×
محافظة الرياض

(مهابيل) الإعلام ..!!

صورة الخبر

تقول التحليلات (أغلبها غربية) إن داعش عصية على التصفية السريعة. تحتاج في أقل تقدير إلى ثلاث سنوات من الحرب المكلفة. ولأنهم عصابات متناثرة فعملية القضاء عليهم قضاء مبرماً ربما تكون مستحيلة. فكما يقول المثل لا يمكن قتل الناموس حبة حبة. هذا الرأي له وجهان. الأول أن يكون جزءاً من حملة إعلانية غربية اعتدنا عليها في تكبير الخصوم. إعطاؤهم أكبر من حجمهم ليكون القضاء عليهم أمراً يتوجب الشكر. تحدثت عن هذا وشرحت وجهة نظري فيه. الثاني وهو الأكثر ترجيحاً عندي: صحة هذا القول ولكن ما هي تبعاته وما المقصود بالحرب. الإرهاب مسألة فكرية تضم مجموعة من الرجال (والنساء مؤخراً) تم تصنيعهم ليروا في الموت فرصة لعبور الحياة التي خلقوا فيها للمرور بها فقط. الإرهابي إنسان لا قيمة للحياة عنده ولا يعرف معنى البناء والتعمير وليس له وطن يخاف عليه ويعاني من فقدان الإحساس بالسعادة. لا يحرك الفن مشاعره. يحرم الحب ويحرم ما تجود به الطبيعة من جمال كالورد والموسيقى. لا يملك في هذه الحياة سوى الموت والتفضل به على الآخرين. لا يمكن وصف انتحاريته بالشجاعة. الشجاع هو الذي يدخل المعركة لينتصر. هو الجندي الذي يترك وراءه أحباباً يحتاجونه ويحتاجهم. يتوق للعودة إلى دفء الحبيبة والأم والأب والأشقاء وملاعب الصبا ويتشوق أن يرى أطفاله يوماً ما في حضنه. لا يمكن أن يكون هذا الرجل البائس المنتحر شجاعاً وهو الذي لم يقم لوالدته أي قيمة عاطفية. لم تتحرك فيه مشاعر الأمومة وهو يبعث لها بتلك الرسالة القصيرة القاتلة يخبرها أنه أصبح قاتلاً وقريباً مقتولاً. الشجاع ليس جباناً يقتل الأسرى وينكل بأعدائه ويتفاخر بالقتل بأبشع أساليبه. الحرب الحقيقية والطويلة والمعقدة ليست مع هؤلاء الذين ينشرون البشاعة في سورية والعراق. الصراع مع هؤلاء ليس حرباً. الحرب أياً كانت تحمل في داخلها احترام إنسانية العدو. مقاتلة هؤلاء هو للقضاء عليهم لا بهدف هزيمتهم. لن يوقع معهم أحد وثيقة استسلام ومن سينجو منهم سيجر بالسلاسل إلى المحكمة ويعامل كمجرم لا كأسير ومن سيفر سيكون طريداً إلى الأبد. الحرب مع من صنعهم. من جفف منابع الحياة في داخلهم وجعلهم يكرهون الفن والموسيقى والورد ومن صور لهم المرأة متاعاً تختطف وتتخذ خليلة ثم يعاد بيعها لزبون آخر. العالم لن يتوقف في حربه على الإرهاب كما توقف في حربه على إرهاب القاعدة. لن يجد في تقليم الأظافر بغيته الأمنية والحضارية. لن يسمح بإعادة استنبات الإرهاب. تجربة بن لادن علمت العالم أن عملية تقليم الأظافر والتوقف عندها يساعد على نمو أظافر جديدة أقوى وأشرس. من الواضح وبإذن الله أنه سوف يتعامل مع الإرهاب كما تعامل مع النازيين. لم يهزم الغرب النازية وإنما قضى عليها. لم تتوقف الحرب مع توقف المدافع. فتشوا ملفاتهم وأدبهم وفكرهم وخطباءهم وأدباءهم ومؤرخيهم وتاريخهم ووسائل نموهم ومازالوا حتى اليوم يأخذونهم ولو بالشبهة. إذا طبقت هذه الاستراتيجية على الإرهابيين فعلى الكثير أن يستعد. ستمتد الحرب إلى التغريدات والفتاوى والخطب وتاريخ المحرضين وأموالهم وممتلكاتهم وكتبهم التي يمتاحون منها شرورهم. سيأتي اليوم الذي نشكر فيه داعش كما شكر الغرب النازيين.