كشفت مصادر مطلعة في الجيش اليمني والمقاومة الشعبية في محافظة مأرب النفطية الهامة في شرق البلاد، عن خطوات استباقية أقدم عليها المتمردون الحوثيون في بعض جبهات القتال بمحافظة مأرب، حيث انسحبوا من بعض المواقع إلى الجبال، وذلك بعد أن هزموا في منطقة «سد مأرب» التاريخي، الذي بات تحت سيطرة القوات المشتركة المكونة من قوات التحالف وقوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن الحوثيين «يقومون بعمليات انسحاب استباقية من عدة مواقع في جبهة الجدعان ويعيدون نقل أجزاء من قواتهم إلى الوراء». وأكدت المصادر أن تلك القوات، التي يجري سحبها «تتمترس في الجبال على الحدود مع صنعاء في جبال فرضة نهم وجبل يام وصلب وقرود»، وهي سلسلة جبال تقع بين مديرية مجزر الجدعان (مأرب) ومديرية نهم بمحافظة صنعاء. وأشارت المصادر إلى أن هذه الخطوات، التي وصفت بالاستباقية، جاءت تحسبًا لهجوم واسع وشيك تستعد القوات المشتركة لتنفيذه، لتطهير جبهات الجدعان، وهي عسكرية في حال أنجزت، ستمكن القوات المشتركة من التوجه إلى محيط محافظة صنعاء والسيطرة على جبل فرضة نهم الاستراتيجي، الذي يمثل بوابة للعاصمة من جهة مثلث مأرب - صنعاء - الجوف. وفي سياق التطورات الميدانية، دمرت طائرات التحالف، أمس، رتلاً عسكريًا في مديرية صرواح، التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون، بينما تستمر المواجهات في بعض المناطق، في ظل دور كبير تقوم به طائرات التحالف في استهداف المواقع التي يتمركز فيها المسلحون الحوثيون وقوات المخلوع صالح. وحول ما إذا كانت الميليشيات الانقلابية قد انسحبت تمامًا من مواقعها في أي من مناطق وجودها في الجدعان، قال قيادي بارز في الجيش اليمني لـ«الشرق الأوسط»، إن «الميليشيات تعاني من إرباك واضح، وإن انسحاباتها جزئية». وتحدث القيادي عن تعليمات تلقتها ميليشيات الحوثي بسحب 50 في المائة «من قواتها في أغلب المواقع الواقعة في الأراضي المسطحة إلى الجبال القريبة، وذلك استباقًا لأي هجوم من قوات التحالف والمقاومة لتطهير الجبهات في تلك المناطق». وأشار المصدر القيادي إلى قرب موعد تنفيذ العمليات العسكرية في مناطق الجدعان، واعتبر أن «سقوط سد مأرب نقلة نوعية في المواجهات في مأرب، جعلت الانقلابيين يركزون الآن أكثر على تحصين حدود العاصمة صنعاء في سلسلة جبال فرضة نهم صنعاء غرب مأرب وجبل الوتدة جنوب غربي مأرب في حدود خولان صنعاء». وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الانسحاب الجزئي للميليشيات الحوثية في جبهة الجدعان، جاء قبيل وصول تعزيزات للقوات المشتركة إلى المنطقة، في ظل أنباء عن عملية عسكرية كبيرة قريبة في جبهة الجدعان. وفي السياق ذاته، قالت مصادر عسكرية إن «مقاتلي الجيش الوطني والمقاومة الشعبية تمكنوا من أسر 10 من أفراد الميليشيات الحوثية، كانوا على متن عربتين تتحركان في جنوب جبهة ماس، غير أن المسلحين الحوثيين وقعوا في كمين لعناصر المقاومة». إلى ذلك، أكدت مصادر محلية في مأرب لـ«الشرق الأوسط»، أن «ميليشيات الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح انهارت في جبهة الجفينة، بعد إحكام السيطرة على سد مأرب التاريخي». وقالت المصادر إن القوات المشتركة، بدأت في عملية تمشيط لمناطق جبهة الجفينة والسد، عبر عمليات برية وجوية واسعة النطاق، وذلك بحثًا عن جيوب الميليشيات في منطقة الأشراف في المنين والفاو، «التي ما زالت تشهد بعض المناوشات وعمليات قنص من قبل بعض القناصة المختبئين في المزارع والأشجار، في المنطقة الوسطى لجبهة الجفينة»، وذلك بعد تطهير منطقة السد والبلق الأوسط في الجفينة بالكامل. كذلك، وجه قيادي بارز في المقاومة الشعبية تحذيرًا «شديد اللهجة» إلى «قبائل الأشراف والمزارعين