أكد المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية، أمس أن السعودية ستواصل الاستثمار في صناعة النفط والغاز والطاقة الشمسية على الرغم من التراجع الحالي في أسعار الخام. وبحسب "واس"، فقد كان النعيمي يتحدث خلال اجتماع لوزراء الطاقة في مجموعة العشرين في إسطنبول، مضيفاً أنه "منذ السبعينيات مرت هذه الصناعة بتذبذبات حادة وعالية في الأسعار - ارتفاعا وانخفاضا - ما أثر في الاستثمارات في مجال البترول والطاقة واستمراريتها". والتقى النعيمي نظراءه من الولايات المتحدة وروسيا وإندونيسيا في إسطنبول حيث ناقشوا العلاقات المشتركة في مجال البترول وحماية البيئة. وأشار النعيمي إلى أن هذا الوضع المتذبذب ليس في مصلحة الدول المنتجة ولا الدول المستهلكة وبإمكان دول مجموعة العشرين الإسهام في استقرار السوق. وأوضح النعيمي أن بوسع دول مجموعة العشرين المساعدة على جلب الاستقرار لسوق النفط، مشيراً إلى أن تذبذبات الأسعار ليست في مصلحة المنتجين أو المستهلكين. وهبط النفط أمس ليتخلى الخام عن المكاسب التي حققها في وقت سابق وذلك بعد أن جاءت بيانات الوظائف الأمريكية في القطاعات غير الزراعية أضعف من المتوقع وهو ما ألقى بظلاله على النظرة المستقبلية للطلب من أكبر مستهلك للنفط في العالم. وهبطت أسعار الخام إلى نحو النصف تقريبا خلال العام الأخير بسبب تخمة المعروض على الرغم من أن محللين يرون أن استراتيجية منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" التي تسمح للأسعار بالهبوط لتحجيم النمو في مناطق الإنتاج المرتفع التكلفة تحقق بعض التأثير. وخفضت شركات نفط عالمية إنفاقها كثيرا هذا العام بسبب استمرار تدني أسعار النفط حيث خفضت ميزانياتها واستغنت عن آلاف الوظائف. وقال فاتح بيرول المدير العام لوكالة الطاقة الدولية "إن من المتوقع انخفاض استثمارات النفط العالمية 20 في المائة هذا العام في أكبر تراجع لها على الإطلاق". وتضررت عائدات شركات الطاقة جراء هبوط أسعار النفط إلى النصف خلال السنة الأخيرة وهو ما يثني الشركات عن الإنفاق على عمليات التنقيب والإنتاج. وأشار بيرول في مؤتمر صحفي خلال اجتماع وزراء الطاقة لمجموعة العشرين في إسطنبول إلى أن الوكالة تتوقع هذا العام أن تكون استثمارات النفط العالمية في 2015 أقل 20 في المائة منها في 2014، وهذا أكبر انخفاض في تاريخ النفط. وفي ظل استمرار أسعار النفط دون 50 دولارا للبرميل تضررت خطط الاستثمار في شركات النفط الكبرى والشركات المحلية حيث تعين عليهم إيجاد سبل للحفاظ على السيولة النقدية. وسيؤدي خفض الاستثمارات الآن إلى تأخير تطوير الحقول الموجودة بالفعل وعمليات تنقيب ما يعني أن الإنتاج قد يتباطأ لسنوات مقبلة. ويتوقع بعض المختصين تعافي النفط والغاز حيث تهبط الأسعار وتظل متدنية لسنوات قبل أن تعاود الارتفاع، وتتوقع شركة مورنينج ستار المتخصصة في الأبحاث لعملائها في الأسبوع الماضي أن تستعيد أسواق النفط توازنها بالكامل في 2017 على أقرب تقدير. وأوضح النعيمي أن السعودية يجب أن تستمر في الاستكشاف والإنتاج والتكرير إضافة إلى الاستثمار في مصادر الطاقة البديلة مثل الطاقة الشمسية، مضيفاً أن "العالم بحاجة إلى طاقة نظيفة ومستمرة ومتوافرة للجميع