رئيسة. وأضاف محمد العودة رئيس لجنة شباب الأعمال بـ ''غرفة تبوك'' وعضو في اللجنة الوطنية لشباب الأعمال لا يوجد دور للمصارف دورها غير واضح، التطوير غير موجود، جميع القنوات التمويلية ضعيفة جدا، ناقشنا هذه الأمور في اللجنة الوطنية لشباب الأعمال بتحسين دور القنوات التمويلية، الدول الأخرى سبقت المملكة بطرح برامج تمويلية مجزية ساهمت في رفع اقتصاد البلد وتنوعه، ولدينا للأسف تغيب الجهات الخاصة الداعمة عن التمويل، برغم ارتفاع حاجتنا إلى خلق مشاريع صغيرة ومتوسطة لتوفير الوظائف ومعالجة مشكلة البطالة، 70 في المائة من سكان المملكة شباب من الطبيعي لعدم وجود طاقة استيعابية في القطاع الحكومي والخاص لا بد من طرح مشاريع صغيرة، خاصة أن الاقتصاد السعودي متين، ولكن للأسف لا يوجد تحريك فعلي للقنوات التمويلية. لا بد من إلزام المصارف بتقديم قروض للمشاريع الصغيرة بالنظر والأخذ بعين الاعتبار لأرباح المصارف المحققة سنويا، فالقطاع الحكومي إجراءاته جدا صعبة وتحتاج إلى وقت يطول إلى أكثر من سنة، والضمانات المطلوبة أكثر من حجم القرض، لا يوجد لها دور ملموس في الخدمة المجتمعية، أستعرض قصة شاب يملك مشروعا جيدا بدراسة جدوى بحاجة إلى قرض مليون ريال تقدم إلى المصارف طلبت ضمانات تفوق مليوني ريال، وببرنامج كفالة تكفلت بضمان مليون فيما طالب البنك ضمانا بقيمة مليون، إلى الآن وهو يبحث عن قناة تمويلية من رجال الأعمال الذين ظهر دورهم بشكل كبير في دعم المشاريع.