في جبهة الفاو والمنين»، وقال القيادي الذي رفض الكشف عن هويته لـ«الشرق الأوسط»، إن «القوات والطيران سيتعاملان بعنف مع أي مزارع أو مساكن يوجد فيها المتمردون أو تصدر منها النيران المعادية، مهما كانت الأعذار». وأضاف: «تحملنا كثيرًا ولكن هناك من لم يلتزم الحذر وعليه أن يتحمل مسؤولية ما سيحدث». وأشار القيادي في المقاومة إلى أن «التحالف بدأ، في مأرب، بالتركيز على محيط مدينة مأرب، وذلك لتأمين عاصمة المحافظة أولاً، وقطع الإمدادات التي كانت تغذي جبهة الجفينة والتي تشكل الجبهة الأقرب إلى المجمعات الحكومية»، وإلى أن مدينة مأرب أصبحت «محررة ومطهرة بنسبة 95 في المائة، باستثناء القناصة المنتشرين في المزارع». وفي ضوء تأكيدات القادة العسكريين اليمنيين وفي قوات التحالف، فإن مأرب تمثل المدخل الرئيسي للعملية العسكرية المنتظرة لتحرير العاصمة صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية، حيث تواصل قوات التحالف قصف الطرق والجسور التي تربط صنعاء بالمحافظات المجاورة، دون أن يطال القصف الطريق الرابط بين صنعاء ومأرب. على صعيد آخر، استهدفت طائرات التحالف، أمس، مبنى دار الرئاسة ومعسكر جبل النهدين، التابع لقوات الحرس الجمهوري السابقة والموالية للمخلوع صالح، بنحو 13 غارة جوية، وتركز غارات التحالف منذ أشهر على مناطق في جنوب صنعاء، حيث تشير المعلومات إلى الجبال المحيطة بصنعاء، وتحديدًا في جنوبها، تضم مخازن أسلحة سرية غير مقيدة في سجلات وزارة الدفاع وتتبع المخلوع مباشرة، وأن تلك المخازن تحتوي على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر وإلى أن ضمن تلك الأسلحة صواريخ بالستية. وبحسب مصادر محلية، فقد كثفت طائرات التحالف، أيضًا، قصفها العنيف خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، على مناطق كثيرة في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لجماعة الحوثي، إضافة إلى غارات مكثفة استهدفت مديرية حرض في محافظة حجة الحدودية مع السعودية، وتعد حرض منفذًا حدوديًا يربط شمال اليمن وجنوب المملكة عبر منفذ الطوال، وقد تحولت هذه المدينة إلى مدينة أشباح، حيث غادرها سكانها الذين يتجاوز عددهم المائة ألف نسمة إلى المناطق والقرى المجاورة، بعد دخول الميليشيات إليها واحتلالها، حيث باتت الميليشيات هي الوحيدة الموجودة في تلك المدينة، التي تستخدم لإطلاق النار على الأراضي السعودية، وأكدت المصادر المحلية لـ«الشرق الأوسط» أن العشرات من عناصر الميليشيات الحوثية قتلوا في الغارات التي استهدفت مواقع تمركزهم في تلك المحافظات. في السياق ذاته، قالت مصادر في مديرية أرحب بشمال صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، إن «طائرات التحالف دمرت واحدًا من أهم المراكز الحوثية التي استخدمت لتنفيذ الانقلاب ولتجنيد المقاتلين»، وأشارت المصادر إلى أن «مركز أبو نشطان التعليمي قصف ودمر كاملاً في غارات لقوات التحالف». وبحسب مصدر محلي، أنشئ مركز أبو نشطان ما بين عامي 2005 و2007 في قرية بوسان مديرية أرحب، وبدأ يمارس نشاطه في بداية عام 2008 وكان يروج له في البداية على أنه مركز ديني لا علاقة له بالسياسة ولا صلة له بالحوثيين. وقال مصدر قبلي في أرحب لـ«الشرق الأوسط» إن «المركز استمر في ممارسة نشاطه في تدريس المذهب الإثنى عشري وبدعم من عبد الملك الحوثي وبإشراف مباشر من القيادي محمد مفتاح». وأضاف المصدر أنه و«بعد أن عرفت قبيلة أرحب الخطر الذي يمارسه المركز وتوافد طلابه من كثير من المحافظات، أصدرت القبيلة بيانا مطلع عام 2014، طالبت فيه الرئيس هادي بسرعة إغلاق المركز الذي وصفه بيان القبيلة بأن يمثل خطرًا على القبيلة وعلى اليمن كونه يعلم المذهب الإثنى عشري الرافضي الطائفي»، بحسب المصدر.