على مدار سنوات، تقف قرى محافظة فيفاء الجبلية بمنطقة جازان شاهدة على مآسي الحوادث المرورية، التي تسجلها إحصاءات المرور بشكل يومي، من خلال طرقها التي أُطلقت عليها أسماء عديدة، مثل طريق الموت، والمجزرة، والثعبان الأسود؛ فكل السكان لديهم من قصص الدماء وتشابك الحديد، وكل قائد مركبة أصبح بمقدوره أن يساهم في إنقاذ المصابين ونقل الجثث، لقلة مراكز الإسعاف، فلا يوجد سوى مركز إسعاف وحيد في بلغازي. وتتعدد أسباب الحوادث بمحافظة فيفاء، ونتائج الوفيات والإصابات واحدة، إضافة إلى تلف الممتلكات. إنه خطر يحيط بالأهالي والزوار من خارج المحافظة، حيث أسماها السياح طرق الموت، لافتين إلى الحوادث المميتة التي يتسبب فيها الطريق نتيجة ضيقه وكثرة منعطفاته الخطرة ووجود حفر في منتصفه، أحدثتها الأمطار والسيول، فضلا عن عدم وجود مصدات. وطالب الأهالي عبر «عكاظ» بوجود مصدات وحواجز كحل بديل لهذه الطرق الضعيفة، التي من الصعب جعلها طرقاً نموذجية بسبب التضاريس الجبلية. ثمن إصلاح ما تفسده الطرق وأوضح المواطن عبدالله الفيفي أنه بالنسبة لطرق فيفاء، فهي «تفتقد لأقل مقومات السلامة المرورية وانعدام الرقابة؛ ما يشكل خطراً على حياة المواطنين وممتلكاتهم»، وأضاف: «لو قارنا ما يقوم بصرفه شخص يمتلك سيارة في أي منطقة من المملكة مع من يمتلك سيارة في فيفاء؛ فالفرق شاسع لكثرة اضطراره إلى إصلاح ما تفسده الطرق المتهالكة الممتلئة بالحفر، فضلا عن المنعطفات الخطرة، التي باتت تشكل هاجساً لكل سائق في المحافظة يخرج من منزله فيحمل همومها». وبين الفيفي أن الطرق تفتقر للوحات الإرشادية بالمنعطفات الخطرة، وأن عددا من الطرق في المحافظة سواء الرئيسية أو الفرعية، تخلو من اللوحات التحذيرية وتسمياتها؛ ما يوقع الكثير من زوار فيفاء في مشاكل. غياب المصدات وحكى أحمد عبدالله الحكمي قصة حادث مروري هوى بعائلة مكونة من ستة أشخاص وخادمة إلى ما يقارب 262 متراً، مشيرا إلى أنهم كانوا في منعطف خطر وأمام هاوية تقارب نصف كيلومتر، لكن عناية الله كانت أقرب ونجاهم الله جميعا، موضحا أن السبب الرئيسي للحادث، الذي وضع الأرواح على محك الهلاك ودمر المركبة الوحيدة، كان منعطف خطر مقابل هاوية ليس لها مصدات أو حواجز. غياب الواجهة السياحية للطرق وتُعتبر هذه الطرق من منظور المعلم عبدالعزيز الفيفي ذات أهمية كبيرة، وتخدم شريحة كبيرة من المواطنين من أهالي فيفاء، كونها تربط 18 قبيلة بنحو 80 ألف نسمة، ويسلكها مئات الطلاب والموظفين والسياح، حيث تحظى جبال فيفاء السياحية بطبيعة ساحرة؛ ما يجعل استغلالها سياحيا أمرا مهما، وليس بتدمير واجهتها الرئيسية، ألا وهي الطرق. شهادة زائر وأعرب سلطان شافعي، أحد زوار فيفاء بهدف السياحة، عن مدى سعادته بزيارة مثل هذه المحافظة التي تزخر بالطبيعة الخلابة، مبيناً أنها من أجمل الأماكن التي زارها، ويجب استغلال طبيعتها بما يخدم الأرض والإنسان، مضيفا أن الطرق فيها تصعب على الجميع سواء من داخل فيفاء أو من خارجها، ناهيك عن الخدمات الأخرى التي تفتقر إليها المحافظة بشكل عام. المحافظ ورئيس البلدية: عمل مكثف من جانبه، أكد محافظ فيفاء محمد الغزي لـ «عكاظ» أن العمل أصبح مكثفا في جميع المحافظة، سواء من حيث الطرق أو المشاريع الخدمية، مشيراً إلى أنها ستشهد نقلة نوعية في الأيام المقبلة بإذن الله. كما أوضح رئيس بلدية فيفاء الدكتور سالم منيف لـ «عكاظ» أن هناك مجموعة من المشاريع بالبلدية منها ما هو تحت التنفيذ ومنها ما هو تحت الدراسة، لتوسعة العديد من الطرق بالمحافظة وتعديل المنحنيات وعمل الحمايات اللازمة لها وإنارتها، إضافة إلى فتح طرق جديدة ونزع ملكيتها وتنفيذ مسارات بديلة لتسهيل الحركة المرورية للمواطنين.