في الوقت الحالي وللأجيال المقبلة". المهندس علي النعيمي وأظهرت بيانات أن السعودية أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم بدأت تستعيد ما فقدته من نصيبها في السوق في أعقاب القرار الذي اتخذته في 2014 بالتخلي عن دعم الأسعار. وقادت السعودية في تشرين الثاني (نوفمبر) تحولا في موقف منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" من أجل الدفاع عن نصيبها في السوق في مواجهة إمدادات منافسة من مصادر أخرى بدلا من خفض الإنتاج لرفع الأسعار وهو ما ظلت تفعله على مدى سنوات طويلة. وارتفعت صادرات النفط الخام السعودية عن المستوى المنخفض الذي بلغته في 2014، وأوضح ديفيد فايف رئيس الأبحاث في شركة جانفور التجارية وهو مختص سابق في وكالة الطاقة الدولية أنه بناء على أرقام صادراتهم المعلنة من الخام في النصف الأول من 2015 يبدو أن الرياض استردت بعضا من حصتها في السوق التي خسرتها خلال العام الماضي. وتشير أرقام من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية ووكالة الطاقة الدولية إلى أن صادرات السعودية لكبار المستهلكين في آسيا وأوروبا وصلت أعلى مستوياتها منذ عدة أعوام في النصف الأول، فيما ارتفعت الصادرات للولايات المتحدة عما كانت عليه قبل، لكنها ما زالت تحت ضغط. ويتجه أكثر من نصف صادرات السعودية من النفط الخام إلى آسيا، وأفادت وكالة معلومات الطاقة في التاسع من أيلول (سبتمبر) أن السعودية حافظت على حصتها من السوق الآسيوية فصدرت 4.4 مليون برميل من الخام يوميا إلى سبعة من زبائنها الكبار في آسيا في النصف الأول من 2015. ويتزايد حجم الخام السعودي المتجه إلى الولايات المتحدة أكبر دول العالم استهلاكا للنفط رغم أن نصيب السعودية من السوق الأمريكية ما زال يتعرض لضغوط. فقد استوردت الولايات المتحدة 1.076 مليون برميل يوميا من الخام السعودي في حزيران (يونيو) وفقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة ارتفاعا من 788 ألف برميل يوميا تمثل أقل مستوى منذ 2009 في شهر كانون الثاني (يناير) 2015. لكن متوسط الصادرات في النصف الأول أقل مما كان عليه قبل عام، ومع ذلك فإن اتجاه الزيادة في العام الجاري ربما يجلب بعض الارتياح للمسؤولين النفطيين في السعودية الذين قال مصدران في صناعة النفط "إنهما انزعجا عندما انخفضت صادرات الخام السعودية للولايات المتحدة عن مليون برميل يوميا في آب (أغسطس) 2014". وفي حزيران (يونيو) أكد المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية أن الاستراتيجية بدأت تحقق نجاحا، فيما قالت مصادر "إن السعودية تدرس عددا من العوامل لتحديد مقدار النجاح". وتعتقد مصادر نفطية في السعودية أن مسألة ارتفاع الصادرات السعودية عن مستوى سبعة ملايين برميل يوميا أو انخفاضها عنه خلال فترة زمنية معينة يمثل مؤشرا أساسيا على حجم حصة السعودية من السوق رغم أن هذا لا يمثل هدفا رسميا. وتوضح أرقام سعودية حتى تموز (يوليو) أن صادرات النفط الخام كانت أعلى من سبعة ملايين برميل يوميا في كل شهور 2015 باستثناء أيار (مايو)، وكانت الصادرات انخفضت عن سبعة ملايين برميل يوميا في سبعة أشهر من 2014 بعد أن تجاوزت هذا المستوى في كل شهر من شهور عامي 2012 و2013.